كتب العميد الياس فرحات: حتى تربح سورية يجب أن تخسر أميركا واسرائيل
2013-03-24 10:28:11
العنوان الأصلي: أوباما والمسارات الأربعة .
في عالم الحلم الاميركي حرية ومنافسة وفرص يجري وراءها الفرد ليحقق طموحاته .وفي عالم الاعمال الاميركي عروضات ومغريات وحسابات ربح وخسارة .اوباما هو نموذج صارخ للحلم الاميركي حيث استطاع اسود ان يصل الى رئاسة الولايات المتحدة اكبر قوة في العالم ,مثل فيليب العربي الذي كان امبراطورا لروما اللاتينية.اوباما ابن اقتصاد السوق حتى في السياسة,فهو يحقق اهدافه وارباحه بابخس الاثمان وباقل كلفة .سبقه جورج بوش الثري تاجر النفط الذي قسم العالم الى فسطاطين حين قال:" من ليس معنا فهو ضدنا" .بكل بساطة ردا على ضربات القاعدة لم ينتظر بوش انتهاء التحقيق ولم يحقق مع ذوي المتهمين في السعودية لانه اذا توجه التحقيق الى هناك فدونه مشاكل في اظهار الحقيقة وليس في تركيب "حقيقة ".بوش اعلن الحرب على افغانستان ثم على العراق ودفع المواطن الاميركي كلفة باهظة بالمال والارواح ثمنا لهذه الحرب التي انتهت هزيمة مخفية ومموهة بتعابير دبلوماسية .
اوباما الاسود الديموقراطي الذي يتسوق ويوفر ماله انتهج سبيلا اخر :شن الحروب من دون دفع الاثمان .وهكذا كانت الحرب على سوريا .شنها مقاتلون سوريون وعرب ومن دول اسلامية ادت الى مقتل نحو اربعين الفا منهم, وتكفلت دول عربية بدفع الثمن الباهظ الذي قدره محمد حسنين هيكل بما لا يقل عن 15 مليار دولار.سوريا تخسر وتستنزف واميركا لا تخسر شيئا .ثم ان حليفي اميركا الاساسيين في المنطقة لا يخسران ايضا .تركيا التي فتحت اراضيها واستقبلت المقاتلين الاصوليين والموضوعين على لوائح الارهاب التي تستعملها الولايات المتحدة غب الطلب ,تنظمهم وتدربهم وتجهزهم (على نفقة دول خليجية) وتدفع بهم الى الداخل السوري وفي بعض الاحيان ترسل قادة من الجيش التركي لقيادة العمليات العسكرية .والاهم ان هناك في تركيا منظومة قيادة وسيطرة وغرفة عمليات تدير الحرب في سوريا .تركيا لم تخسر شيئا سوى بضعة ضحايا في انفجار في غازي عنتاب وطائرة اسقطتها الدفاعات الجوية السورية.الاقتصاد التركي قوي وجاءته استثمارات خليجية والداخل التركي يتحصن باتفاقية تاريخية مع الاكراد تنهي ازمة عمرها عمر الجمهورية التركية وها هو اوباما يحضر الى الشرق الاوسط ويضغط ويحقق مصالحة تركية اسرائيلية تعيد المياه الى مجاريها بين البلدين "الحليفين" .
اسرائيل الحليف الاساسي والايديولوجي والمصلحي لم تخسر شيئا من هذه الحرب .اسلحة الدفاع الجوي التي طالما شكلت هاجسا للجيش الاسرائيلي جاء من يهاجمها وهي على الارض ويدمرها .القوة الجوية السورية ايضا جاء من يهاجم المطارات ويدمرها ,التحصينات على جبهة الجولان جاءت المعارضة السورية تدمرها .فرع المخابرات على جبهة الجولان المختص برصد العدو, كلف جبهة النصرة ثلاثة انتحاريين لتدميره وقتل ضباطه وهو كان هاجسا لاسرائيل.لماذا تريد اسرائيل انهاء الازمة ولماذا تريد تركيا ايضا انهاءها وتاليا لماذا يريد الراعي الاميركي انهاءها ؟ام يظن البعض ان مقتل المئات او الالاف من المسلحين سوف يؤرق اوباما او اردوغان او نتنياهو ؟ابدا فينابيع التكفيريين لم تنضب وهي غزيرة في العالم الاسلامي وتلقى رعاية من بعض الدول و تشجيعا من اخرى و تسهيلات من الدول التي تدعي انها تشن حربا على الارهاب. ومن قال ان اوباما واردوغان ونتنياهو يحزنون لرحيلهم؟
من هذه الوقائع تحركت البراغماتية الاميركية.الولايات المتحدة ليست متحمسة لضربة عسكرية ولا لدعم المعارضة بالسلاح فهي اكتفت بتقديم 60 مليون دولار مساعدات قالت انها انسانية .الولايات المتحدة قدمت معلومات استخبارية للمعارضة المسلحة من حواضر بيت وكالة المخابرات المركزية.كما انها لم تعارض قيام فرنسا وبريطانيا بتسليح المعارضة السورية ولم تنتبه لصفقة السلاح الكرواتية التي ارسلت الى تركيا لصالح المعارضة السورية .هي تخترق المعارضة السورية حتى العظم وتحركها كحركة الخاتم مع البنان,لكنها وحسب الرئيس اوباما الذي يتسوق سياسة ولا يدفع اكلافا تتحرك على اربعة مسارات:
الاول: المفاوضات بين النظام والمعارضة وتحديدا بين الرئيس الاسد والمعارضة وهو ما لقي موافقة قسم من المعارضة ومعارضة قسم اخر واذا حصل وتوصل الى نتيجة فهي حاضرة ونفوذها مصان.
الثاني : وضعت وزارة الخارجية الاميركية جبهة النصرة وهي اساس المعارضة السورية المسلحة والاكثر تمويلا والافضل تجهيزا وتدريبا على لائحة الارهاب من دون ان تقوم باي تدابير تنفيذية لهذا التوصيف .من المعروف ان اعضاء هذه الجبهة يتمتعون بحرية الانتقال بين الدول الاوروبية والعربية من دون مضايقات من السلطات المختصة.وبهذا تظهر الادارة الاميركية امام العالم واما مواطنيها انها لا تزال تلاحق الارهاب مهما كانت الظروف.
-الثالث:امكانية حسم المعركة بالقوة واسقاط النظام. هي الى جانب تقديم المعلومات الاستخبارية ,تقوم بتدريب نحو 1200 عنصرا من المعارضة في الاردن حسب ما ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال .وهذا التدريب حسب ما تسرب هو تدريب خاص على عمليات عسكرية نوعية ضد مراكز القرار الحيوية في سوريا والتي يؤدي الاستيلاء عليها الى اسقاط النظام .
الرابع : عدم الاعتراض على استمرار الوضع الراهن القائم حيث تستمر تركيا برعاية وقيادة العمليات المسلحة وتستمر دول الخليج بالتمويل والامداد بالمقاتلين وبشن الحرب الاعلامية التحريضية والحرب السياسية بواسطة منظمة اقليمية فقدت الكثير من هيبتها بعد ان اصبح قرارها بيد اصحاب المال وهي جامعة الدول العربية.
اربعة مسارات لا تكلف اوباما شيئا وتستنزف سوريا والقوى المقاومة في المنطقة وتقتل من المتشددين التكفيريين ومن المواطنين السوريين .هل هذا هو المطاف وهل له نهاية؟متى تقدم قوى المقاومة على تغيير قواعد اللعبة بعدما دخل الاستنزاف الخط الاحمر العريض؟