بعد الكيماوي.. صواريخ ما بعد بعد

بعد الكيماوي.. صواريخ ما بعد بعد

ثريا عاصي
من المرجح ان وحوش «الثورة» في سوريا إستخدموا في 21 آب، في الغوطة الشرقية، قذائف محشوة بغازات سامة. هذا هو رأي الروس. أما الإدارة الأميركية والحكومة الفرنسية، فإنهم يقولون عكس ذلك. فهم إتهموا وأصدروا الحكم واستعدوا لمعاقبة سوريا، قبل أن يبدأ التحقيق. بل أن الحكومة الفرنسية الحالية ذهبت إلى أبعد من هذا عندما إتهمت وأصدرت حكمها على الدولة السورية، استنادا إلى تحقيق أجراه صحافيان فرنسيان.. أظن أن الحقيقة لا تهم الحكومة الفرنسية. كونها تنحاز بوضوح إلى جانب دولة المستعمرين الإسرائيليين والولايات المتحدة الأميركية. تتسلح هذه الحكومة، في تبرير موقفها من القضية السورية، ببرهان ينبني على معطى مفاده أن الجيش العربي السوري يمتلك في ترسانته العسكرية سلاحا كيميائيا، وأن هذا النوع من السلاح لا يوجد بين أيدي المسلحين والمتمردين. يستتبع ذلك بحسب التفكير «الديكارتي» أن الأدلة على استخدامه، هي في الوقت نفسه أدلة على من استخدمه.
أقل ما يقال في مثل هذا البرهان، أنه تعبير عن ذهنية إستعمارية تعسفية. لا تعترف بأن للآخرين الحق في التفكير، أو بأن لديهم شيئا من الذكاء. بمعنى آخر، حكام فرنسا الحاليون يعتدّون بأنفسهم وبقوتهم ويدّعون أن على الناس الإنصياع إلى إرادتهم والموافقة على آرائهم. غرورهم لا يسمح لهم بقبول الإختلاف عنهم. خذ اليك القضية الفلسطينية. عدم تطبيع العلاقات مع دولة المستعمرين، أو حتى إنتقاد الإستعمار الإستيطاني والسياسة الإسرائيلية التوسعية، يكاد أن يكون في نظرهم جريمة هتلرية كبرى لا تغتفر!! مجمل القول أن الحكومة الفرنسية الحالية ترفض رفضا قاطعا، فرضية حصول المتمردين في سوريا على سلاح كيماوي. لقد بدر عن هؤلاء المتمردين أفعالاً تقشعر لها الأبدان. رغم ذلك ما تزال الحكومات الغربية، ومن ضمنها الحكومة الفرنسية، ودول الخليج والسعودية وتركيا، تمدهم بالعتاد العسكري وتقدم لهم الخبرات العسكرية والمعلومات الميدانية. لا أجد شخصيا سببا مقنعا يجعلني أستبعد إقدام هذه الجهات العربية والغربية، على إعطاء المتمردين المذكورين انواعا من السلاح الكيماوي. لا سيما أن الداعمين العرب والغربيين أوكلوا للأخيرين، كما يبدو مسؤولية إرساء الديمقراطية وإطلاق الحريات… والتطبيع مع دولة المستعمرين الإسرائيليين، وربما أيضا التشجيع على الإنخراط في ورشات بناء المستعمرات! من البديهي، أن وراء الإفتراء والخداع اللذين ينطوي عليهما الخطاب الغربي، يستشف منهما أن المستعمرين يبيتون الاستعداد لعدوان على سوريا ويبحثون عن غطاء تمهيدا لهجوم يستعد له الارهابيون بالتزامن مع العدوان الغربي بحسب أنباء تناقلتها بعض وسائل الإعلام بلّغت الى كتائب عسكرية موجودة في الأردن وتركيا ليكونوا جاهزين لإسقاط الدولة السورية.
لم يقلع الرئيس الفرنسي ووزير خارجيته لوران فابيوس عن المقامرة بعد. ما يفهم من رد فعل الحكومة الفرنسية على التسوية الروسية الأميركية لإيجاد مخرج، يحفظ ماء وجهها ووجه الإدارة الأميركية أنها غير راضية، أو أنها تعتقد أن ضرب سوريا كان ممكنا، وأنه لا يجوز إرجاؤه أو إلغاؤه، دون وضع سوريا تحت الوصاية، أو إذا شئت الإنتداب الفرنسي من جديد، بقرار من مجلس الأمن الدولي، تحت البند السابع. العراق تحت البند السابق، متى يحين دور مصر؟ يحسن التذكير هنا بأن الفرنسيين لا يوافقون على النزعة الحربية في سياسة هولاند ـ فابيوس، تجاه سوريا، بنسبة 64%، على حد علمي. أغلب الظن أن إندفاعة الحكومة الفرنسية، وغلوها في إشهار عدائها لسوريا إذا جاز التعبير، مرده كما ألمحت أعلاه، إلى كون السياسة التي تنتهجها، على نفس نسق السياسة التي يطبقها المستعمرون الإسرائيليون، واستطرادا نسق السياسة الأمبريالية الأميركية ! تأسيسا عليه، ورغم استعراض العضلات الذي يكرره يوميا السيد فابيوس، فإن العدول عن قصف سوريا، في الراهن على الأقل، أمر لم يكن إختياريا بل إجباريا. اما التخلي عن السلاح الكيماوي، فهو ثمن للتسوية، لحفظ ماء الوجه. لا سيما أن هذا السلاح هو عديم الفائدة. غير صالح للإستخدام، عسكريا وأخلاقيا، بما هو سلاح إبادة، إستخدمه الأميركيون في فيتنام.
من المحتمل جدا أن يكونوا أعطوا العراقيين شيئا منه أثناء حربهم ضد إيران، للإيقاع بهم. لقد شاهدت شخصيا صور ضحايا السلاح الكيماوي في حلبجة، على القنوات التلفزيونية، عشرات المرات ! ان الشعوب الفقيرة، التي يستطيع الامبرياليون قصفها، بالطائرات المسيرة عن بعد، وبالصواريخ العابرة للقارات، لا يمكنها الدفاع عن نفسها بواسطة السلاح الكيماوي أو النووي. الدول الإستعمارية قطعت أشواطا في هذا المجال. هي لن تسمح باللحاق بها. المشكلة في رأيي وبكل تواضع، ليست في وجود سلاح كيماوي، أو في إنتاج قنابل نووية. ولكنها في وجود قذائف، أو صواريخ عادية، تمنع الأعداء من الإقتراب من البلاد ومن إحتلالها. أن ما يقلق الدول الإستعمارية، هو القذيفة التي يمكن أن تصل إلى المدن الإسرائيلية، إذا قام المستعمرون بقصف بيروت وقرى جنوب لبنان. أنا على يقين، أن الغاية من وراء إطلاق حركات التمرد التي يسميها البعض «ثورات» ويزعمون أن أكلة لحوم البشر سوف يأتون بالديمقراطية ويعيدون إلى الناس حقوقهم، فالهدف من هذا كله هو نزع الصواريخ التي يمكن أن تطال دولة المستعمرين الإسرائيليين والقواعد الأميركية ومواقع إستخراج النفظ والغاز في شبه جزيرة العرب.
وتأسيسا عليه من المحتمل أن تستمر حركات التمرد، باسم الإسلام، أو أن تتعرض سوريا ولبنان وإيران لهجمات صاروخية أو جوية، بحجة نزع سلاح الدمار الشامل، حتى يتحقق نزع الصواريخ التقليدية، العادية. أو يقتنع الأعداء بأن ذلك مستحيل، طالما هناك لاجئون وأرض مغتصبة وحقوق ضائعة، ودول إستعمارية تطبق سياسة التمييز العنصري! والغريب أن تكون العقبات التي تعترض الهجوم الأميركي ـ الفرنسي، سببت حنق السيد اردوغان واشهاره العداء السافر لسوريا، وكأنه لم يتّعظ بما آلت اليه أحوال «أخوانه» في مصر. ربما لأنه فقد الأمل باستعادة السلطنة العثمانيّة.
الديار

» سحر الكيماوي قد ينقلب على المعارضة
» كذبة الكيماوي تتهاوى – غالب قنديل
» السيد نصر الله :فوجئ الاسرائيلي اليوم بسقوط صواريخ واعترف بأن هناك صواريخ فجر 5 سقطت على تل أبيب وهذا تطور كبير جدا بالصراع الفلسطيني الاسرائيلي
» حلب بعد الكيماوي
» علي الكيماوي السوري !!! حسن نصر