الأسد : نداء المقاومة الشعبية – غالب قنديل

كان الرئيس بشار الأسد كعادته هادئا واثقا في خطابه الذي استرجع فيه مراحل الأزمة السورية مشددا على الأبعاد الداخلية وكيفية التعامل معها لكن الحلقة الأبرز في الخطاب كانت نداء استنهاض لمقاومة شعبية تعجل في ساعة الخلاص انطلاقا من دروس التجربة التي تخوضها الدولة وقواتها المسلحة في مجابهة العدوان الاستعماري على سوريا.

أولا خطاب الرئيس هو بمثابة تقرير شامل عن مسار الأحداث أظهر بالوقائع كيف تبدى حرص الدولة على إعطاء كل الفرص للمبادرات متجاوزة شكوكها والوقائع الصارخة حول نوايا الجهات الدولية والإقليمية المتدخلة في الأحداث السورية وبرهن الرئيس على أن سلوك القيادة السورية قام على إمهال المواطنين لاكتشاف الحقائق وللبرهنة على صحة الرؤية الوطنية للأحداث التي بسطها الرئيس الأسد عمليا أمام شعبه منذ البداية وذكر الرئيس كيف جرى دائما تخريب المبادرات على يد مطلقيها أنفسهم عندما كانت تقود إلى تثبيت صحة الرؤية التي طرحتها الدولة السورية وتفضح مسؤوليات القوى المعتدية عن تغذية العنف والإرهاب وهذا ما حصل بالفعل مع المراقبين العرب ثم مع المراقبين الدوليين حيث فضحت الإدارة السورية للصراع حقيقة التآمر الخارجي وطبيعة مخطط العدوان الأميركي الإسرائيلي التكفيري الذي شكلت الرجعية العربية فصيله الأنشط وقوته الأقبح وبالذات المملكة السعودية وقطر والتنظيم العالمي للأخوان المسلمين ومعهم بالطبع حكومة الوهم العثماني .

ثانيا ركز الرئيس بشار الأسد كعادته منذ البداية على البعد الداخلي بهدف التشديد على المهام والأولويات التي ينبغي التعامل معها وإنجازها بإرادة السوريين وقدراتهم واستنبط من دروس المجابهة التي تخوضها سوريا دعوة إلى استنهاض مقاومة شعبية دفاعا عن الوطن وهذا هو المضمون الواقعي للمرحلة الراهنة من المواجهة بعدما تكيف الجيش العربي السوري بهيكليته وبأساليبه القتالية مع شروط الصراع ضد عصابات إرهابية تضم خليطا من اللصوص وقطاع الطرق والمرتزقة والتكفيريين المجندين في نسيج متعدد الجنسيات استجلبته دول الحلف المعادي لسوريا .

نسب الرئيس الأسد بحق الإنجازات الميدانية للقوات المسلحة في العديد من المناطق إلى بطولات الضباط و الجنود وكذلك إلى توافر مقاومة شعبية منظمة احتضنت الجيش وشاركته بمبادرات ظهرت بالفعل في الميادين من المساهمة في تنظيم شؤون الناس خلال المعارك إلى العمل الحثيث لمحاصرة الإرهاب والتمرد بعمل شعبي وسياسي قاد في كثير من الحالات إلى إلقاء الآلاف للسلاح أو حتى إلى انخراط العديد من المسلحين في القتال إلى جانب الجيش كما نوه الرئيس الأسد .

وفي حالات عديدة شكلت قوات الدفاع الوطني ظهيرا وسندا للجيش العربي السوري سواء من خلال الثبات في المواقع المحررة ومنع عودة الإرهابيين إليها أم من خلال المساهمة الفاعلة في المعارك التي خاضها الجيش لتحرير الكثيرمن المناطق والمواقع وقد أشار الأسد بذلك إلى ان المقاومة الشعبية شكلت العنصر الأهم في صنع انتصارات الجيش العربي السوري الذي سطرضباطه وجنوده بطولات قاربت المستحيل كما وصفها الرئيس وهو فسر بهذا العنصر تفاوت الحال بين منطقة وأخرى.

ثالثا ربط الرئيس الأسد بين المدى الزمني المطلوب للخروج من الأزمة وللانتصار على العدوان الذي يستهدف سوريا وبين تسارع النهوض إلى المقاومة الشعبية التي تحتضن الجيش وتشاركه معركة الدفاع عن الوطن وهو بذلك يدعو جميع السوريين لتحويل استعجال الخلاص إلى حافز للمقاومة وهذه المقاومة الشعبية هي الطريق الواقعي لتجسيد فكرة الدولة المقاومة التي رددها الرئيس الأسد في الأشهر الأخيرة من خلال تحويل قوات الدفاع الوطني إلى ركن حاسم في تكوين منظومة الدفاع السورية وتعميم هذه التجربة في سائر انحاء سوريا وكذلك عبر تعميم المبادرات السياسية و الشعبية في كل مكان لدعوة المتورطين من السوريين إلى إلقاء السلاح ومحاصرة عصابات الإرهاب والتكفير ، وفي هذا المجال ربطت جميع التقارير الغربية بين التحركات الشعبية وتأثيرات الأهالي وبين انهيار التشكيلات المسلحة للإرهاب والتمرد وسلوك المتورطين من السوريين طريق العودة إلى الدولة الوطنية تحت ضغط عائلاتهم .

تقع مسؤوليات قيادية في هذا الاتجاه على جميع القوى الحية في المجتمع السوري للعمل بروح التضامن الوطني لإنقاذ سوريا وحماية استقلالها وسيادتها ودورها القيادي في المنطقة .

من صلب مهام المقاومة الشعبية تأتي المبادرات الهادفة لتوفير مستلزمات الصمود ومعالجة المشاكل التي تولدها الأحداث على الصعد المعيشية والاجتماعية بأخلاقيات الشراكة في المسؤولية وبمحاصرة الثغرات ومواقع الخلل والتقصير.

نداء المقاومة الشعبية الذي أطلقه الرئيس الأسد هو الطريق إلى انتصار لم يحدد له أجلا لأن الزمن المطلوب للإنجاز مرتبط بهمة السوريين وباستعدادهم النضالي فكلما انتشرت وتوسعت المقاومة الشعبية السورية الحاضنة للجيش والدولة والمساندة لهما كلما باتت ساعة النصر أقرب وهي آتية لامحالة بعدما دحرج الصمود السوري كثيرا من الأحجار الأميركية الصهيونية في المنطقة إلى هوة الفشل السحيق .

» لولا المقاومة والجيش! - غالب قنديل
» خطاب المقاومة والخيار الديمقراطي – غالب قنديل
» الأسد ونصرالله وغزة... غالب قنديل
» الخائبون و خطاب الأسد – غالب قنديل
» القائد المقاوم بشار الأسد – غالب قنديل