ما لا يريد أن يفهمه البعض عن حزب الله – رافت حرب

ما لا يريد أن يفهمه البعض عن حزب الله – رافت حرب

منذ آنطلاقة حزب الله في بداية الثمانينيات من القرن الفائت، بدأت تُطرح الكثير من علامات الإستفهام حول إيديولوجية هذا الحزب، فكره وعقيدته وأهدافه، ففهمه البعض وبقي البعض الآخر يعاديه أو يلومه، لأنه لا يريد أن ينظر جيدا وأن يصغي جيدا لحزب الله، أو ربما لأنه لا يريد أن يفهم حزب الله كي لا يترتب على هذا الفهم خسارات في علاقاته الدولية.

منذ الإنطلاقة، عرّف حزب الله نفسه بثلاث كلمات لم يبدّلها حتى، ليكون له تعريف واحد لا ثاني له: حركة إيمانية جهادية.

هكذا يفهم حزب الله نفسه، وهكذا يريد للآخرين أن يفهموه، لذا نريد أن نوضح النقاط التالية:

إنّ حزب الله هو حركة إيمانية جهادية مقاومة، هدفها دحر الإحتلال وحماية لبنان من العدو الإسرائيلي، وبالتالي يكون هذا الحزب، حركة مقاومة عسكرية لها فرع سياسي أو فرع يعمل في السياسة، هدفه حماية هذه المقاومة العسكرية التي يمكن أن يتهددها الكثير من الأخطار من السياسة والسياسيين في لبنان، وليس العكس. أي إنّ حزب الله، لم يكن يوما ولن يكون، حزبا سياسيا يبغي السلطة كباقي الأحزاب، وله وجه عسكري.

على الإطلاق، ليس الأمر كذلك.

قد يرفض البعض هذا الكلام، بحجة أن الحزب مشارك في عدة حكومات، ومشارك للحكومة الحاكمة حاليا أيضا، إلا هذا الكلام يفتقد لمنطق كنا قد صرحنا عنه.

إنّ وجود الحزب في الحكومة أو في المجلسس النيابي، هو ليس إلا مظهر من مظاهر الوجه السياسي الذي تكلمنا عنه والمعني بحماية السلاح المقاوم. نعم، إنّ حزب الله مسؤول عن وزاراته، وإنّ أيّ تقصير في العمل الوزاري ضمن الوزارات التي يحكمها وزراء في حزب الله يحق للشعب أن يسال الحزب عليه، أما أكثر فلا.

إنّ كمية الخطر الذي يأتي من العدون، يجعل الحزب يرتب أولاوياته، بطريقة تمنع عنه الخلافات والنزاعات الداخلية، لكي يبقى متفرغا للعدو، وأما العمل السياسي فهو فقط لعدم السماح للعدو بتحقيق أنجازات مع متآمرين في الداخل عن قصد أو غير قصد.

هذا السوء في الفهم، وقع به القريب والبعيد، الخصم والحليف والناصر والعدو.

يروي السيد حسن نصر الله في إحدى الجلسات الخاصة البعيدة عن الإعلام، ما كان يحدث معه منذ بداية تأسيس الحزب وبداية تدريب الشباب لمقاومة العدو فيقول: عام 1986، وقفت إمرأة أمامي مع العديد من النساء، وطالبتني بوضع حد لقطاع الطرق في البقاع والمعتدين على الناس والسارقين، فكنت أجيبها كما أجيب أهلنا وشعبنا اليوم، نحن في حزب الله مهمتنا هي قتال إسرائيل، وليس حفظ الأمن، فحفظ الأمن وملاحقة الفساد مهمة الدولة اللبنانية، نحن لسنا الدولة في لبنان.

بالمختصر، على من يؤمن بحزب الله كحزب مقاوم، ومن لا يؤمن بذلك، أن يفهموا جميعا، أنّ حزب الله ليس دولة في لبنان، ولا ينوي أن يكون كذلك في يوم من الأيام، مهمته هو إدارة شؤونه الداخلية لقتال العدو بأفضل مستوى ممكن.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الحزب ما آستعمل سلاحه يوما، لحماية المطلوبين من القضاء اللبناني، بل على العكس، سلم من قتل أبنائه ومجاهديه من العملاء إلى الدولة اللبنانية وإلى القضاء اللبناني، فحتى إن كانت الدولة في لبنان غير قادرة على حماية الجنوب، هذا لا يعني أن الحزب لا يعترف بهذه الدولة في المطلق، وأخذه مهمة الدفاع عن الجنوب على عاتقه، لا يعني أنّه أخذ على عاتقه أيضا، حلّ مشكلة الكهرباء والمياه، وملاحقة الفساد ومعاقبة المفسدين، وتأمين فرص العمل وزيادة الأجور، إنّ من يحمّل هذه المسؤوليات للحزب هو ناكر للجميل مدّع للفهم بعيد عنه في الواقع.

إنّ آتخذ حزب الله القرار بمعاقبة الحلفاء، وملاحقة المخلين بالأمن في مناطقه، وحل المشكل الأقتصادية، صدقوني عندها، سيصبح شغل الحزب الشاغل، كلّ شيء إلا قتال إسرائيل، وعندها، سترون إسرائيل تزورنا مجددا في الجنوب، فتقتل من تريد وتحتل ما تريد.

أنا فقط أتأمل من كل من سيقرأ هذا الكلام، أن يتفكر فيما قلت، وأن يتذكر دائما، أن حزب الله لا يُسأل إلا عن تقصير في وزاراته إن حصل، أو عن تقصيره في المقاومة للعدو، والسلام.

» "الثورة السورية" المزعومة... بين استثمار البعض وأوهام البعض الآخر
» "الثورة السورية" المزعومة... بين استثمار البعض وأوهام البعض الآخر
» اسرائيل: حزب الله يريد فتح معركة موجعة معنا
» الكمين الأكبر تاريخيا - رافت حرب
» صبر أيوب الذي لم يُبقي شيء...بقلم : رافت حرب