حيث مرت أمريكا 8 – رافت حرب

حيث مرت أمريكا 8 – رافت حرب

كما أنّ أمريكا قد خبرت منطقتنا من شدة التحديق والمراقبة، وجب علينا مراقبتها والتحديق في مجرياتها الداخلية، علنا نستشرف ما هو قادم إلينا منها.

الإنتخابات الأمريكية، علامة فارقة هذه المرة، من شدّة ما سمعنا ورأينا حولها من علامات لا بدّ من التمحص فيها ودراستها!

لماذا آختار الشعب أوباما بدلا عن رومني؟ كيف لأوباما أن يفوز بهذا الفرق الكبير؟ وما هي الإستخلاصات المنطقية مما جرى في أمريكا في الآونة الأخيرة؟؟

ليس جديدا علينا، أن نعلم أنّ الديمقراطيين في أمريكا، وإن آلتزموا دائما دعمهم للعدو الإسرائيلي دون حرج أو تردد، أنّهم يميلون إلى سلوك أكثر بعدا عن خوض الحروب، خاصة بعدما جرى في العراق، وآنطلاقهم لمحاربة بوش سابقا إنتخابيا، على أساس فكرة وجوب الخروج من العراق بأسر وقت، وهذا ما نفذه تلقائيا "أوباما" بعد وصوله للرئاسة.

قريبا يخرجون من أفغانستان، وقد حددوا موعد الخروج في 2014، وهو مظهر من مظاهر العقلية الموجودة لدى الحزب الديمقراطي في أمريكا.

أما ما حصل في حملة أوباما الأمريكية مؤخرا، فهو الأهم. هو الإنعكاس الطبيعي للهزيمة في العراق، والهزيمة في أفغانستان التي ستنتج الخروج النهائي منها قريبا، والتراجع السياسي والإقتصادي أمام المارد الصيني-الروسي عالميا، والصيني-الروسي-الإيراني في المنطقة.

أوباما يعد ناخبيه في حال فوزه، أنّه سيعمل على تقليص آعتماد أمريكا على النفط الخارجي.

هذه عبارة لا نمرّ عليها مرور الكرام، ولا تقرؤها عقولنا بسطحية أو عدم آكتراث، إنّما هي دلالة إستراتيجية وواقعية، على آنتهاء حلم الإمبراطورية الأمريكية الهزيلة، مع كل علامات الإستفهام التي ستصعق الكيان الإسرائيلي ودول الخليج المراهنة على أمريكا.

إذا، ليست سياسة أوباما فقط الإبتعاد عن الحروب والمزيد من التقدم خارج حدود الوطن، بل هي سياسة تراجع أمريكية إلى داخل الحدود وذلك لعدة أسباب:

_ الويلات التي تلحق بالجيش الأمريكي، سمعة وخسائرا، بسبب آنتشاره العسكري المحتل في بلدان العالم.

_ غرق الولايات المتحدة في المشاكل الإقتصادية وآنهيارات متلاحقة كل سنة لبنوك ومؤسسات تجارية كبرى، مع ما يرافق ذلك من زيادة في البطالة الناجمة عن صرف الموظفين، مما يجبر الإدارة الأمريكية للإنكفاء خارجيا وبالتالي تحويل الميزانية التي تصرف على القواعد والمشاريع والتواجد الخارجي إلى الداخل الأمريكي.

أيضا، لفوز أوباما الكبير، دلالة سياسية تظهر الدعم الدولي، فبعد الإجتماع الأخير بين أوباما وبوتين، وآتفاقهم على رؤية مشتركة للحل في سوريا بعد الإنتخابات الأمريكية، عُلم أنّ روسيا ماضية في دعم أوباما إنتخابيا للحفاظ على هذا الإتفق مع الإدراة الأمريكية المتمثلة بالديمقراطيين.

هذا ونؤكد للجميع، أنّ كل من يهبط علينا بتحليل سياسي عبقري، مفاده أن الحكومة الإسرائيلية بشخص نتنياهو، كانت تريد لأوباما الفوز، لا يرمي علينا إلا غباء لا نفع منه ولن نقتنع به.

إنّ دور أوباما والديمقراطيين الذي كان "مؤدّبا" لإسرائيل في السنين الماضية، والمؤكّد على أنّ أيّ إعتداء على إيران لن يتم إلا بقرار أمريكي صرف، كان مزعجا للإسرائيليين.

طبعا مع العلم أنّ الديمقراطيين ما زالو يحذرون منذ سنين من ضرب إيران، ويشرحون للعالم تأثير هذه الضربة الكارثي على العالم وعلى أمريكا أولا، وهذا أكثر ما كان يزعج إسرائيل دون شك.

إذا، نصر أوباما، ليس إلا تقدما للروس والصينيين، ودلالة على رغبة الشعب الأمريكي بالتوجه سياسيا نحو الداخل والكف عن التدخل بشؤون الآخرين وتحمل الخسائر بالمقابل، ونكسة إستراتيجية لإسرائيل ودول الخليج العربي، فيما لو نجح أوباما بتقليص الإعتماد الأمريكي على النفط الخارجي، الذي يُقصد منه أولا وأخيرا النفط العربي الخليجي.

فدور الخليج سيساوي صفرا عند تقلص آعتماد أمريكا على النفط الخليجي، ومع تضاؤل دور الخليج، سيتقلص دور إسرائيل بالنسبة للغرب وبالتالي آهتمام الغرب بها، لأن إسرائيل تمّ إيجادها لتكون الشرطي المؤدب لدول الخليج في حال عصيان إحداها، فأن آنتهى دور النفط الخليجي، بما تنفع إسرائيل بعد؟؟؟

» بداية الإنكفاء- رافت حرب
» أعراب أمريكا.. ها قد تجلت عوراتكم النتنة وأكدتم أن بشار الأسد المقاوم سيدكم ياعبيد أمريكا.. بقلم: د. يحيى ابوزكريا
» الكمين الأكبر تاريخيا - رافت حرب
» صبر أيوب الذي لم يُبقي شيء...بقلم : رافت حرب
» ما لا يريد أن يفهمه البعض عن حزب الله – رافت حرب