سيؤرخ تاريخ الولايات المتحدة الاميريكية ان رئيسا يدعى باراك اوباما قد مر عليها مرورا لا يشبه مرور اسلافه من رؤساء تاريخ اميريكا الحديث و سيسجل له ان استطاع التفرد و اتخاذ اجرأ القرارات او الخطوات و بانه رئيسا اميريكيا فريدا بدأ بكونه اول رئيس اسود لاميريكا وصولا الى ما يمكن ان تنتهي عليه ولاياته من فتح ابواب مغلقة و ربما مسدودة و مد يده لاعدائه و ربما خصومه .
حجز باراك اوباما و ادارته معا مقعدا هاما للحزب الديمقراطي الاميريكي ايضا في اذهان الاميريكيين فقراراته الجريئة تخطت ما كان من الممكن اعتباره عاديا بالنسبة لعلاقات بين دول طبيعية .
بعد 50 عام من المقاطعة الرسمية بين الولايات المتحدة و كوبا و من دون اي ايحاء او تمهيد اعلن الرئيس الاميريكي باراك اوباما مرحلة جديدة من العلاقات الطبيعية مع كوبا مؤكدا ان السياسة " الجامدة " عفا عليها الزمن و قد فشلت فيما مضى في ان يكون لها تاثير على كوبا .
يعترف اوباما اذا بفشل اسلافه و بجمود سياساتهم تجاه كوبا و التي لم تفلح اكثر من 50 عاما في تغيير اي شيء , لم يبالي اوباما بكلام رئيس مجلس النواب الاميريكي حول الخطوة بوصفها تشجيع الدول المؤيدة للارهاب .. و كاسترو اكد بدوره بعد حديث هاتفي مع اوباما ان الولايات المتحدة تنوي تطبيع العلاقات مع الدولة التي ناصبتها العداء لأكثر من نصف قرن حسب قوله .
المشهد الفريد لا يقتصر على موقف اوباما من كوبا بل موقفه الجديد تجاه ايران " خامنئي " او ايران ولاية الفقيه حسب تعبير خصومها و هي الداعم الاكبر للارهاب بالنسبة للغرب و بالاخص الاميريكيين منذ قيامها كدولة اسلامية "شيعية "
بادر اوباما الى ارسال رسائل الى مرشد ايران السيد علي خامنئي حيث احدث ضجيجا في الوسط السياسي الاميريكي بعد ما اثبت البيت الابيض صحتها ليتبعها تصريحات ايجابية نحو ايران ترجمت انفتاحا نحو حل الملف الايراني سلميا و ايجابيا مع الاتحاد الاوروبي و الدول الكبرى .
استطاع اوباما اقناع الشعب الاميريكي ان الحوار مع ايران ليس خطيئة كبرى و ان الاميريكيين و الايرانيين لن يتقدموا في اي بحث في الشرق الاوسط دون اللقاءات المشتركة فكان الملف النووي مقدمة .
الخطوة تجاه كوبا و الخطوة تجاه ايران الانفتاحيتين و ان صورت انتصارا لكل من ايران و كوبا الا انهما ايضا لم تكن لتحصلان لولا وجود اوباما في سدة الرئاسة الاميريكية متسلحا بصلاحيات واسعة يمنحها الدستور الاميريكي للرئيس الاميريكي و تتعلق باتخاذ القرارات المصيرية في سياسات البلاد .
بالرغم من ان الظروف تغيرت و لم تعد جميعها تصب في مصلحة الاميريكي و بالرغم من ان ايران وعلى سبيل المثال استطاعت ان تثبت بصمودها و مواجهتها العقوبات الاقتصادية انها دولة مستقلة قادرة على فرض معادلتها في المنطقة الا ان هذا لا يمكن ان يكون عاملا وحيدا في تغيير الوجهة الاميركية نحو ايران بدليل ان التقارير الاميريكية تشير الى انه لو لم يكن اوباما رئيسا للبلاد و ممثلا عن الحزب الديمقراطي لما كان قد تصرف رئيس الحزب الجمهوري بنفس الطريقة او سلك هذه الطرق المجهولة التداعيات على الولايات المتحدة و لو كانت بظاهرها انفتاحية و ايجابية .
اختلفوا معه في السياسة جذريا او اتفقوا اثبت باراك اوباما انه مختلف .