كتب العميد الياس فرحات: الفزاعة الاسرائيلية لا تخيف سورية ولا المقاومة
خاص عربي برس
في وقت ينشغل فيه اللبنانيون بجنس ملائكة قانون الانتخاب ,وتنشغل مصر بازمات تولد ازمات اخرى .وفي وقت تبدو فيه دول الخليج المستقرة فاقدة لاستراتيجية سياسية تعتمدها في هذه المرحلة الحرجة التي تعيشها المنطقة ,نجد في اسرائيل حالة غير مسبوقة من القلق والخوف على الكيان.اسرائيل تستشعر الخطر :حزب الله وسوريا ومن ورائهما ايران.منذ اكثر من سنتين راهن بعض العرب ومعهم اسرائيل والولايات المتحدة والعديد من الدول الاوروبية على سقوط النظام السوري واطنبوا في الحديث عن مرحلة ما بعد الاسد, لكنهم خسروا الرهان ولم يخطر ببالهم ان ما اسموه ثورة سورية سوف تصل الى ما وصلت اليه من تردي القيم وارهاب العقول وارتدادات بدأت تسمع وتشاهد في البلدان المجاورة وان الهدف المعلن والحقيقي لما سمي بالثورة هو اسقاط الرئيس الاسد بات بعيد المنال ان لم يكن مستحيلا .الائتلاف الوطني شأنه شأن باقي تنظيمات المعارضة السورية وضع اول اهدافه اسقاط النظام وها هو اليوم مدعو لان يجلس الى جانب النظام فلا هو قادر على الاستجابة لانه ينسف كل ما خطط ونفذ ونوى ووعد لاكثر من سنتين ولا هو قادر على الرفض فيفقد تغطية الولايات المتحدة وتراجع داعمي المعارضة من هيئات ودول.
تأتي جنيف الثانية على وقع هزائم منيت بها المعارضة ادت الى تشتتها واثارة النزاعات فيما بينها الى درجة ان نشب الاقتتال بين الفصائل المسلحة بسبب خلافات على المسروقات التي يسمونها غنائم.يترافق هذا التشتت مع حالة ضياع سياسي للدول الداعمة للمعارضة والتي ربطت ادبياتها السياسية بسقوط النظام وباتت تخشى ما سيحل بها في حال عدم سقوطه . بعد مضي اكثر من سنتين على الاحداث السورية, تعيش تلك الدول حالة من القلق على المصير خصوصا انها كرست امكانات سياسية وعسكرية ومالية واعلامية ودبلوماسية هائلة من اجل اسقاط النظام من دون ان ترسم استراتيجية تراجع او خروج من هذه الازمة .
ان اخطر اجراء اتخذته الدول الداعمة للمعارضة هو استعمال الفزاعة الاسرائيلية في جهودها ,علها ترهب النظام وتدفع الرئيس الى الاستقالة. اضحت اسرائيل بالنسبة لهذه الدول اخر خرطوشة. فهي بنظرهم لاعب قوي معفي من اي ادانة دولية وهي تقوم اساسا بالدور المحدد لها في خدمة الغرب وضرب القدرات العربية.كما انها تفرض هيبتها وشروطها على بعض العرب الذين يذعنون داما وبسرعة لجميع رغباتها .
مع تعذر انشاء منطقة عازلة كما صرح اركان المعارضة والدول الداعمة لها مرارا, وتعذر انشاء منطقة حظر جوي روجت لها ايضا الدول الداعمة ,فقد بعض قادة الدول الداعمة اعصابهم ومنهم رجب اردوغان رئيس الوزراء التركي.قال اردوغان في مؤتمر صحافي اثناء زيارته الاخيرة الى واشنطن ان منطقة الحظر الجوي تحتاج لقرار عن مجلس الامن .وقد علق احد الظرفاء على هذا الكلام بان الوحيد الذي يجب ان يوجه له مثل هذا الكلام هو اردوغان نفسه الذي طالما روج لمنطقة الحظر الجوي واستحضرصواريخ الباتريوت وحلف الاطلسي من اجل اقامتها, فاذا به بعدما ادرك انها لن تتحقق يقول انها بحاجة لقرار مجلس الامن!وهكذا اصبحت الفزاعة الاسرائيلية السلاح الاخير في جعبة المعارضة وداعميها.لم يتورع حسن الرستناوي مسؤؤل الاعلام في "الجيش الحر" عن الظهور على شاشة القناة الثانية في التلفزيون الاسرائيلي ليؤيد غارات اسرائيل على اهداف عسكرية سورية في ريف دمشق ويعبر عن الفرحة العارمة التي تعم جماعته بعد هذه الغارات.
لكن الفزاعة الاسرائيلية لم تفزع لا سوريا ولا حزب الله ولا ايران ولا روسيا ولا كل الدول والشعوب الحرة والديموقراطية والتي تناهض العدوان المسلح الذي تشنه المعارضة المسلحة على سوريا.رد الاسد على ترهيب تلك الفزاعة باصراره على الاستمرار بدعم المقاومة وبفتح جبهة الجولان للكفاح المسلح.بدلا من ان تخاف سوريا من اسرائيل نرى انالعكس قد حصل فخافت اسرائيل من سوريا واذا بنتنياهو يتوجه الى موسكو ليجتمع مع بوتين ويطلب منه عدم تزويد سوريا بالاسلحة المتطورة لا سيما صواريخ اس 300 المضادة للطائرات وصواريخ ياخونت المضادة للسفن .وفي حركة غريبة تنم عن قلق وخوف استدعى مسؤول اسرائيلي كبير مراسل صحيفة نيويورك تايمز في اسرائيل وطلب منه ان ينشرخبرا, من دون الكشف عن هويته , يفيد ان اسرائيل تحذر سوريا من ان اي رد تقوم به ضدها وكذلك اي عمل تقوم به منظمات مرتبطة بها ويقصد بذلك حزب الله, فانها سوف ترد بشكل قاسي يؤدي الى انهيار النظام السوري .اي بمعنى اخر اوضح ذلك المسؤول ان اسرائيل تريد ان تنجز ماعجزت المعارضة السورية والدول الداعمة لها عن فعله وهو اسقاط النظام السوري ,وانه اذا كانت المعارضة استخدمت الارهاب والسيارات المفخخة بالانتحاريين واكل قلوب البشر ولم تفلح, فان اسرائيل تأمل بان يتحقق ذلك بقواتها المسلحة.لقد ضربت اهدافا سورية وهي حسب المسؤول الاسرائيلي ستضرب اكثر واقوى اذا رد الرئيس الاسد وانها سوف تسعى الى تقويض النظام.
نتذكر في تشرين 2012 اثناء العدوان على غزة سقط صاروخ واحد قرب مدينة القدس فدب الذعر في كل اسرائل وهرع نتنياهو الى الملجأ,فكيف اذا دارت حرب صواريخ وسقط العديد منها في قلب اسرائيل؟طبعا سترد اسرائيل بعنف ولن يخشى الغريق السوري من البلل, لكن المجتمع الاسرائيلي سوف ينهار بسرعة وتظهر هشاشة الكيان الاسرائيلي كما ظهرت في شمال اسرائيل في حرب 2006 ولكن هذه المرة في كل اسرائيل.اليس هذا هو السبب وراء اخفاء المسؤول الاسرائيلي اسمه لصحيفة نيويورك تايمز؟