بعد التداولات أول من أمس عن ضرب راجمات صواريخ على مطار دمشق الدولي وإيقاف حركة الملاحة الجوية فيه، وقد رأينا خلال السنتين الماضيتين إن الكلام كَثُرَ حوله كبوّابة لسوريا، فلا عجب من التراشق الإعلامي حوله ولو كان محض كذب وافتراء، فلعدو سوريا الحق بإغلاقه إعلامياً إن استطاع متى شاء، أو فتحه بما يتناسب معه. لعل الغريب أن يصرّح الرئيس سعد الحريري منذ أمد ليس بالبعيد بأنه سيعود للبنان عبر بوابة مطار دمشق، وهل مطار بيروت مغلق !؟ أم لعلّه لم يسأل نفسه إن كان له الحق بالدخول في مستنقع الحرب السورية في زمن صرّحت جمهوريته بسياسة النإي بالنفس، بل زاد بتكليف نائبه في البرلمان عقاب صقر بحَلْب "الصُرّ" والكَرّ بالحليب واللبن تلبية للإنسانية في سورية، والتعامي عن التطهير العُرقي الحاصل في قرى القصر والقصير السورية - اللبنانية، وتدفّق السلاح عبر طرابلس والبقاع مع شياطين الأرض للقتال في سورية، وإيعازه لمشايخه العظام أمثال الشيخ الأسير والشيخ الرافعي ووغيرهم ممّن ائتمر بقمر الزمان بندر بن سلطان - حامي حمى فلسطين - بأن يفتوا بالجهاد ضد أولئك المواطنون السوريون الأوغاد المجرمين، ومن خلفهم الذين آذوا اليهود المساكين وإذاقوهم طعم الذل والهزيمة، فتطايرت الرؤوس وأُكِلت أكباد الموتى، ونُبِشت القبور، ودمِّرت قبور الصحابة، وسُبِيَت النساء المسلمات، وعمّت ثقافة الحور العين، والغداء مع نبي البشرية، وحلّ الهرج والمرج حتى أجمع محور المقاومة على نبذ العنف وتطهير الأرض من رجس التكفيريين، وحصل إن بدأت معركة القصير التي سطّرَت لهم عظمة وقوة الشعب السوري ومحور المقاومة، فعلا صوت العُربان الإفرنجيين من آل سعود وخليفة وثاني وجاسم وبني قينقاع، فسلوا سيوفهم وألسنتهم وكلابهم وسلطوها عبر وسائل الإعلام المرئي والمسموع والمقروء وبدأوا بالعواء والصراخ والنحيب والنباح ولكن ما زالت القافلة سائرة بعزم وإرادة الشعب السوري ومن التفّ حوله من أحرار العالم. تبدأ مناورات الأسد المتأهب في الأردن لتسعة عشر دولة، وبالتزامن تبدأ التداولات عن حظر طيران فوق جغرافيا ضيّقة على الحدود بين الأردن وسوريا، وفي منطقة يتداخل فيها القبائل وإن كانت ذات تيارات مختلفة، فيبدؤون ببثّ التفرقة بين القبائل، ومن جهة أخرى يتداولون بـ "حظر طيران" ورؤية ردود الأفعال على المستويين السوري والعالمي، فينكفئ الحديث لعدم الرد من أي طرف سوري أو دولي. ثمّ يأوِّلون عن معركة حلب القادمة وكيف سيتم التعامل مع "الملائكة" أو "الشياطين" أو أي أمر يختارونه وكأن حلب وحدها بحاجة لتطهير من دنسهم ورجسهم، لكن على الباغي تدور الدوائر، فيفقد "مشائخهم" زمام المبادرة بالمبالغة التي دفعت الكثيرين من المعترضين فعلا على النظام في سوريا لتبديل آرائهم ووجهات نظرهم في إعادة ترتيب بيتهم الداخلي. بعدها يبدئ "الضحك على اللحى" الغبية بتصريح أمريكي متواضع عن ترك طائرات الأف 16 وصواريخ الباتريوت في الأردن، مع رؤية "كيري" متعباً متباطأً في حل الأزمة، وعدم الكلام عن المرحوم جنيف2 المزمع إجراءه في يوم من الأيام في مكان ما. وتسقط أيضاً المراهنات على الوالي العثماني لما يدور عنده ومن حوله، فهو يحتاج لدعم في الأيام والأسابيع القادمة التي لا نستبعد أن تلتف حوله أشواك لا يقوى على إزالتها إن بقي على رأس السلطنة. ويستمع العالم بازدراء لسمفونيات التهويل والتخويف والتخوين وهو يرى المفترس يصرخ ليهرب من "مطبّات" أوقع نفسه بها وبات لا يملك إجابة لشعبه على أقل التقدير، فكيف به يجيب التاريخ..؟. ثم نرى الإنقسامات داخل بيت المعارضة، فيتقاذفون عبر وسائل الإعلام ويترجمون خلافاتهم معارك على الأرض، يذهب ضحيتها عساكرهم المغررين والكثير من الأبرياء المدنيين فتقوى إرادة الجيش ومن حوله الشعب على اقتلاعهم من بلادنا. إن الوقائع التي أحصيناها حتى يومنا هذا تشير بأن مطار دمشق مفتوح دائماً، لكن ليس على هوى الرئيس سعد الحريري، ولا على فتوى القرضاوي وأسياده، وليس بإرادة أمريكا وكل العالم، بل بإرادة الشعب العربي السوري وجيشه وأحرار العالم من ورائهم. |