سورية تعيد الصين لدوري الأضواء... بقلم: سعد الله الخليل

سورية تعيد الصين لدوري الأضواء... بقلم: سعد الله الخليل

رغم إختلاف المواقف من تكرار الفيتو الصيني ضد التدخل بسورية الذي أثار علامات دهشة واستغراب أصدقاء

سورية تعيد الصين لدوري الأضواء... بقلم: سعد الله الخليل 601620_345317105559029_632348830_n

دمشق قبل خصومها، فقد أجمع المراقبون على تغير جوهري بنظرة بكين لدورها الدبلوماسي والسياسي على الساحة العالمية من البوابة السورية. .أدركت بكين أن لعب دور سياسي عالمي فاعل يحتاج لمواقف بحجم الدور المطلوب، فقد كان بإمكانها محاباة معظم الدول العربية والغربية والاكتفاء بالامتناع عن التصويت، كما فعلت حيال القرار الخاص بالأزمة الليبية، لعلمها المسبق أن روسيا ستستخدم حق الفيتو لإجهاض مشروع التدخل الدولي ضد سوريا الأسد شكلياً قررت الصين الاعتراض علانية على التفرد والإستئثار الأميركي بقرار الساحة العالمية، رغم معرفة بكين بتبعات الخطوة من انتقادات خليجية وأمريكية، من منطلق رفضها التدخل الغربي في ليبيا وأفغانستان والعراق، وما كُشف من مخاطر تغيير الأنظمة بالقوة، والكوارث الإنسانية المؤلمة التي تبعتها، رغم مرور عشرة أعوام على تغيير بعض الأنظمة قسراً..

وضمناً ترى بكين بالفيتو ما يحقق مصلحة الشعب السوري في ظل الوضع الحالي المعقد، فالدعم القوي الخارجي لقوى المعارضة على حساب الدولة، ستنشر بذور جديدة لكارثة شرق أوسطية يتحول الصراع الداخلي فيها إلى حرب إقليمية لمحور المقاومة الذي لن يقف متفرجاً وهو الذي يملك أوراق قوة فاعلة لتغيير المشهد.

وبالعودة للأسباب الموضوعية الخاصة باللعبة السياسية الصينية: فبعد أن أدركت الصين أن التفوق الاقتصادي، وتفاقم ديونها للولايات المتحدة لن يؤتي بتأثير سياسي، ما لم تساهم بقوة بتشكيل محور مواجه للسيطرة الأميركية، حيث باتت الظروف مواتية بتثبيت القوة الروسية في المشهد السياسي الجديد، لتقول كلمتها من بوابة الأزمة السورية، والمعروفة بثبات صخرة العداء الأميركي، لتنتقل بكين من موقف المتفرج على أحداث الشرق الأوسط الساخنة، إلى موقف أكثر نشاطاً وفاعلية بالقدر الكافي لوقف جماح التيار الأميركي، الداعي لترجيح كفة طرف على أخر إلى الدعوة للحوار بين أطراف الأزمة.

في البعد التاريخي سبق وعانت الصين من التدخل الأجنبي أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، والعقوبات التي فرضت عليها بقيادة الولايات المتحدة لسنوات طويلة أثناء الحرب الباردة، وبالتالي فالوقوف لجانب النظام السوري المقاوم، يقوي مشروع الصين بالمواجهة، مع إدراكها أن الرئيس الأسد حليف موثوق بعكس قيادات الأنظمة السابقة: المصرية والليبية والتونسية التي سارت في الركب الأميركي.

يؤكد الصينيون دوماً أن الأفضل للشعوب هو تحقيق التقدم السياسي والاقتصادي في ظل الاستقرار، ودون إحداث فوضى وأعمال عنف كما هو حاصل الآن في بعض الدول العربية، كما يؤكدون أيضاً على إمكانية نجاح الحوار البناء بين كافة القوى السياسية في البلدان العربية بالتوصل لنتائج إيجابية، تريح كافة الأطراف وبأقل الخسائر، وهو ما أكده مندوب الصين لدى مجلس الأمن بأن سورية تمتلك إمكانيات تسمح لهما بتسوية الأزمة عبر إطلاق عملية سياسية شاملة بمشاركة جميع الأطراف، إذ استضافت أكثر من مرة وفود المعارضة وشجعتها على الإنخراط بالحوار السياسي.

تؤمن الصين أن وجود الرئيس الأسد في هذه الفترة ضمانة حقيقية لمستقبل سورية، وانتصار لشريحة كبيرة من الجماهير العربية المعارضة للتدخل الأجنبي، والتي أصيبت بإحباط نتيجة الأحداث والأزمات العربية، وتخاف من سقوط أخر معقل لمواجهة الهيمنة الأمركية، وخط المواجهة الأول في سورية، والمتمثل بالرئيس بشار الأسد.

المعارضون للتدخل الأجنبي من الشعب السوري، نالوا جرعات دعم معنوي مرده الموقف الروسي والصيني، ما غير المشهد الذي حاول إعلام البترودولار رسمه عن رغبة جامحة لدى شعوب المنطقة بالسير بالركب الأميركي! ونعي المشروع القومي تحت عباءة مشايخ النفط! . فقد أعطى الفيتو المزدوج موجه من الراحة لدى أطرف متخوفة من إستغلال الغرب لمسألة حقوق الإنسان في سورية، لتحقيق أجندته الخاصة وإضعاف حكومة عربية مقاومة للكيان العبري.
الفيتو الصيني يعكس أيضاً الهوة بين بكين وواشنطن منذ صفقة الأسلحة الأمريكية إلى تايوان 2010، والتي بلغت قيمتها أكثر من6.4 بليون دولار، وكذلك المناورات العسكرية المشتركة لأميركا واليابان وكوريا الجنوبية قرب الشواطئ الصينية، إضافة لمعارضة الصين للموقف الأمريكي المتشدد حيال البرنامج النووي والصاروخي في كوريا الشمالية وإيران.

اليوم بات واضحاً دخول الصين للمشهد العالمي كمشاركة بتشكيل محور المواجه بين موسكو وواشنطن، بالاستناد لقوى فاعلة بمنطقة الشرق الأوسط :إيران وسورية، وبدعم عالمي كمجموعة دول البركس، فيما إختارت دول الخليج وأخواتها أن تعرب كمفعول به بالمنطقة من قبل الإدارة الأميركية

» آذار ربيع التسويات وتناقضات أعداء سورية بقلم سعد الله الخليل
» تصحيح ربيع العرب في اليمن السعيد واكتمال الصورة في سورية.... بقلم سعد الله الخليل
» أوباما... تعا ولا تجي بقلم :سعد الله الخليل
» المعارضة بالتشظي ...بقلم : سعد الله الخليل
» كلام في الوطن بقلم سعد الله الخليل