ما يشاع بأن السعودية وراء ازاحة محمد مرسي عن سدة الرئاسة ودعم المؤسسة العسكرية المصرية للاطاحة به هو كلام غير دقيق وهو اهانة للشعب المصري الذي خرج اكثر من ثلثه ليقول كلمته بوجه مرسي " ارحل", وقد تكون هي خلف هذه التسريبات لتظهر بمظهر الدولة الحاضرة في الساحة السياسية العالمية والفاعلة في تغيير وجه المنطقة.
وما يقال عن انها ابلغت وزير الخارجية الامريكي جون كيري غير مرتاحة لتجربة حكم الاخوان المسلمين في مصر, لكونها ستشجع على تعميم حالة وصولهم الى دول أخرى, وهذا ما يتضارب مع الامن القومي السعودي ", كذلك هذا تحليل بعيد عن المنطق والواقع لاسباب عديدة.
أولا: ان المملكة السعودية هي الداعم الاساسي لتركيا رائدة سياسة الاخوان المسلمين.
ثانيا: السعودية الدولة الوحيدة التي ما زالت مصرة على تقديم الدعم المطلق للجماعات التكفيرية المسلحة في سوريا, وتريد تذويدهم بأسلحة متطورة وحديثة وقد قدمت بلايين الدولارات في هذا المجال, وقبل شهر خلال الاجتماع الذي عقد في الرياض بين وزير الخارجية السعودي ونظيره الامريكي جون كيري, طالب سعود الفيصل وهو يهتز من شدة حماسته مطالبا العالم القيام بتسليح الجماعات المسلحة فيها, ومن بقي في سوريا من مسلحين غير ارهابي القاعدة والمرتزقة التكفيرين الذين تخرجوا من تحت منابر التكفير الوهابي السعودي ؟؟؟.
ثالثا: ان المشروع الاخواني المدعوم من السعودية الممتد من سوريا الى تركيا ثم يلتف نحو تونس وليبيا ومصر غير خافيا على احد, وما التحالف الذي كان قائما بين الاحزاب السلفية الوهابية والاخوان المسلمين في مصر الا خير دليل على ذلك.
رابعا : ان "حزب النور المصري السلفي الوهابي" الذي يرتبط ارتباط روحي ومبدئي ومعنوي بالسعودية, ويأتمر بأوامرها وينهى بنهيها كان الحليف الابرز للرئيس المعزول محمد مرسي, وهذا الحزب بالذات كان خلف توريطه باخطاء جسيمة وجعله رهينة لافكارهم المتطرفة , وهو أخطر ايديوليجيا من حزب الاخوان المسلمين لانهم يحملون فكرا وهابيا تكفيريا يشكل خطرا على المجتمع المصري وسماحة شعبه, وهم من شجعوا على ارتكاب الجرائم المذهبية, والتي ذهب ضحيتها المواطنون المسيحيون والمسلمون الشيعة من خلال قنواتهم الفضائية المدعومة والممولة من السعودية, وما قتل الشيخ حسن شحاته واخوانه بابشع صورة عرفها الشعب المصري الا نتيجة لمدرسة التكفير التي ينتهجها حزب النورالسلفي.
بناء على ما تقدم, فليس للسعودية اي دور في اسقاط حكم الاخوان في مصر, وما سرعتها بمباركة الانقلاب على الاخوان الا لانقاذ حزبها الوهابي " حزب النور " من بين ايدي الشعب المصري والجيش, وعندما علمت السعودية بان الشعب المصري مصمم على الاطاحة بمرسي وحلفائه الاسلاميين التكفيرين سارعت الى اصدار اوامرها لحزبها الوهابي " حزب النور " ان ينسحب من الساحات ويتخلى عن مرسي ويتبرأ منه كي ينقذ نفسه, وهكذا كانت السعودية اول من باركت سقوط مرسي, واعلنت عن دعمها للمؤسسة العسكرية ماديا, ثم توالت التبريكات من الدول العربية المرتبطة بالمساعدات السعودية.
ويبقى السبب الرئيسي لهذه التغيرات خافيا على الكثير من الباحثين والمحللين السياسيين, فمن وجهة نظرنا ان هذا التحول بدأ بتحرير مدينة القصير وصمود الجيش العربي السوري شكلا زلزالا هز المشروع الاخواني المدعوم من امريكا والسعودية وقطر وتركيا ومصر, وترددات هذا الزلزال بدأ من البيت الابيض الى الحراك الشعبي في تركيا ثم ازاح الدب المالي القطري الى ان وصل واطاح بمرسي, وسوف تبقى ترددات هذا الزلزال الى ان تصل الى القصر السعودي الذي يحاول ان يسنده ببضعة بلايين من الدولارات يقدمها هبة للجيش المصري, فالجيش المصري وشعبه غني عن فتات الدول الخليجية التي لم تجلب لهم سوى الفقر والحرمان , فشعب مصر الحر الابي قرر ان ينتقم من كل من اوصله الى هذه المرحلة المتردية , ولن يقبل ان ينتقل من حكم ديكتاتوري مارسه حسني مبارك لفترة 30 عاما, ولم يتحمل حكم الاخوان المسلمين السلفيين التكفيرين الذي كان مدعوما من امريكا والسعودية لسنة واحدة, وكذلك لن يقبل ان يحكمه العسكر طويلا قبل ان تنتقل السلطة الى سلطة مدنية منتخبة من الشعب لا تظلم ولا تجور ولا تكفر, ويكون الشعب سواسية كاسنان المشط.
فأذا ظنت السعودية باموالها تستطيع ان تبقي على حزبها الوهابي " حزب النور" في مصر فهي واهمة فلا مكان للتكفيرين في مصر بعد اليوم, فكيدها سيرتد الى نحرها عاجلا ام اجلا.
حسين الديراني