أداة سعودية وليست مذهبية - غالب قنديل

المواقف المعادية للجيش والحاضنة للتكفير والإرهاب ليست هفوات عابرة ولا نكاية طارئة في سلوك قيادة تيار المستقبل بل هي تعبير عميق عن كونها أداة لمخطط سعودي متصل بالمشروع الأميركي في المنطقة وقد ظهر عاريا عندما أزيحت الأقنعة والمتاريس التي تحركت عليها الحريرية وعبرها من خلف الستار لتفجير لبنان ولمحاصرة المقاومة وآخرها عصابة احمد الأسير.

أولا يربط البعض مواقف نواب وقادة تيار المستقبل العدائية من المقاومة بدوافع مذهبية وهؤلاء سذج ومساكين ليسوا سوى ضحايا الصورة الزائفة التي رسمها المخططون الأميركيون والغربيون ،الذين يسعون بكل طاقتهم لتحريك اقتتال مذهبي دموي على مساحة الشرق حشدوا له جحافل الإرهاب القاعدي والتكفيري التي أسسها السعوديون والأميركيون في ثمانينات القرن العشرين بالاشتراك مع التنظيم العالمي للأخوان المسلمين الذي أوفد عشرات الآلاف من طلابه وشبابه إلى أفغانستان للقتال بعد التدريب في الأردن وباكستان على يد المخابرات الأميركية وبرعاية مشايخ متطرفين من الوهابية السعودية أرسلوا خصيصا في تلك المرحلة وكان أسامة بن لادن مجرد معتمد قبض وآمر الصرف المعين من قبل المشرف السعودي بندر بن سلطان الذي أدار كل شيء من مكاتب سفارة حكومته في واشنطن حيث نسق تلك الورشة الدموية الإجرامية بالشراكة مع ديك تشيني وآل بوش وبن لادن وسائر رفاقه في شركة كارليل لتجارة الأسلحة ولتمويل الإرهاب الدولي ويومها حشد مجموعات من رجال الأعمال الناشطين في المملكة و الولايات المتحدة لإقامة منظومة مالية مساندة "لأبطال الحرية " في أفغانستان وكان الحريريون من بينهم.

ارتباط المستقبل بمرجعيته السعودية ليس مجرد علاقة بيزنس وإعماركما يتخيل كثيرون بمعنى ان العائلة الحريرية وبكل براءة هي مجرد مجموعة لبنانية تملك شركات مقاولة تنفذ مشاريع إعمارية في المملكة بل هي استطالة سياسية سعودية في لبنان أنشئت لخدمة مشاريع ومخططات سياسية ترسم في واشنطن والرياض.

ثانيا الصورة البراقة لمجموعة المقاولات ولعائلة الأعمال والخدمات تكفل بها فساد سعودي اوجيه بعد الفضائح الأخيرة في ظل الإدارة الرشيدة للشيخ سعد الذي اختارته المملكة وريثا لوالده من خارج الترتيب العائلي لأنه أكثر التصاقا بمخابراتها والفتى الأغر على أي حال وبمعونة عباقرة مثل هاني حمود وعقاب صقر وباسم السبع وأشرف ريفي وفؤاد السنيورة ومحمد شطح و العمة وولدها لم يبق شيئا من تركة والده السياسية سليما لينفذ ما يطلب إليه بما في ذلك هدر دم أبيه وحماية شهود الزور وطمس الحقائق بتحقيق مزور فالمهم ان الأمير بندر يشعر بالرضى ومعه صفة ولي النعم منذ زمن الوصل في واشنطن !.

تيار المستقبل أنشأته أجهزة المملكة السعودية منذ سبعينيات القرن الماضي حين قررت تهيأة الموفد السعودي الرسمي إلى لبنان زعيما يخلف صائب سلام ويرثه ليشطب قامات كبيرة كالرئيس سليم الحص وآل كرامي وكل القيادات المنافسة بجرة قلم عبد الحليم خدام وغازي كنعان وجعلت منه السعودية لذلك عرابا للحلول والاتفاقات التي تختم الحرب الأهلية ولا تنهيها ،بعدما صدرت مذكرة الخارجية الأميركية عن نهاية عهد أمراء الطوائف في لبنان وحيث شرع الأميركيون يبحثون في اسيتلاد أفواج "اكثر حداثة "من السياسيين والزعماء المرتبطين باستراتيجياتهم في هذا البلد الصغير الذي اعتمدوه منذ استقلاله (!)مختبرا لمخططاتهم الاستعمارية في الشرق ووكرا للاستخبارات الغربية ومرتكزا لحماية الأمن الإسرائيلي .

ثالثا المستقبل كبنية اجتماعية وثقافية لاعلاقة له بالتدين وهو أبعد ما يكون في تقاليد قيادته عن الإسلام ولن نتوغل أكثر في توصيف الصورة "المودرن " الباذخة التي تميز العائلة الحريرية المنخرطة في سلوكيات الاستهلاك الغربية المعروفة كسواها من نخب المال والأعمال التي تحصد ثروات طائلة من صفقات وتوكيلات عابرة للقارات ، وتشارك يهودا كثيرين ولذلك فهي تقف خلف الستار كما كانت منذ نشوئها لتقوم بدعم و تبني جماعات متطرفة لخدمة مخططات المملكة التي تعتبر قاعدة النفوذ الأميركي الأولى في المنطقة منذ قيامها والتي أسندت إليها جميع المهام الدموية المرتبطة بمناهضة كل قوة او نظام تحرري في المنطقة ويكفى دلالة ما فعلته المملكة لتخليص أميركا وإسرائيل من عبد الناصر وما قامت به لتدجين المقاومة الفلسطينية وإفسادها وما تقوم به ضد سوريا وخيارها التحرري المقاوم.

عطفا على ما تقدم يكفي سؤال الشيخ سعد الحريري ثلاثة أسئلة : لماذا بقي حبيس غرفته بعد هجمات 11 أيلول في منزل العائلة بالولايات المتحدة حتى نجاح مسعى الوالد الراحل لإحضاره في طائرة شريك العائلة الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك من هناك وهذه رواية منشورة في صحف العالم ؟ وما هي حقيقة دور سعد الحريري في المخابرات السعودية وبالذات في الملف الباكستاني المرتبط بالقاعدة وطالبان الباكستانية والأفغانية وبنفي نواز شريف بعدما أطاحه انقلاب عسكري اميركي وقد تناقلت جميع وسائل الإعلام صورة الشيخ سعد بالزي السعودي التقليدي قبل سنوات قليلة عندما كان ضمن وفد رسمي وعلني للمخابرات السعودية برئاسة الأمير مقرن في باكستان؟ والسؤال الثالث هو لماذا داهمت المخابرات الأميركية بعد هجمات 11 أيلول مكاتب شركات الحريري في باكستان وهذا خبر معروف يمكن استرجاعه بالعودة لأرشيف وسائل الإعلام و للأخبار عن زيارة خاطفة قام بها الرئيس الراحل رفيق الحريري لباكستان تفقد خلالها مكاتب شركاته بعد مداهمتها ويقال في بعض التقارير الإعلامية إن الشيخ سعد كان المسؤول عن أعمال العائلة وشركاتها في باكستان آنذاك وأن المداهمة حصدت وثائق عن تحويلات مالية وأسماء وعناوين دخلت في تحقيقات ما بعد هجمات أيلول؟

» الإرهاب التكفيري أداة استعمارية : غالب قنديل
» 75- سيناريو سعودية - ناصر قنديل
» درس لبناني من غزة>>>غالب قنديل
» خطة أردوغان المكشوفة...غالب قنديل
» اختبارات ما بعد الاتفاق ...غالب قنديل