أردوغان يزور واشنطن

أردوغان يزور واشنطن

تُصور أنقرة زيارة اردوغان لواشنطن ولقاء أوباما في 16 الشهر على أنها فرصة تاريخية لبناء العلاقة الشخصية بين الزعيمين ويرجح أن تهيمن أربعة قضايا شرق أوسطية العراق وسوريا والعلاقات التركية الإسرائيلية وايران على جدول الأعمال. ولضمان مناقشة مثمرة قدر الإمكان سيحتاج أوباما إلى استيعاب وجهات نظر أردوغان حول هذه القضايا، والتي لا تتناغم بالضرورة مع وجهات نظر واشنطن .
في الملف العراقي تشعر تركيا بالقلق من نهج رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ينتهج جدول أعمال انقسامي يركز على الشيعة في بغداد. لقد دعمت أنقرة بوضوح تكتل علاوي العلماني في انتخابات العراق عام 3101 ، مما عك�'ر صفو العلاقات بين أردوغان والمالكي، الذي اتخذ منحى طائفياً منذ ذلك الحين. كما تنظر تركيا إلى المالكي باعتباره رجل طهران، في وقت تظهر فيه إيران كلاعب سياسي يتسم بخطورة خاصة في المنطقة. وهو ما يشير إلى تنافس أردوغان مع المالكي سيحد من الخيارات السياسية للولايات المتحدة. وعلى أوباما أن يضغط على أردوغان لدعم بغداد كوسيلة لإرساء الاستقرار في العراق. وأن يقترح في الوقت ذاته أن تتحدث تركيا والولايات المتحدة إلى المالكي بصوت موحد بشأن السياسات الطائفية التي تهدد بالإطاحة بالديمقراطية في البلاد.
وينبغي على واشنطن وأنقرة تعزيز تعاونهما بشأن نزاع بغداد مع الأكراد العراقيين. وإذا نسقت جميع الأطراف في مجال استكشاف وتصدير النفط والغاز، فسوف يستطيعون زيادة الاستقرار في العراق وخدمة المصالح الأمريكية والتركية.
في الملف السوري وبينما تنتهج واشنطن أسلوباً أكثر حذراً تجاه الحرب في سوريا فيما سعت أنقرة إلى تقويض سلطته من خلال دعم المعارضة السياسية والمسلحة داخل سوريا بالسماح للجماعات الإسلامية المتطرفة بعبور الحدود.
وفي سبيل التشجيع على قيام تعاون أكثر قرباً، ينبغي على واشنطن أن تُذكر أنقرة بأن سوريا يرجح أن تصبح دولة ضعيفة ومنقسمة بمجرد سقوط النظام، مما سيخلق حالة عدم الاستقرار على أعتاب تركيا ومن الحكمة أن يتيقن أردوغان من عدم حصول الجماعات المتطرفة على موطئ قدم لها في سورية.
ومن جانبها لا تزال أنقرة ترغب أن تتبنى واشنطن موقفاً أكثر قوة بشأن مساعدة المعارضة السورية، لكنها تريد أيضاً الحفاظ على تواضع دور تركيا ودعت إلى مبادرة أمريكية لإنشاء ملاذات آمنة أو مناطق حظر طيران داخل سوريا في المناطق الحدودية الشمالية.
كما ترغب أنقرة أن تحول واشنطن المزيد من جهودها المناهضة للأسد من جنوب تركيا إلى الأردن، وحتى إذا لم يكن الرئيس على استعداد للانتقال عبر جميع بنود العمل هذه، فإن إبداء المزيد من الالتزام بدعم المسلحين سيلقى قبولاً في أنقرة، لا يزال ينبغي على واشنطن أن تضغط على أردوغان للسماح للهيئات المدنية والعسكرية الأمريكية بدعم السوريين علانية انطلاقاً من تركيا في مقابل التزام أكبر من جانب الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي بالدفاع عن بلاده.
في ملف العلاقات مع إسرائيل والتي تحسنت عقب التدخل الشخصي للرئيس أوباما في فالتطبيع السريع للعلاقات الثنائية أن يضفي المزيد من القوة على مطالب أردوغان في واشنطن. وإذا أعلنت أنقرة عن تعيين سفير في إسرائيل قبل القمة فإنها سوف تعزز من موقف أردوغان.
ومن بين العقبات المحتملة وجهات نظر تركيا حول حماس والتي تختلف عن وجهات نظر إسرائيل والولايات المتحدة. فأنقرة ترى أنها تستطيع إقناع الجماعة بنبذ العنف والاعتراف بإسرائيل -- وهي الشروط التي وضعتها اللجنة الرباعية الدولية
تعقيد العلاقات مع إسرائيل فقد تمثل هذه الزيارة مصدر إحراج لأوباما، الذي كرس نفوذه الشخصي والسياسي لتحقيق المصالحة بين تركيا وإسرائيل. ومن أجل الحد من هذه المشكلة، ينبغي على واشنطن أن تشجع أردوغان على جعل هذه الرحلة شاملة بإضافة محطة في إسرائيل ولقاء قادة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية أيضاً. وهو ما يخدم طموح أنقرة بأن تصبح رائداً إقليمياً.
من الملفات المحورية الملف الإيراني حيث ترى أنقرة بإيران منافسها الرئيسي في الشرق الأوسط، وعلى واشنطن أن تبني على حالة عدم الثقة القوية لدى تركيا تجاه طهران للحد من المغامرات الإيرانية، والحفاظ على التعاون في قضايا كالرادارات المضادة للصواريخ التابعة لحلف "الناتو" وربما تأمين دعم أنقرة بشأن الأزمة النووية. و ينبغي على الولايات المتحدة أن تتوخى الحذر لئلا تشجع على أي شعور بالفوضى الطائفية بين السنة والشيعة في انقسام كامن في شؤون الشرق الأوسط في الوقت الحالي.
تركيا كحليف يحظى بالقوة الناعمة
على الولايات المتحدة أن تستفيد من نقاط القوة الفريدة التي تتمتع بها تركيا في المنطقة، والنابعة من قدراتها العسكرية ونظامها الديمقراطي المستقر نسبياً ونجاحها الاقتصادي وقيم الطبقة المتوسطة
والنفوذ الثقافي والاجتماعي بيد أن مصالح أنقرة لا تتطابق دائماً مع مصالح واشنطن، إذ تريد تركيا أن تصبح شريكا نداً للولايات المتحدة وليس تابعاً لها. وينبغي أن تقوم أي جهود مشتركة على تقييم واعٍ وفقاً لكل حالة على حدة.
معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى سونر چاغاپتاي وجيمس جيفري

» أردوغان: واشنطن لم تستجب لشروطنا
» واشنطن بوست الأمريكية : أردوغان حصد ما لم يكن يتوقعه من الأزمة في سورية
» لماذا يزور صالحي الاردن
» واشنطن بوست: سياسة واشنطن الخارجية ساهمت في نشوء تنظيم"داعش"
» معهد واشنطن .. قطر توفر الدعم الدبلوماسي والعسكري لبعض المقاتلين الجهاديين المتشددين في سوريا ممن تحاول واشنطن عزلهم