كلام في الوطن بقلم سعد الله الخليل

كلام في الوطن بقلم سعد الله الخليل

فيما يعلو صوت الرصاص في سماء سورية التي يعشقها كل من يعرفها ،وتضيع الكلمات أمام صراخ لا يسمع فيه أي من أبنائها صوت أخيه، ثمة صوت خافت لا يستمع إليه أحد للأسف هو صوت الوطن وصوت الأرض، تلك الأرض التي لطالما دعت أبائها لسماع صوت العقل بدلاً من أزيز الرصاص ،والاستمتاع بعبق ياسمينها الدمشقي ،بدلاً من رائحة البارود فهل من يستمتع وهل من يستمع لصوت وطن ربى أبنائه ليكبروا ويكبر بهم ،فإذ بلعبة الموت تحصدهم الواحد تلو الآخر دون أن يرف لهم أي جفن ،أو يحسب حساب لأطفال وجدوا أنفسهم فجأة أمام شلال دم قضى على احلام طفولتهم ،وأصبحوا بالصدفة بلا طفولة وبلا بيت وبلا ......حاضر ولا مستقبل.
كم من السوريين البالغين الراشدين ممن تجاوزوا الثلاثين ،يستطيع قبل عامين تذكر خمسة أنواع من الأسلحة والذخيرة الفردية والمتوسطة والثقيلة بإستثناء سكين المطبخ ،واليوم أطفال سورية ممن لم يبلغوا الخامسة لا يتداولون غير حديث الدوشكا والبي كي سي والقناصة والقذيفة والسكود.
كم من الطفولة حرم منها فتيان حملو السلاح يوجهونه لقتل أبناء وطنهم بالسعر الزهيد ،وكم من الأطفال حملت السلاح ثأراً لقريب وغالي ،بتحريض إبالسة ومكار السياسة ومشعوذي الفتن وتجار الدين.
كم يحتاج من العطف والتأهيل طفل حمل سيفاً .... يظن أنه سيف الدين في حرب مقدسة ليقطع رأس قريب أقنع بالإكراه بعداوة لا ناقة له فيها ولا جمل ،سوى أنه وقع ضحية حقد أعمى قتل ما فيه من إنسانية قبل أن يجز رقبة إبن بلده.
وكم تحتاج من الحنان من وجدت نفسها بلا أب ولا أم ولا وطن ،يتكالب عليها ذئاب بثياب بشر لا هم لهم سوى إرضاء غريزة حيوانية ،بجسدها الغض وسط صراخ هيستيري رافعين شعارات الدين كذباً وبهتاناً.
الوطن أكبر من ملعب كرة قدم يفرغ فية الجمهور مكنوناتهم الداخلية دفاعاً عن أحد فريقين لا ثالث لهما ،تنتهي اللعبة بغالب ومغلوب حتى لو كلفت دماء اللاعبين ليهتف من تبقى ،ويصرخ رافعاً شارة النصر وهو خارج من الميدان ويداه ملطخة بدماء خصمه وحليفه وعدوه وحبيبيه.
الوطن عشق وفكر واختلاف وشارة نصر لكل أبنائه يرفعونها في ميادين العلم والفكر والفن والرياضة ولا شارة نصر في حلبة قتل وذبح وتدمير.
الوطن مرج شقائق نعمان تحكي قصة كفاح أبنائه لا بركة دم لتصفية الحسابات الضيقة، ما الذي يدفع زميل دراسة باختطاف زميلته ، فبعد أن تعاهدوا معاً على الدفاع عن أبناء الوطن فإذ به يفرد عضلاته على رقبتها لقتل روحها قبل جسدها .
قمة الإساءة للوطن أن نختصره بثنائية موالي معارض فهذا الاصطفاف الأعمى الذي يكرهه أغلب الشباب السوري ،بات يؤرق عشقهم لوطن لا انقسام فيه ولا اصطفاف يقتل الفكر والروح.
من يستمع لصوت الوطن وضميره يدرك أنه يعول على شباب لا يهابون عاصفات الأيام انطلقوا للبناء بمبادرات خلاقة ومحاولة مسح دموع السياسة والتفرقة ،وجيش أبى أن يترك أرضه عرضة للتجاذبات والمساومات ورفض بيعها في سوق النخاسة لأن مكانها في فردوس النعيم بل هي بحق كذلك.

» أوباما... تعا ولا تجي بقلم :سعد الله الخليل
» المعارضة بالتشظي ...بقلم : سعد الله الخليل
» سمفونية الحوار والإصلاح بقلم : سعد الله الخليل
» الأردن شرارة تشعل سهلاً بقلم : سعد الله الخليل
» إرتباك الأقوياء يفضح ضعفهم بقلم سعد الله الخليل