هل الإنقسام الفلسطيني مقبل على انتهاء ؟ - محمد شريف الجيوسي

هل الإنقسام الفلسطيني مقبل على انتهاء ؟ - محمد شريف الجيوسي

أسفرت اجتماعات القاهرة الفلسطينية الفلسطينية الأخيرة عن نتائج يمكن أن تبشر بإنهاء الانقسام الفلسطيني في المدى المنظور ، في حال لم تواصل حماس مراهناتها على أوهام متغيرات إقليمية ووعود أمريكية .
لقد بدا الاجتماع الذي حضرته جميع الفصائل الفلسطينية والمستقلين من مختلف مكونات منظمة التحرير الفلسطينية و الفصائل غير المشاركة فيها ( حماس والجهاد الإسلامي ) منسجماً لولا حركة حماس ، التي غلّبت طابعها الإسلاموي على الطريقة القطرية الأمريكية ، واتفاق مكتب الإرشاد العالمي للحماعة مع الأمريكان ،على كل ما عداه من طابع مقاوم ظنناه فترة حقيقياً (وبعض الظن إثم ) وإذا هو غطاء لما بعده من مخططات بعيدة، لا علاقة لها في العمق بالمقاومة وإنما باعتبارات سياسية بحتة تخدم أغلب قياداتها، فكان الإسلام الحنيف وسيلة للوصول إلى كراسي الحكم ، في مجتمعات عربية تنحو إلى الإيمان على مدى التاريخ ، وكانت المقاومة حيناً، الطريق الأمثل لكسب مشاعر الشارع العربي المثقل بالاحتلالات والتواق للتحرير ، فتلقت الدعم المطلق من سورية ، على أساس تلك الهوية .
لقد بدا واضحا أن حماس ( التي بينها وبين الجهاد الإسلامي الكثير من الاختلافات ، أقلها الهدنة الطويلة التي تدعو إليها الأولى ) تلعب على عنصر الوقت ، فهي تخال أنه بات لصالحها ، فرئاسة الجمهورية المصرية ممثلة بـ ( سي مرسي ) تقف خلفها بقوة ، وهي ما تزال تراهن على وهم وصول إسلاميي سورية إلى السلطة ليكون بيدها مزيداً من الأوراق ، فضلاً عن النتائج التفصيلية لتنفيذ اتفاق إقليمي قديم مع الأمريكان ، للسيطرة على الضفة الغربية ، بالتشارك مع ليبراليين انتهازيين ، بعضهم طالما باع الشعب الفلسطيني والأمة ما يزيد من الثوريات الكاذبة ، وبعضهم سقط منذ عقود ، وكانت ليفتي أقصى فتوحاته ، بحسب بعض ما قالته، وليس كله ، على اعتبار أن بعضه يندرج في سياق مماحكات واستهلاك داخلي صهيوني.
لقد باتت فتح تدرك أنها لم تعد في وارد الأمريكان ، بل إن الأمريكان تآمروا عليها منذ سنين ، وباعوها أوهاماً عن سبق إصرار ، بإقامة دولة فلسطينية في الضفة والقطاع ، لكنهم خلقوا كل معطيات عدم تحقيق ذلك ، بتوصول حماس إلى غزة ( الانشقاق ) في إطار صفقة إقليمية جرى التفاهم عليها قبل سني الخريف الأمريكي بسنوات ، ويجري الآن تطبيق الشق الثاني من الصفقة في الضفة الغربية ، ما لم تستطع منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية وحركة فتح وسائر الفصائل والجهاد الإسلامي والشعب الفلسطيني بكليته إفشال المخطط .
إن البيان الصادر عن اجتماعات القاهرة ؛ والذي كان محل إجماع كل الفصائل الفلسطينية ، والذي سيتخذ بموجبه ( فيما نعلم ) الرئيس الفلسطيني أبو مازن قراراً خلال 6 أسابيع ، بتحديد موعد للإنتخابات الشاملة التشريعية والرئاسية ، وتشكيل حكومة تكنوقراط فلسطينية مؤقتة برئاستة ( مدتها 3 أشهر ) قد تكون معبراً لا بد منه لإنهاء الانقسام ومواجهة المستجدات العاصفة في المنطقة ، في حال التزمت حماس به جملة وتفصيلاً . ذلك أنها حتىى على صعيد الداخل ليست موحدة ظاهراً ؛ بما يكفي ، فبيان القيادي فيها أبو مرزوق عقب توقيع مشعل ، لم يأت هكذا من فراغ ودون تنسيق ، ما يعزز القناعة بعدم رغبة حماس في المدى المنظور من الخروج من الواقع الراهن بانتظار وهم تطورات تأمل الدوحة بتحققها عبثاً بحسب ما يوهمها بذلك أسيادها الإمبرياليين .
باتت حماس منذ حين ، وربما من بدايات تأسيسها ، محل اتجار مكتب الإرشاد العالمي ، يبطش بها حين يخدمه ذاك البطش ، وليس انسجاما مع مصالح وطنية عليا ويخرسها حين يخدمه ذلك ويساوم على قدرتها كذراع ، فقد حازت ( حماس المحاصرة ) في فترة على ثقة العالم والدول العربية سواء منها التابعة للغرب الاستعماري أو الدولة العربية المقاومة ( سورية ) فيما لم تكن فتح والسلطة الفلسطينية ( غير المحاصرة ) لتحوز على دعم وثقة كل الأطراف ، وهنا تكمن المفارقة ، وهنا كان دور الأمريكان (ناجعا)ً ، لتحقيق 3 أمور معاً :
1 ـ ( منح ) حماس صفة الفصيل المقاوم لتحقيق صفقة إقليمية شاملة ، تضم الأردن والضفة وسورية لـ 25 سنة قادمة .
2 ـ اسقاط أية امكانية لقيام دولة فلسطينية مستقلة ، والحيلولة دون استعادة الشعب الفلسطيني لوحدته ارضا وشعباً .
3 ـ إدخال المشرق العربي وبخاصة بلاد الشام والعراق في حالة من الصراعات الدموية والانقسامات والتلهي عن الصفقة الإقليمية .
إن عدم صحة ما ذهبنا إليه ، يتعلق حصراً في التزام حماس بتطبيق ما اتفق عليه في اجتماعات القاهرة ، مؤخراً دون تسويف أو مواربة أو محاولات انتظار أوهام أمريكية لن تأتي ، بل سيأتي نقيضها ، تماماً ، وتغليب طابعها المقاوم المفترض على طابعها الأخوني ، وهي فرصة حماس الأخيرة لتنظيبف نفسها على الأقل مما لحق بها من العودة للإقامة في حمى قواعد الأمريكان العسكرية في قطر، وغير ذلك مما سبق ولحق بذلك .

» كيف تستهدف سورية .. لماذا لم تهزم .. ؟ - محمد شريف الجيوسي
» أين المعضلة في المأزق الأردني .. وطريقة المواجهة ؟ - محمد شريف الجيوسي
» مرة ثانية .. الرخ السوري قادم .. لا محالة...محمد شريف الجيوسي
» من هي لمى عبد الحميد الأتاسي الناطقة باسم ما يسمى " الجيش السوري الحر ؟ - محمد شريف الجيوسي
» الأردن: مسيرة اليوم وما يتصل بها من تفاصيل - محمد شيف الجيوسي