هل تشبه دمشق كابول 1992 ...محمد أحمد

هل تشبه دمشق كابول 1992 .. محمد أحمد

في عام 1992 كان قد اسدل الستار على حكم الدكتور محمد نجيب الله في أفغانستان، المدعوم من الاتحاد السوفيتي المنهار في عام 1991، ولتستمر حالة الاقتتال والصراع على النفوذ بين امراء الحرب والقبائل الأفغانية ولتسيطر حركة طالبان على كابول عام 1996، وكل ذلك من خلال إدارة المخابرات المركزية الأمريكية للعمليات مستخدمة باكستان الجار ذات العمق والنفوذ في أفغانستان، والمال السعودي لتسديد الفواتير وتعميق التطرف، وبالنتيجة تأصل تحول أفغانستان وإلى اليوم لدولة فاشلة .

بالنظر إلى مشهد الاحداث في سورية نجد كافة الفاعلين الخارجيين الذين كانوا متواجدين في أفغانستان متواجدين بسورية باختلافات تفرضها الجغرافيا، فتركيا تلعب اليوم دور باكستان والسعودية موجودة وقد اضيف إليها قطر والمخابرات الأمريكية تدير العمليات وتبقى الدول الغربية الاخرى تنفذ الإرادة الأمريكية.

تتشابه الحالات بجزئية ما وبالشكل فقط بين كابول في ثمانينات وتسعينيات القرن الماضي مع دمشق الآن، فالظروف التي تحكم حالة دمشق تختلف تماما عن الظروف التي كانت تحكم حالة كابول، وعليها تتوقف النتائج التي لن تكون متشابهة لا بالشكل ولا بالمضمون.

دوليا كانت الولايات المتحدة في التسعينيات في ذروة تفردها كقطب عالمي أوحد يمارس دور الشرطي العالمي ويفرض إرادته دون منازع، أما اليوم فهي تعاني الركود في كل شيء وتفقد نفوذها العالمي المقرر لمجريات الأحداث يوما بعد يوم، حيث ظهر قطب الدول الناهضة وعلى مختلف الجبهات الاقتصادية والعسكرية والسياسية وهي تقف صراحة ضد الإرادة الأمريكية بفرض منطقها على طبيعة الأحداث والنتائج اللاحقة في سورية.

اقليميا كانت حكومة نجيب الله تعاني من عدم وجود حلفاء حقيقيين، فالدول الإقليمية الفاعلة هناك إما ملتزمة بالإرادة الأمريكية سواء باكستان أو السعودية أو تركيا، أو أنها كانت ضعيفة في إمكاناتها حيث أن إيران كانت تخوض حربا مع العراق حتى عام 1988، أما اليوم فإيران الحليف الإقليمي والإستراتيجي القوي لدمشق يملك من المقومات التي تسمح بفرض إحترام خياراته الإقليمية.

لكن الفارق الاهم بين حالتي دمشق وكابول يكمن بالفارق الجوهري بين المجتمعين ومؤسساتهما السياسية والمدنية والعسكرية والدينية بدرجة تطورهما.

افغانستان التسعينات وإلى اليوم تحكمها وبشكل عميق الولاءات القبلية ولم تعرف الولاء للدولة على الأقل منذ سبعينات القرن الماضي، أما سورية فإن الولاء للدولة من طبيعة المجتمع الذي يرتضيه وان الحالات المخالفة لذلك هي الأضعف رغم تغذيتها مؤخرا وبشكل كبير من الاستخبارات الغربية والإقليمية.

في فترة حكمه التي امتدت من 1987 ولغاية 1992 اقدم نجيب الله على تغييرات كبيرة باتجاه المصالحة الوطنية وقام بإشراك المقاتلين في المجلس الوطني وأعطاهم حقائب وزارية وعين شخصية محايدة رئيسا للوزراء في الفترة الإنتقالية التي تلت خروج السوفييت من إفغانستان، لكن كل ذلك لم يكن مجديا مع العصبيات القبلية والدينية وأمراء الحرب حيث تحركهم الولايات المتحدة وباكستان والسعودية، ولا سند دولي وإقليمي له، استقال نجيب الله عام 1992 وأعدمته حركة طالبان مع شقيقه عام 1996.

سورية مقبلة على تعددية ومصالحة ومرحلة إنتقالية وتشاركية وتعديلات بإرادة السوريين تدعمها مستوى وعيهم الجمعي للحفاظ على بلدهم والسير خطوة للأمام لا الرجوع والتقهقر على مختلف المجالات.

سورية لا تشبه أفغانستان، ودمشق لن تصبح كابول، ولن يكون هناك شبيه لطالبان

» هل تنتحر دمشق بالكيميائي ؟ محمد أحمد
» حرب اطلسية على دمشق وحرب نووية على واشنطن محمد أحمد
» سيناريو الهدنة.. محمد أحمد
» بين التابع و المتبوع ... بقلم : محمد أحمد
» من يحمي سورية الوطن ؟ .. محمد أحمد