كتب العميد الياس فرحات: هل بدأ المحور الروسي الايراني بتغيير قواعد اللعبة؟
خاص عربي برس - بيروت
يعلو صوت رجب طيب اردوغان في هذه الايام فهو على حد اعتقاده لا يعرف من اين تأتيه الانتصارات .هو يقاتل في سوريا بكل قواه, يستقبل المعارضين وينظمهم و يسلحهم ويدربهم ويدفعهم الى القتال ولا يدفع من جيبه قرشا ! قواته نهبت مصانع حلب في وضح النهار وتكفل اللوبي الاعلامي الدولي والعربي بالتعتيم على هذه الغزوة .هو شارف على انجاز مصالحة تاريخية مع الاكراد ,لكنه يعقد التفاهمات من جهة ويقصف جبال قنديل من جهة اخرى .تكسب تركيا من انسحاب مقاتلي حزب العمال الكردستاني منها ويقودها هذا الانسحاب الى انهاء ازمة عمرها ثلاثين عاما .رئيس الدولة العظمى اوبا ما يزور اسرائيل واحد اهم البنود على جدول الزيارة مصالحة نتنياهو واردوغان .نتنياهو بات جاهزا للاعتذار بعد التخلص من ليبرمان الذي كان يرفض اي اعتذار ,الى ان ظهرت فضيحة مالية ابعدته عن السلطة . طبعا هناك دائما فضائح غب الطلب ,مال ونساء وغيرها . على مائدة الغداء في مطار بن غوريون وبحضور بيريز رئيس دولة اسرائيل عمل اوباما عامل سنترال الزامي سياسي وامن المكالمة بين الرجلين وبسرعة كرت سبحة التفاهمات وما اعلن منها هو الاعتذار من نتنياهو مقابل قبول اردوغان للاعتذار, عودة السفيرين الى كل من البلدين ,وقف الملاحقات القضائية ضد ضباط اسرائيليين في تركيا (طبعا تركيا بلد ديموقراطي والقضاء فيها مستقل عكس الدول غير الديموقراطية) دفع تعويضات لذوي شهداء سفينة مرمرة وتحويلهم الى ضحايا ووقف المطالبة بمحاكمة القتلة الاسرائيليين في جريمة موصوفة في عرض البحر .طبعا صرخ اردوغان صرخة المنتصر وسارع الى الاتصال بحلفائه العرب ليشرح اهمية الاعتذار الاسرائيلي وربما اقنع بعضا منهم بمطالبة اسرائيل بالاعتذار عن احتلال فلسطين وطرد الشعب الفلسطيني من ارضه فيحقق بذلك انجازا عجز عليه صلاح الدين الايوبي .
في جانب اخر, رئيس القمة العربية امير قطر استلم رئاسة القمة من العراق طبقا للترتيب الابجدي ع غ ف ثم قاف بعدما تخلى ف اي فلسطين عن الرئاسة للشقيق الاقوى ق اي قطر.قصر الشيخ حمد اعمال القمة على اعطاء مقعد سوريا الى المعارضة السورية حيث شغله معاذ الخطيب بعدما استقال ثم ارغم على العودة عن استقالته وغسان هيتو الذي جيء به من الولايات المتحدة ليسقط بالمظلة رئيسا لحكومة المعارضة واعدا ان يشكل الحكومة بعدما يتعرف على اعضاء المعارضة وعلى الوضع في سوريا ذلك لانه غائب منذ زمن طويل.كان احمد داود لوغلو وزير الخارجية التركي حاضرا في القمة ومؤثرا اساسيا في قرارها هذا.
هذه المرة لم تمض قرارات القمة من دون ردود فعل من روسيا وايران. في روسيا امر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اثناء عودته وهو في الطائرة من جنوب افريقيا حيث كان يحضر قمة دول بريكس بإجراء مناورات عسكرية مفاجئة في مرفأ سيفاستوبول الأوكراني على البحر الأسود في حركة سريعة ردا على قرارات قمة الدوحة بتسليم المعارضة السورية مقعد الحكومة السورية ,ويغلب الظن انها جاءت بتأثير من وزير الخارجية التركي اوغلو .وقد اوضح المتحدث باسم الرئيس بوتين ان ستا وثلاثين سفينة حربية وعددا من الطائرات ستشارك في المناورات دون أن يحدد مدتها.اعتبرالمحللون أن هذه الخطوة تأتي في إطار سعي روسيا لإثبات دورها الجيو سياسي في المنطقة وتوقعوا أن تؤدي إلى قلق الدول المجاورة, وخصوصا تركيا التي تدرك تماما انها مستهدفة من هذه المناورات على خلفية تدخلها في الازمة السورية وتجتوزها الخطوط الحمراء في دعمها للمعارضة السورية المسلحة.
بالنسبة لقطر ,لم تمض القرارات التركية القطرية التي اتخذتها جامعة الدول العربية بحق سوريا من دون رد فعل عنيف من الجار الايراني اذ صرح نائب وزیر الخارجیة الايرانية للشؤون العربیة والافریقیة حسین امیر عبد اللهیان ردا علی منح السفارة السوریة في الدوحة لما يسمى بالائتلاف السوري المعارض ورئيسه معاذ الخطیب "ان من مصلحة قطر ان تکف عن الاجراءات المتسرعة وتصعید سفك الدماء ضد الشعب السوري."واضاف عبد اللهیان ان الاجراء الاستعراضي القطري بمنح السفارة السوریة الی مجموعة ضئیلة تفتقد الی تفویض وتصویت من الشعب السوري, هو اجراء متسرع واكد دعم طهران لدمشق .
ارتفاع غير مفاجىء في اللهجة الروسية والايرانية ضد قطر وتركيا وخصوصا ان الاوساط الاميركية تدرك تماما ان روسيا تعتبر النظام السوري خطا احمر ولن تسمح باسقاطه وتترك الامر لنزوات تركيا وقطر. وفي هذا المجال نشرت مجلة الفورين افيرز مقالا لفيونا هيل اعتبرت فيه ان روسيا ترى الاحداث السورية امتدادا لتمرد الشيشان! وليس هناك داع لتبيان التمسك الايراني بالنظام السوري الحليف ضد اسرائيل والداعم القريب لمقاومة المشروع الاسرائيلي.
هل يفهم حزب العدالة والتنمية المناورات الروسية؟وهل يفهم امير قطر تصريحات عبد اللهيان؟ وهل يفهما معا ان قواعد اللعبة على وك ان تتغير؟ اذا فهما وتراجعا فهناك امكانية للتسوية السياسية اما اذا لم يفهما او لا يريدان ان يفهما فمعنى ذلك ان النزاع داخل سوريا سوف يتوسع الى خارجها وسينفجر بركان المنطقة وتطال حممه المنطقة بكاملها بما فيها تركيا وقطر.