أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس أن مواصلة سياسة العقوبات الأميركية والأوربية بحق روسيا تكاد تبلغ مرتبة الحرب لإسقاط روسيا إقتصاديا ، وأن روسيا ستجد نفسها مضطرة لإتخاذ إجراءات رادعة ضد سياسة العقوبات ما لم تتم إعادة النظر بها سريعا .
كان بوتين قد أطلق في الجمعية العامة لبرلمانات دول روسيا الإتحادية التي تضم واحدا وعشرين جمهورية أبرزها داغستان وموردوفيا والشيشان و إنغوشيا ، الدعوة لعفو مالي عام عن كل الرساميل الملاحقة قضائيا بجرائم الفساد والتبييض والتهرب الضريبي في حال عودتها لدول الإتحاد .
لم يصدر العفو بعد ولم يوضع قيد التطبيق ، ولا يبدو انه سيتأخر كثيرا حسب المصادر المالية الروسية التي تعتبره أهم تدبير لحماية النظام المصرفي الروسي الذي يتكبد بسبب نزيف الرساميل خسائر فادحة ليطبق معايير غربية على الودائع بينما مصارف الغرب تتلقف الرساميل المهاجرة نفسها في أغرب و اوسع عملية لتبييض الأموال حتى صار المال الروسي المسمى بمال المافيا يشكل أحد ابرز مصادر الأموال النقدية في نيويورك ودبي وقبرص وجنيف ، وهذه الرساميل تقارب وحدها الثلاثة تريليون دولار بينما يقدر المتوقع عودته بعد العفو إلى دول الإتحاد الروسي بتريليون دولار .
الإجراءات الرادعة تبدو من نوع آخر في ذهن بوتين ، وقد تطال كما تقول مصادر غرف التجارة والصناعة في موسكو ، الضوابط التي تلتزمها روسيا على الرسوم الجمركية وحرية التجارة منذ إنضمامها إلى منظمة التجارة العالمية العام 2011 ، حيث تقول المصادر أن بوتين سيلجأ لتدابير تقيد حركة الإستيراد للسلع الغربية وحمائية للإنتاج الروسي المحلي ، يسميها ضريبة دعم البحوث العلمية وحماية البيئة ، ووفقا لتشريع يعتبر أن المنافسة التي تمثلها البضائع المستوردة من الدول الغربية للإنتاج الروسي ناتجة عن الدعم الحكومي في الغرب لحماية البيئة والبحث العلمي ، وهو ما لاتستطيع الحكومة الروسية مجاراته ويجب تمويله من ضريبة مضافة على كل السلع المستوردة من الغرب للإرتقاء بالمعايير البيئية في روسيا و تشجيع البحوث العلمية .
التدابير في الحصيلة ومهما كانت تسميتتها سترتب تخفيضا في فاتورة الإستهلاك الروسي من المستوردات إلى النصف تقريبا ، وتعني وفرا يزيد عن مئة مليار دولار من إنفاق العملات الصعبة سنويا أي ما يعادل ويعوض الخسارة المتربة على الدخل الروسي من عائدات النفط والغاز بفعل حرب الأسعار التي يشنها الغرب على سعر النفط و جعلت برميل النفط يهبط من المئة دولار إلى ما يقارب الستين دولارا ليصيب روسيا قبل أي أحد آخر بخسائر جسيمة.
بوتين ينفذ تهديداته ، وهذا ما يعرفه الغرب جيدا ، فقد سبق خلال هذا العام أن هدد ثلاثة مرات على الأقل ونفذ ، هدد السعودية بالرد على تفجيرات فولغوغراد التي نفذها جهاديون مدعومون من السعودية مطلع العام ما لم تتراجع السعودية عن دعمها لإرهابيي الشيشان ولم يعلق التهديد حتى حمل له بندر بن سلطان رسالة رسمية من الملك السعودي تتعهد بذلك .
هدد بوتين بوقف إمدادات الغاز عن اوروبا ما لم تتوقف عن دعم تصعيد حكومة كييف في الأزمة الأوكرانية وفعل .
هدد بوتين بسحب أي مشاركة في الحل الأوكراني إذا إستمر الحديث الغربي عن مفاوضات لإعادة شبه جزيرة القرم إلى أوكرانيا ووصف القرم بأقصى وقيامة وهيكل الروس فتوقف الحديث عن القرم .
العقوبات الغربية ضد روسيا تدخل اللحظة الفاصلة بين حرب إقتصادية تخلف الحروب العسكرية والأمنية التي تدخل زمن التسويات أو بنسف التسويات كلها أو ربما تفتح الباب لتفاهمات ربع الساعة الأخير .