اختبارات ما بعد الاتفاق ...غالب قنديل

اختبارات ما بعد الاتفاق
غالب قنديل

حسمت ضربة المقاومة المباغتة في تل أبيب جميع المحاولات الأميركية الإسرائيلية التي خططت لها هيلاري كلينتون مع وصولها المباغت لتحويل شروط التهدئة إلى صيغة تفرض الإذعان الإسرائيلي على قطاع غزة بالواسطة المصرية.

أولا: تستطيع الولايات المتحدة في حصيلة ما جرى أن تعتد بإعادة إنتاج الدور المصري على القواعد ذاتها التي كانت سائدة في زمن الرئيس مبارك لجهة دور الوسيط الذي يضمن تنفيذ التزامات أمنية وسياسية مكرسة لإحكام الشروط الأميركية الإسرائيلية وخصوصا استمرار الحصار المفروض على قطاع غزة والمقصود بذلك أساسا منع القطاع والمقاومة داخله من امتلاك الأسلحة والذخائر الكفيلة بتطوير قدرات الردع ضد جيش العدو و المواد التي تحتاجها في التحصينات و المخابئ .

صيغة الحصار ما تزال مفروضة وقائمة وبإشراف ثلاثي مشترك أميركي مصري إسرائيلي وقد حل في الترتيبات العملية مدير المخابرات الجديد اللواء شحاتة محل اللواء الراحل عمر سليمان وكان واضحا في كلام قادة المقاومة أن شحاتة هو المرجعية المسؤولة عن الآليات التنفيذية للاتفاق بينما أكدت المصادر الإسرائيلية أن الإشراف الثلاثي على المعابر ينطوي على التزامات مصرية بتشديد الرقابة في سيناء لمنع أي نشاط جديد لشبكات نقل الأسلحة والأموال.

ثانيا: يمكن القول في حصيلة المواجهة التي خاضتها المقاومة ضد العدوان الإسرائيلي على القطاع إن خيار المقاومة انتصر بصورة حاسمة وقد جدد قوته وزخمه بالوقائع التي حملتها أيام المواجهة والصمود سواء لجهة المناخ الشعبي الفلسطيني الحاضن لخيار المقاومة بكل وضوح أم على مستوى قدرة المقاومة على هز العمق الصهيوني بقوة وبعنف وهذا بذاته بالغ الأهمية على صعيد معركة الوعي والإرادة في المنطقة ، وستكون له ثماره المهمة في المراحل المقبلة من الصراع العربي الإسرائيلي وفي جميع الساحات المعنية بهذا الصراع ولن يستطيع أي كان بأي طريقة أو وسيلة أن يحول دون تقدم خيار المقاومة كتيار يعبر عن مستقبل المنطقة والأمة العربية برمتها في مجابهة الغطرسة الصهيونية وبهذا المعنى فإن خيار المقاومة انتصر وعملية تل أبيب التي كانت آخر توقيع للمقاومين في مسرح العمليات شكلت الضربة التي أرغمت القادة الإسرائيليين وإدارة أوباما على اختصار المناورات التفاوضية ووقف العدوان.

ثالثا: يدور حديث في الكواليس عن عروض مالية وتجارية لقيادة حركة حماس ولحكومتها في القطاع و تسوق رهانات قطرية ومصرية وإسرائيلية على تحويل قطاع غزة إلى منطقة تطبيع مع العدو على حساب خيار المقاومة ، من خلال مسار يفرض فيه على حركة حماس القيام بخطوات تستهدف الفصائل المقاومة المصممة على حمل السلاح وعلى مراكمة قدرات الردع. وبغض النظر عن صحة هذه الشكوك والخيارات السياسية لهذا الفصيل أو ذاك ستبقى الحقيقة المحركة للواقع السياسي الفلسطيني هي قضية فلسطين المحتلة واغتصاب المقدسات وحق العودة وهذا ما أكدته التجربة التاريخية الطويلة وبالذات تجربة الضفة الغربية المحتلة ما بعد اتفاق أوسلو فقطاع غزة المحاصر ما يزال رهينة تحت الوصاية الإسرائيلية الأميركية المصرية وحريته الكاملة رهن بحل شامل وجذري للتناقض مع العدو والمعيار في محاكمة موقف حكم الأخوان المسلمين في مصر هو التزامهم العملي بفك الحصار عن القطاع من الجانب المصري وليس تقنين المعابر بناء على الشروط الأميركية الإسرائيلية وإعادة تركيب الكاميرات والتجهيزات التجسسية الأميركية والإسرائيلية على معبر رفح لمراقبة كل شاردة و واردة.

رابعا لو كان الحكم المصري الجديد ملتزما فعلا بقضية فلسطين فالترجمة ستكون سلاحا وذخائر لتمكين المقاومة في غزة من تطوير إمكاناتها وليس تدمير الأنفاق وإحكام الحصار والتباكي على الشهداء والجرحى وتقديم خدمات الإغاثة المنقوصة.

انجاز المقاومة قائم ومستمر وهناك فصائل فلسطينية مصممة على متابعة الطريق في التصدي للعدو والمرحلة القادمة ستكشف الكثير من الخفايا كما ستضع جميع اللاعبين أمام اختبارات وتحديات الصراع مع المشروع الاستعماري الصهيوني الذي لم يبدل شيئا من طبيعته ولا يمكن التحايل على حقيقته الساطعة والتي تمثل التحدي الوجودي الأبرز لشعب فلسطين ولجميع شعوب المنطقة.

» الاتفاق في فيينا - ناصر قنديل
» الاتفاق الإيراني ـ الأميركي ..... ناصر قنديل
» بعد نتنياهو كيري يوزع الاتفاق – كتب ناصر قنديل
» حول الحملة الخليجية – غالب قنديل
» درس لبناني من غزة>>>غالب قنديل