صَدَقَ ناصر قنديل..روزانا رمال

صَدَقَ ناصر قنديل

قبل هذا اليوم كان الحديث عن التسوية السياسية للازمة السورية ممنوع و مستحيل و يكاد يكون هرتقة...
قبل اليوم كان التطلع الى اسقاط الرئيس الاسد و التوقيت و العد و الخطط العسكرية هي ما يترقبه العالم لسوريا ..
قبل ثلاثة اشهر بالتحديد كان الكلام غير هذا الكلام ...و الميدان غير هذا الميدان ...و القلق غير هذا القلق ...و التحليل غير هذا التحليل ...و وجوه المحللين السياسيين غير هذه الوجوه من الطرفين ..
قبل ثلاثة اشهر خرج علينا النائب اللبناني السابق ناصر قنديل و هو رئيس شبكة توب نيوز الاعلامية بعد تنازلي قوامه 100 يوم كاد يجزم فيه ان الوصول و اقتناع الغرب بوجوب التسوية السياسية وطرحها تمهيدا للدخول في فلكها سيكون في ختام هذا العد التنازلي
سألناه منذ البداية ما هو هذا العد؟ .. قال انه المئة يوم الاولى من عمر ولاية اوباما الثانية ..
قلنا ما فائدة هذه المئة يوم الاميريكية ؟ قال انها الاهم و الادق في رسم سياسات الرؤساء الاميريكيين و تدل على شكل المرحلة المقبلة و فيها ترسم السياسة العامة و توضع الخطوات الاولى في الاستراتيجيات و توضح الصورة التي سيرسم فيها ولايته ..
نعم ...الرئيس اوباما سيستخدم بهذه المئة يوم و سيناور و حلفاءه بكل الخطط و سيحاولون طرح اعلى سقف للضغط و التدخل لاسقاط الاسد و للضغط على ايران بخصوص النووي و ضغط روسيا بشان الدرع الصاروخية و غيرها لكن بعد المئة يوم هذه الرئيس الاميريكي و كل رئيس اميريكي مطالب بعناوين للمرحلة المقبلة و عليه ان يكون رسمها في المئة اليوم الاولى من عمر ولايته
ثقة زائدة من قنديل وصلت لحد الادعاء و المباهاة بالنفس حسب وصف بعض المحللين الذين اصروا ان هذا العد غير واقعي و لن يوصل لتغيير واضح لان الازمة طويلة قد تستغرق سنون و كان منهم اصدقاء تعجبوا كيف يضع سياسي مثله و محلل سياسي رصيده و تاريخه كمن يلعب لعبة "سولد" ...
نعم قبل هذا اليوم و قبل ثلاثة اشهر كان العالم ينتظر بفارغ الصبر اسقاط حلب و حمص و يراقب محاولة دخول دمشق من قبل المسلحين ..
و في وقت وضع العالم عدا تنازليا لسقوط الاسد وضع ناصر قنديل عدا تنازليا لتقدم عسكري ياخذ الى نهاية وحيدة هي الحل السياسي الذي ستلجأ الى المطالبة فيه الولايات المتحدة قبل روسيا فهم سيركضون الى الحل السياسي بعد انقضاء هذه المهلة حسب قنديل ... و كان ما كان و هذا فعلا ما يحصل اليوم ...
كان الحديث عن الحوار و الحل السياسي عبثا و كان المحللون السياسيون الموالين للاسد يتأرجحون و هم كثر بين متيقن بنصر الجيش السوري و بين من يلجأ بتحليله الى انه في نهاية المطاف يمكن لسوريا شن حرب اقليمية تنتصر فيها كنوع من هروب المحلل من المجهول و من اليقين بقدرة الجيش السوري على مواصلة القتال و عدم التفكك .. فتكون الحرب الشاملة حلا لها .
ليس تشكيكا بهم انما لصعوبة معرفة الى ما ستؤول اليه الامور بالتحديد و ليس ضربا لمصداقيتهم فهم صادقون في حبهم للاسد و المقاومة انما لصعوبة الموقف و المشهد و المأزق فهذه حرب كونية على سوريا بمحافظاتها جميعا و لا عالم بالغيب الا الله و لو كابر المتكابرون و رفض الرافضون
لا يسعنا سوى الوقوف عند نهاية هذا العد اليوم فهذا الامر الذي شكل سابقة في دورة التحليل السياسيو لم نشهد خلال دراسة فنون التحليل في الجامعات سياسيا او محللا غربيا او عربيا خطى هذه الخطوة او ووضع اسسا للانطلاق بالتحليل

هذه القدرة على قراءة الغرب و طريقة تفكيرهم و توقيتهم عملا بمبداء انك اذا اردت ان تعرف ما ستؤول اليه الامور و كيف يتصرف حلفاء الولايات المتحدة عليك ان تتظر الى توقيت ساعة الولايات المتحدة و ليس اي توقيت اخر فالرؤوساء ملزمون بتنفيذ خطة خارجية و استراتيجية بظرف زمني معين و هم مطالبون امام الداخل و الكونغرس بنتائج ملموسة فلا تنفتح الاحتمالات الى ما لا نهاية ...كانت لافتة جدا..

الحديث هنا لا يشمل فقط سوريا او الازمة السورية فبالتاكيد المئة يوم من عمر الرئيس الاميريكي لا تتعلق بسوريا فقط لان هناك عدة قضايا داخلية و خارجية عليه ان يحقق فيها اكبر قدر ممكن من انجازات تعود بالفائدة على الدولة الاميريكية . عليه ان يجد حلولا فيها للامور العالقة قبل نهاية الفترة يتخذها الرئيس الاميريكي كتصميم للسياسة التي سيسلكها بالولاية كاملة ..
كان على الرئيس الاميريكي باراك اوباما لدى استلام ولايته الثانية او بالاحرى كان المطلوب منه التوصل الى خيوط للحلول او الى رؤى واضحة يقدمها للولايات المتحدة حول تصوره الى الحلول التي ستحقق مصلحة للولايات المتحدة الاميريكية و بناء عليها ستبنى العناوين العريضة من ولاية باراك اوباما ...
كانت ثلاثة اشهر نشهد فيها تغلغل للمسلحين في المحافظات الرئيسية و كانت صورة قاتمة جدا و الحل غير واضح المعالم و لو كابر المتكابرون فلم يستطع احد ان يحدد يومها زمن او مدة زمنية محددة تدخل فيها الازمة السورية في فلك الحديث عن حل سياسي الذي اصبح اكثر الاحتمالات وقوعا اذا لم نقل اتفق على سلوكه ...
صحيفة الواشنطن بوست الاميريكية في عددها الصادر اليوم اي في اليوم 99 من ولاية اوباما الثانية تنقل عن مسؤولين بالادارة الاميريكية ان المفاوضات السياسية ما زالت الخيار المفضل للتعامل مع الازمة السورية ..
من جهته و بالامس اكّد السيد نصرالله ان الميدان السوري باحسن احواله لجهة النظام اكثر من اي وقت مضى و ان المقاومة جاهزة للرد بحال تدهور الاوضاع لكنه قال ان لا حل سوى الحل السياسي و الاهم استخدامه عبارة وجهها للداخل اللبناني و الخارج ...انتهى وقت التمنيات ..
هذا الخطاب كان الوحيد الذي حمل تفصيلا و مواقف من حزب الله بخصوص الازمة السورية فمن يراجع خطابات نصرالله السابقة خلال ازمة سوريا يجد انها لم تكن بهذا الوضوح و التفصيل و ربما كان ذلك يدل على دقة المرحلة السابقة و خطابه اليوم يدل على ارتياح شديد عند حزب الله اوصل السيد نصرالله لاعلان جهوزية حزب الله للقتال على ثلاث جبهات : داخلية – و مع اسرائيل – و التدخل دفاعا عن سوريا في توقيت واحد ...
لكن الاهم ...ان السيد نصرالله اشار ان هناك روؤساء عرب قابلو الرئيس الاميريكي منذ ايام و طلبو منه التدخل في سوريا لان الجيش السوري سيسحقنا نهائيا خلال 5 اشهر ...
نعم قبل المئة يوم لم يكن الجيش السوري بالنسبة للعرب و شركاء الحرب على سوريا و الولايات المتحدة قادرا على السحق و الحسم ام اليوم فهم يناشدون الحلول ....و ليس امام الرئيس اوباما سوى امرين اما التدخل بحرب و اما التدخل بتسوية سياسية تحفظ حصتهم ...و المعطيات اليوم تشير الى ان اوباما قرر الحل السياسي الذي يعتمد على مقررات و بنود جنيف ..و كان الاتصال بين اوباما و بوتين و اعلان الكرملين الرسمي له مساء 29 ايار 2013 خير دليل على الدخول في فجر جديد قوامه الحل السياسي ...
هل نقول صدق ناصر قنديل ؟
نعم نقولها فلا بأس من الاعتراف ...
صدق ناصر قنديل واصبح للعرب " محمد حسنين هيكل" جديد و بعد هذا العد و التحدي لا لا عدالة في مقارنة السيد قنديل بباقي المحللين فهو عند العرب اليوم حجز مقعدا دون ان يقصد وضعه بمرتبة كبار المفكرين و محللي سياسات كبرى دول العالم ليس بين العرب بل على صعيد دولي فقد قد تخطى بمسافة بعيدة محليلين اجانب و اميريكيين و بريطانيين كنا قد تابعنا كتاباتهم خلال الازمة بدقة تنبؤاته و بدقة تحليلاته في كل يوم و اسبوع من هذه المئة اليوم الصعبة ...
مئة يوم صعبة و عصيبة و مقلقة و ساذيع سرا انني لم اكن اصدق ان انفراج ما سيحصل على خط الازمة السورية خلال مئة يوم فقط و لم اكن اصدق ان الولايات المتحدة خصوصا بعدما شهدنا من تعرقل للحلول عندما كانت هيلاري كلينتون في حقيبة الخارجية قبل تعيين كيري لم اكن اصدق ان الولايات المتحدة ستتقبل فكرة الحل السياسي او حتى تطرحها و ها هي اليوم نراها تحث وزيرا خارجية روسيا و الولايات المتحدة الى تكثيف الاتصالات فيما بينهما للوصول الى تسوية ...
اعذرني يا سيد قنديل فانا لم اكن اصدق ان مئة يوم قادرة على قلب معادلة الميدان و انها كفيلة باخذ الامور تدريجيا نحو السياسة فالاجرام و حجم الارهاب كبير و المؤامرة على سوريا اكبر ...
اما اليوم ... فنعم انت صدقت .. فلنهنئ انفسنا كعرب بمفكر كبير مثلك اخذ على عاتقه كل تاريخه السياسي و صدق ...
صدق ناصر قنديل ...و بمئة يوم عصيبة تربع على صدر مفكري السياسة و محللي الاستراتيجيات الكبرى حول العالم ...

» على حزب الله ان يحذر -روزانا رمال
» تهديدات بوتين - روزانا رمال
» اوباما مختلف !!! روزانا رمال
» نهاية الامبراطورية - روزانا رمال
» بوتين ولافروف ثنائية - روزانا رمال