إرتباك الأقوياء يفضح ضعفهم بقلم سعد الله الخليل

إرتباك الأقوياء يفضح ضعفهم بقلم سعد الله الخليل

ما تشهده الساحة السورية من تسارع للأحداث ليس إلا انعكاس لحالة غليان سياسي، تكشف التصريحات السياسية جزء مما يعيشه محور الحرب على سورية من حالة إرباك وتناقض في التصاريح، تتزامن باستعجال رمي أوراق ضغط الواحدة تلو الأخرى، في مسعى لتغيير توازنات اللعبة السياسية، بما يمكنها وأدواتها من تحقيق مكاسب على الأرض السورية، لتبدو ملامح ربيع التسويات الإقليمية بالظهور.
لعل قضيتي تسليح المعارضة السورية وتنحي الرئيس الأسد كانتا الشغل الشاغل لدول الغرب، وبعودة أرشيفية للتصريحات النارية التي أطلقها رموز الحرب على سورية وتلك التي يطلقها نفس الأشخاص اليوم يبدو الفرق واضح وتبدو المناورة السياسية على صفيح الأرض السورية الساخنة.
في 14 شباط قال وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري عقب لقائه مع نظيره الأردني ناصر جودة، إنه يريد إقناع الرئيس السوري بشار الأسد بالتنحي عبر حل تفاوضي مع المعارضة وبمساعدة روسيا.
المناورة الأميركية تستمر بتقديم وعود بتسليح المعارضة عبر المؤتمر الصحفي المشترك لوزير الخارجية الأمريكية ونظيره البريطاني وليام هيج، تعيد الائتلاف للتفكير بالمشاركة بمؤتمر روما فيما كشفت المصادر عن اتصال بين كيري والخطيب لدفعة للمشاركة ووعده بتقديم السلاح في حال شارك ليعلن الائتلاف 25 شباط المشاركة بالمؤتمر.
28 شباط يقول الرئيس الفرنسي هولاند في موسكو إن " فرنسا وروسيا حققتا تقدماً بشأن الملف السوري"، مشيراً إلى أن لديهما الهدف نفسه رغم الاختلاف بكيفية تحقيقه، وهو إجراء حوار سياسي لوضع حد للنزاع الدائر في هذا البلد، وعدم ترك الإرهابيين يستفيدون من حالة الفوضى هذه.
ويأتي كلام هولاند بالتزامن مع لقاء وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ورئيس الائتلاف معاذ الخطيب، خلال مؤتمر روما حيث يرفض كيري، تقديم السلاح للمعارضة السورية، ولكنه تعهد بتقديم مساعدة ملموسة في مجالات أخرى، علماً أن الخطيب شارك في الاجتماع وعاد عن رفضه المشاركة بعد ضمانات بتقديم السلاح فيما تشير المصادر تلقي الخطيب اتصالاً من كيري دعاه للمشاركة فشارك الخطيب.
في الأول من آذار يعلن كيري اعتماد الحل السياسي وفقا لبيان جنيف كخيار أميركي لحل الأزمة السياسية، 12 آذار أوضحت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأمريكية "فيكتوريا نولاند"، أن حكومتها تفهم تماماً أن اتفاق جنيف المبرم، قضي بإحداث التغييرات الضرورية في هرم السلطة السورية، بما يشمل تنحي الرئيس السوري، بشار الأسد عن السلطة، وهو التصريح الذي أثار رد روسي اتهمها نظيرها الروسي "ألكسندر لوكاشيفيتش" بأن "التصريحات العلنية للمسؤولين الأمريكيين، المؤيدة للمعارضة.
12 وزير الخارجية الفرنسي في البرلمان يقول "ليس سراً القول أن فرنسا تفكر بالذهاب أبعد في مجال رفع الحظر،ولا بد لذلك من خلق توازن قوى جديد"..
بعد يومين تنطلق قمة الإتحاد الأوروبي ليعلن الرئيس الفرنسي هولاند ورئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون العمل على تسليح المعارضة بشكل منفرد، لو لم يتم الإجماع الأوروبي، وفي اليوم ذاته وبعد أشهر من المطالبة الأميركية العلنية بتنحي الرئيس الأسد، أعلن كيري من النروج دعم بلاده لحوار بين الرئيس الأسد والمعارضة، لتشكيل حكومة انتقالية تمهد لانتقال سياسي، فما معنى أن تقول الناطقة باسم الخارجية كلام ما يقوله وزير الخارجية خلال يومين.
إعلان كيري يأتي استكمالاً للقاءات التي عقدها نظيره الروسي سيرغي لافروف مع أطراف الأزمة السورية. وذكرت تقارير أن نقاش المسؤولين الروس مع وفد هيئة التنسيق المعارضة، رسا على تصورين للتفاوض غير المشروط بين الحكومة والمعارضة السورية، إما بشكل غير مباشر عبر ما يعرف بـ«دبلوماسية الغرف» أو بشكل مباشر على طاولة مستديرة تجمع الطرفين، في جنيف أو فيينا.
15 أذار باريس تستدرك التقارب الروسي الأميركي فنقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن وزير خارجيتها لوران فابيوس قوله "خلال الأسابيع القليلة الماضية عملنا معاً على فكرة لم تتبلور بعد، تقضي بإعداد لائحة بمسؤولين سوريين تكون مقبولة من الائتلاف للتوصل إلى حل سياسي في إطار اتفاق جنيف".
كلام فابيوس تلقفه الائتلاف فرحب المتحدث باسمه وليد البني بالمساعي الفرنسية الأميركية بالتعاون مع روسيا، لكنه رفض تحديد الأسماء التي قد تكون مقبولة من جانبهم للحوار، وقال إن «هذا أمر سابق لأوانه».
16 أذار لفتت صحيفة "الديلي تلغراف" البريطانية، لتراجع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون عن تصريحاته بتسليح المعارضة السورية، مع عزل بريطانيا وفرنسا عن أوروبا، بالتزامن مع دعوة مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون إلى توخي الحذر بشأن مسعى فرنسا وبريطانيا لرفع حظر يفرضه الاتحاد على توريد الأسلحة إلى سورية لمساعدة مقاتلي المعارضة .
18 – 3 عاد كيري للتأكيد بأن بلاده لن تقف في وجه الدول الأوروبية"، التي تريد تسليح المعارضة السورية لمواجهة دمشق في إشارة واضحة لدعم الحلول اللاسياسية.
19 أذار انتخاب الائتلاف غسان هيتو رئيساً لحكومة انتقالية مؤقتة في مسعى لخلق هيئة تنفيذية ذات كيان لتمرير القمة العربية تكون محط إجماع في صفوف المعارضة، إلا أن انتخاب هيتو كشف الخلافات داخل الائتلاف بين الخطيب الرافض تشكيل الحكومة، والأمين العام للائتلاف مصطفى الصباغ الإخواني المصر على ترشيح هيتو باعتباره مواطن أمريكي منذ أكثر من عشر سنوات, وعمل نحو25 سنة في شركات لها علاقة بتكنولوجيا الاتصالات.
تعيين هيتو دفع 11 شخصاً لتعليق عضويتهم في الائتلاف فيما خرج عدد من أعضائه قبل التصويت على انتخابه، كما علق.
تشير كواليس الجلسة التدخل قطري مباشر عبر مدير مكتب وزير الدولة للشئون الخارجية القطرية خالد العطية لدعم مرشح الإخوان المسلمين, وهو بمثابة انقلاب علي اتفاق قطري ـ سعودي برئاسة أسعد مصطفي للحكومة المؤقتة.
وتكشف المصادر المطلعة أن التعجيل بالحكومة يرجع إلي مخاوف الإخوان, وداعميهم القطريين من تبلور تفاهم أمريكي روسي علي قاعدة اتفاق جنيف.
تناغم في التناقض ما بين تصربحات كيري وتذبذب مواقف أوباما الذي خفف لهجته بشأن الأزمة السورية إلى حد كبير بخطابه السنوي حول حالة الاتحاد أمام الكونغرس، وخيب سقف التوقعات العالي الذي وضعه هو نفسه قبل عام، والمعروف أن الرئيس يضع بهذا الخطاب تصوراً للأولويات الوطنية الأميركية أمام الكونجرس.
وعاد ليؤكد في المؤتمر الصحافي المشترك مع الملك الأردني في عمان الجمعة 22 آذار، موقفه الداعي إلى تنحي الرئيس بشار الأسد، دليل واضح برغبة أميركية بالتصعيد على حساب الحلفاء لدفع الأردن اتخاذ خطوات وفق الرغبات الأميركية بالاستمرار بالإيواء والتدريب للمجموعات المساحة.
23 يعلن الخطيب استقالته عشية اجتماع وزراء الخارجية العرب بالدوحة ويرفض "الجيش الحر" الاعتراف برئيس الحكومة المؤقتة غسان هيتو، ما اجبر وزراء الخارجية ترك موضوع تسليم مقعد دمشق إلى "الائتلاف" إلى الرئاسة القطرية بالتشاور مع الرؤساء.
25 أذار معاذ الخطيب في الدوحة عشية القمة على متن طائرة قطرية، ويطلق خلالها دعوته المشهورة لحلف الناتو للتدخل، ولم تنتهي القمة من إطلاق تصريحاتها النارية ضد سورية حتى أطفأتها مياه حلف شمال الأطلسي برفض التدخل، ما كادت القمة تنهي أعمالها حتى يتعرض رياض الأسعد لمحاولة اغتيال، ورغم تناقض الروايات بين تبني جبهة النصرة لتصفيته وبين بتر قدمه، إلا أن الثابت تبني الجبهة للمحاولة، التي تظهر حالة الحرب بين الجبهة والحر المشتعلة منذ أكثر من عام .
29 آذار تراجع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند عن قراره تسليح المعارضة السورية، وقال في مقابلة مع قناة "فرانس2 " من السابق لأوانه إرسال أسلحة إلى مقاتلي المعارضة السورية "إذا لم تكن هناك قناعة تامة بأن هذه الأسلحة سيستخدمها معارضون شرعيون ليس لهم أي صلة بأي تنظيم إرهابي"، مضيفا "في الوقت الراهن هذه القناعة التامة ليست متوفرة لدينا"، وبالتزامن مع تصريحات هولاند يصدر عن مكتب كاثرين اشتون بيان يعبر عن قناعتها بضرورة الحل السياسي في سورية لوقف العنف والحذر من دعوة الجامعة العربية تسليح المعارضة، برودة الموقف الفرنسي قابله عودة فيكتوريا نولاند باليوم ذاته لنغمة التصعيد، بإعلانها أن بلادها تدرس إمكانية فرض منطقة حظر جوي في سورية، بالتزامن مع إعلانها تراجع الخطيب عن استقالته وأنه سيواصل عمله على رأس الائتلاف حتى أيار المقبل.

» أوباما... تعا ولا تجي بقلم :سعد الله الخليل
» كلام في الوطن بقلم سعد الله الخليل
» المعارضة بالتشظي ...بقلم : سعد الله الخليل
» سمفونية الحوار والإصلاح بقلم : سعد الله الخليل
» الأردن شرارة تشعل سهلاً بقلم : سعد الله الخليل