علي الكيماوي السوري !!! حسن نصر

واستخدامه المفترض أيضا لأسلحة الدمار الشامل، وليكون ذلك ذريعة لاحقة لبدء اجتياح مبرر للاراضي السورية لإنقاذ العالم من خطر بقاء النظام السوري، الأمر الذي يعكس بجوهره تلك الأكذوبة المفبركة سابقا، والتي كانت سببا لاجتياح العراق بحجة امتلاكه لأسلحة الدمار الشامل، التي تبين زيفها فيما بعد. وما يدعو للاستهجان في كل ذلك، هو كلام الرئيس الأمريكي باراك اوباما، عندما قال إن القيادة السورية ستتحمل المسؤولية أمام المجتمع الدولي إذا أقدمت على اقتراف “الخطأ المأساوي” باستخدام الاسلحة الكيمائية..

فما الذي يخبئه سيد البيت البيض من وراء هذه التصريحات؟ ولماذا – حسب بعض التقارير الغربية – وضعت جيوش بعض دول في المنطقة في حالة استنفار للمشاركة في عملية نوعية لمنع وصول هذه الاسلحة السورية إلى حزب الله اللبناني كما تدعي؟ ولماذا اسرائيل بدأت تلوح باحتمال تدخلها عسكريا في سوريا، ولو بشكل انفرادي، وبتوجيه ضربة استباقية محتملة ضد حزب الله اللبناني بدعوى حصوله على أسلحة كيماوية وصواريخ باليستية؟

كل هذه الاحتمالات تبدو بالغة الخطورة في ظل تقارير اخرى أشارت الى أن جهات غربية تريد تهيئة الرأي العام الدولي لإمكانية حصول كل ذلك، وفي الخفاء قامت بوضع خطة لقصف صاروخي مفتعل وباستخدام السلاح الجرثومي في إحدى المناطق، التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة، لكي تنسب هذه الجريمة فيما بعد إلى القوات السورية النظامية. الامر الذي ربما تداركه الجانب السوري مجيبا على هذه التكهنات بأنه لن يستخدم أي سلاح كيميائي حتى ضد المعارضة خلال الأزمة الحالية، وأيا كانت تطوراتها اللاحقة في الداخل السوري، مع تلميحه إلى احتمال استخدام تلك الأسلحة في حال تعرض سورية “إلى عدوان خارجي”..

لكن المثير للجدل في هذه الدوامة الغربية هي الاتهامات، التي وجهها ما بات يعرف بالجيش السوري الحر في بيان صدر له يوم الثلاثاء 24 يوليو/تموز، بأن نظام الرئيس السوري بشار الأسد يقوم بالفعل بنقل أسلحة كيميائية وبعض الأجهزة المتعلقة بصنع هذا النوع من السلاح إلى مطارات على الحدود، وبأن هذا السلاح سيقع بيد حزب الله اللبناني لا محالة. فعلى خلفية هذه التصريحات المثيرة للجدل، يبرز السؤال: من يقوم بتزويد قادة الجيش السوري الحر بهذه المعلومات المفترضة إن لم تكن مختلقة أساسا؟ وهم لغاية اليوم لم يستطيعوا تحقيق انتصار يذكر على الارض في مواجهة الجيش العربي السوري، الذي تؤكد مصادر سورية مطلعة أن القيادة السورية لم تستخدم سوى عشرين بالمئة من قدرات هذا الجيش، الذي عبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن قناعته باستحالة انتصار المسلحين عليه، حين قال إن الغرب حتى لو زود المعارضة بأحدث الأسلحة فلن تستطيع هزيمة الجيش السوري. ولعل هذه التصريحات ناتجة عن معرفة الوزير لافروف بما يمتلكة الجيش السوري، كون أغلب اسلحته روسية الصنع، وبأنه لا يوجد أي مبرر لدى القيادة السورية لاستخدام اي أسلحة محرمة دوليا، وهي التي تسيطر على الارض حتى هذا اليوم.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا كل هذا الضخ الاعلامي ضد سوريا في المرحلة الراهنة؟ ولماذا يتباكى البعض بشكل اصبح مضحكا على مصير الشعب السوري؟ ولماذا لم نر بكاء هؤلاء من قبل عندما استخدمت القوات الأمريكية الأسلحة المحرمة دوليا ضد الشعب العراقي؟! وهل كان التنديد الدولي كافيا عندما استخدمت اسرائيل الفوسفور الأبيض ضد أبناء الشعب الفلسطيني؟ أو عندما عثر على جزيئات اليورانيوم على اشلاء أبناء شعب يوغسلافيا؟ لماذا كل هذه المعاير المزدوجة؟ ومن هو المعني اليوم أكثر من السوريين انفسهم بالدفاع عن كرامتهم ووطنهم وهم تاريخيا عندما كانوا يخيرون بين رغيف الخبز والدفاع عن الوطن كانوا يختاروا الأخير.. فلا داعي للمتاجرة بدم الشعب السوري، الذي لم يخن تاريخيا عاداته وتقاليده، وسيحفظ التاريخ له أنه مهما قسى عليه الدهر سيخرج منتصرا وأنه ليس من عاداته تربية أناس يستخدمون سلاحا فتاكا مثل علي الكمياوي الأمريكي…

rt