المعارضة بالتشظي ...بقلم : سعد الله الخليل

-

المعارضة بالتشظي ...بقلم : سعد الله الخليل Thمعارضة%20التشظي-20120922-145310

المعارضة بالتشظي بقلم : سعد الله الخليل

فيما استغرب الكثير من متابعي الشأن السوري ما تشهده المعارضة من إنقسامات وإنسحابات لأطراف عدة من مكوناتها، يدرك المتابعين والعارفين بخفايا التركيبية والإيديولوجية والفكرية لها، ولظروف تشكيل التيارات المعارضة منطقية الخطوة بل ويتوقوعنها قبل أي استحقاق.

وفي وقت بدا واضحاً إخفاق المعارضة الخارجية المتمثلة بمجلس إسطنبول بالتغلب على خلافاتها الإيديولوجية، وأهدافها الإستراتيجية وتناقضاتها السياسية، وفشل مشروع من جمعها لأداء دور التحضير واستدعاء الحرب على سورية.

بدأ الخلاف واضحاً منذ المحاولات الأولى لتشكيل المجلس في اسطنبول، وإذا ما تمكنت القوى الغربية والعربية من ضبط الخلاف لتمرير تشكيل المجلس فإن الممارسة العملية كشفت الخلاف في الرؤية والأهداف والسلوك والمرامي، لمكونات مجلس يجمعها فقط الكره للقيادة السورية والرغبة في إعتلاء المناصب. نقاط الإلتقاء تلك غير كافية للسير بعمل سياسي موحد،خاصة وأن الفصيل الرئيسي للمجلس والعمود الفقري الفاعل فيه جماعة الإخوان المسلمين، والمعروف عنها تفردها بالرأي وسعيها للسيطرة على من حولها، فبدت باقي مكونات المجلس مجرد ديكور للإيحاء بتنوع إثني طائفي، يوحي بتشكيلة علمانية لضعف علاقاتها السياسية، ومحدودية تمثيلها على الأرض.

وإذا ما أضفنا اختلاف المرجعيات السياسية التي تتبع لها تلك الجماعات من دول عربية وغربية، وأجهزة إستخبارات كشفت علاقتها بها منذ بداية الأزمة السورية، فالخلاف سيكون سيد العلاقات بين جماعات تحاول أن تظهرهه كإختلاف يقود لغنى في الأفكار، وما شهدته مؤتمرات إسطنبول والقاهرة من مشاحنات وصلت لمرحلة التقاذف بالكراسي والأحذية، سوى صورة لما يعاني منه المجلس من خلافات في العمق السياسي.

في المقلب الآخر تشهد الساحة معارضة الداخل السوري نشاط لتيارات وأحزاب وقوى معارضة ولجان حراك وتنسيقيات، ضمن تكتلين بارزين هيئة التنسيق وإئتلاف قوى التغيير السلمي، ولا يخفى على متابعي الشأن السوري حالة الخلاف بين التكتلين، فالهيئة التي ما زالت تصر على إحتكارها العمل المعارض، تطالب كل التيارات بالعمل وفق رؤيتها بل وتتهم باقي الأطراف المعارضة بالمعارضة الشكلية، والتبعية للقيادة السورية بل ووصلت لمرحلة وصف الإئتلاف وقواه بأنه صنيعة القيادة، وهو ما باعد المسافات بين التكتلين، ظهر بشكل واضح بتغييب الهيئة قوى الإئتلاف عن مؤتمر المعارضة المزمع عقده في 23 من الشهر الحالي، فيما دعت أحزاب وتيارات لمؤتمر شامل لمعارضة الداخل يجمع كل الأطراف، يقوم على أساس منع التدخل الأجنبي ورفض العنف، بمشاركة هيئة التنسيق والقوى المشاركة بمؤتمر الغد، حيث وافق 24 حزب وتيار وتنسيقية على الدعوة، فيما ترفض الهيئة أي دور لتلك الأحزاب بالمشهد المعارض، وهو ما دفع قسم كبير من المعارضة لإتهام الهيئة بالإقصاء، وممارسة دور توزيع صكوك المعارضة والوطنية على باقي الأحزاب، وهو ما يعيد المعارضة برأي فرقاء عدة لعهد الحزب الواحد المتفرد برأيه، وهو مبدأ مرفوض في السلطة فكيف بالمعارضة.

بالنظر لمسيرة هيئة التنسيق التي تأسست بحزيران العام الماضي أي بعد أربعة أشهر من بداية الأزمة، والتي تضم عدة أحزاب مختلفة المشارب الفكرية شيوعية وناصرية واشتراكية، جمعتها الأزمة فيما فرقتها الممارسة السياسية، وتباينت تصريحات قياديها من مشرع أبواب التدخل الأجني لرافض له، فيما أعلن بعض قياديها دعمهم للعمل المسلح وتأييد ما يسمى "الجيش الحر"، بالوقت الذي رفض البعض الأخر عسكرة الحراك، ووصلت الإزدواجية بمواقف الهيئة لإنضمام قيادي بحزب العمل الشيوعي بشكل علني لمجلس اسطنبول وللهيئة معاً، عدا عن دوره العلني بتهريب المسلحين والسلاح لمحافظة حمص إنطلاقاً من الأراضي اللبنانية.

جملة التناقضات السابقة وغيرها أدت لإنسحابات من الهيئة أخرها هيئة العمل الشيوعي، وهي حالة منطقية لأطراف جمعتها الأزمة بالصدفة وفرقتها الممارسة والإستحقاقات، ففي لحظة حسم الخيارات لا بد للأطراف من إتخاذ مواقف بناء على الوضع الراهن، والأحجام السياسية لتكتشف أن زواج المصلحة إنتهى أمام التحديات وإنسداد الأفق لإستمراره، والإنقسامات مرشحة للتزايد مع إقتراب أي استحقاق وقد لا يستغرب أحد أن يشهد مؤتمر الغد إنسحاب بعض أطراف هيئة التنسيق.

وبانتظار المؤتمر الثاني للمعارضة الذي تعد له قوى معارضة بعيدة عن هيئة التنسيق، تعول هذه الأطراف على إمكانية عودة الهيئة عن رأيها المتطرف حيالها بما يوحد معارضة الداخل، تمهيداً للدخول بحوار دعت إليه بعض أطرافها منذ الأيام الأولى للأزمة السورية، بما يضع حد لإراقة الدماء في سورية ويطلق عملية سياسية، تعري حاملي السلاح من أي شرعية سياسية في ظل غياب الشرعية الشعبية لهم في أغلب المناطق السورية، بما يسهل القضاء عليهم كظاهرة دخيلة على المجتمع السوري كإحدى مفرزات الأزمة.

وبين المؤتمرين تبقى الإرادة السياسية الدولية ومدى سعيها لحل الأزمة السورية البوصلة الرئيسية لأي تحرك على الساحة السورية الداخلية.

» أوباما... تعا ولا تجي بقلم :سعد الله الخليل
» كلام في الوطن بقلم سعد الله الخليل
» سمفونية الحوار والإصلاح بقلم : سعد الله الخليل
» إرتباك الأقوياء يفضح ضعفهم بقلم سعد الله الخليل
» الأردن شرارة تشعل سهلاً بقلم : سعد الله الخليل