في أرجحتها بين الأخونة والأمركة وعلاقة مريحة بالدولة العبرية.. ستتخلى قطر عن الجميع

في أرجحتها بين الأخونة والأمركة وعلاقة مريحة بالدولة العبرية.. ستتخلى قطر عن الجميع

قطر دولة صغيرة، هي عبارة عن لسان بحري يمتد من اليابسة السعودية في الخليج العربي. لا يصل تعداد سكان تلك الدولة في أحسن الأحوال الربع مليون نسمة.

يقال أن هناك أكثر من مليوني وافد، معظمهم من شبه القارة الهندية. عائلة آل ثاني هي التي تملك كل شيء وتحكم في تلك الدولة، يجسدها الآن الشيخ حمد آل ثاني الذي لم يرث الحكم عن أبيه بطريقة سلسة بل تم إقصاء ذلك الأب عن طريق انقلاب قام به الابن بعد أن أُتهم الأب بالفساد المالي. ثروة تلك الدولة التي هي ثروة العائلة ترتكز بشكل أساس على الغاز الطبيعي، الذي كان الشيخ آل ثاني إلى وقت قريب يسوقه بنفسه. وبسبب تراكم تلك الثروات التي لا ينفق منها شيئا على البنية التحتية الحقيقية كالتعليم مثلا صارت قطر ممثلة بأفراد العائلة الحاكمة تفكر في أن يكون لها دور في الحياة العامة، العربية والعالمية، يتجاوز قدرها الطبيعي، قياسا إلى حجم الدولة وعدد سكانها الأصليين وتاريخها، الذي هو في حقيقته عدد محدود من السطور المخطوطة على الرمال.

يمكن النظر إلى مشروع قناة الجزيرة من هذه الزاوية بالتحديد. حتى قيل أن قناة الجزيرة هي أكبر من قطر. وهو قول صحيح، ذلك لان قطر لا يمكنها أن تشن سوى حروب ناعمة على الآخرين. وهذا ما فعلته القناة المذكورة لتصفية حسابات العائلة الحاكمة مع العوائل الأخرى الحاكمة في دول الخليج ومن ثم مع الأنظمة العربية. من المؤكد أن الدعاية الغربية لقناة الجزيرة، وبالأخص في مجال تأثيرها في أحداث ما سمي بـ"الربيع العربي" قد كرست لدى العائلة الحاكمة في قطر جنون العظمة الذي بدا واضحا، حين عرضت قطر استضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم في عام 2022. كان تصريح وضاح خنفر المدير العام لقناة الجزيرة السابق والذي اتضح انه كان على صلة بجهاز الاستخبارات الأميركية دقيقا في شرح الحالة. في ذلك التصريح اعتبر خنفر نفسه قادرا على الإطاحة بأي نظام عربي من خلال القناة التي يديرها متى يشاء. لقد تحول الرجل فجأة من مراسل مغمور إلى جنرال حرب عالمية. خنفر الذي اختفى بعد الفضيحة هو مرآة مصغرة لطريقة نظر حكام قطر لدورهم في منطقة كانت في انتظار الزلزال منذ زمن بعيد.

كان شمعون بيريز، الرئيس الحالي لـ "إسرائيل" قد زار قطر، ولم تكن تلك الزيارة سرية. لقد تمشى في الاسواق كما يفعل أي صديق. كانت تلك رسالة قطرية واضحة الى العالم العربي. عدوكم صديقنا. في المقابل فقد عدت زيارة الشيخ حمد آل ثاني إلى غزة حدثا تاريخيا. هل كان المطلوب أن يمحو حدث حدثا سبقه؟ أبدا. فالشيخ وزوجته كانا كما يقال قد زارا من قبل مستوطنات اسرائيلية. في الحرب التي شنتها قوات الناتو على ليبيا كان دور قطر في تمويل حملات تلك الحرب واضحا ومعلنا. ربما كان للمال القطري دور خفي في الوقائع التي شهدتها تونس ومصر من قبل. في ليبيا صارت قطر قوة ضاربة. الآن في سوريا تلعب الدور نفسه الذي لعبته في ليبيا.

منذ أكثر من عقدين كانت قطر محمية للاسلامويين المطرودين من بلادهم، بدءا بالسوداني حسن الترابي وانتهاء بخالد مشعل. كان القرضاوي وهو إخواني عتيق يمهد للوافدين الجدد بفتاويه. القرضاوي مثل خنفر هو مرآة لصورة العائلة التي تتأرجح بين الاخونة وبين الأمركة، التي تتخللها علاقة مريحة بالدولة العبرية. كانت قطر حريصة على توظيف أموالها في برنامج تنميتها الوهمية باعتبارها دولة كبيرة. لقد بنت ملاعب هائلة الحجم لكرة القدم لن تستعمل سوى مرة واحدة، إن استعملت. ملاعب قد تتحول في أية لحظة قادمة إلى سجون للأسلامويين الذين صاروا يفدون إليها باعتبارها الدولة الراعية لحركة الإخوان المسلمين العالمية.

وإذا ما كانت قطر قد قدمت الدعم المادي لهجمات الناتو على ليبيا فإنها غير مستعدة لبناء مستشفى حديث في بنغازي. يصح هذا الحكم بالنسبة لسوريا أيضا. قطر موجودة هناك من أجل خراب ينبغي أن تتسع دائرته. أما البناء فهو تحد لن تقع قطر في مصيدته. الإمارة الصغيرة لها دور محدود لن تتخطاه. هي ليست معنية بمستقبل الدول التي خربت أحوالها.

درس ينبغي أن يفهمه كل من راهن على أن قطر لن تتخلى عنه.

» مشروع الأخونة... والخيار السوري بقلم مضر عيد
» لا مقاومة مع الأخونة، ولا قيادة في المنافي ....ناهض حتر "الاخبار"
» طائر لفينيك القرضاوي وساعة الصفر وعلاقة الثوار ..بالثوارــ بقلم : نارام سرجون
» الصحف العبرية - الثلاثاء 20 كانون ثاني
» المعارضة التركية تكشف عن جملة فضائح بالدولة