كتب محمد سعيد حمادة: المصطلحات الإجرامية!

كتب محمد سعيد حمادة: المصطلحات الإجرامية!

خاص - عربي برس

رهط من معارضي الخارج المغرمين بحقوق الإنسان وزيارات المعاهد الأميركية المهتمّة بالشأن ذاته أو ما يشبهه في الأداء أو تزيين جنازات الأوطان، والتي أبلت بلاء عظيمًا في الوقوف إلى جانب المعذّبين والمضطهدين في الأرض، ولا سيما الجنود الأميركان الذين لاقوا الويلات والمشاقّ وهم يشبحون العراقيين ويغتصبون العراقيات، وأقرانهم "الإسرائيليين" الذين ذاقوا أشدّ صنوف القهر وهم يواجهون أسراهم المتوحّشين من فلسطينيين ولبنانيين وسوريين ولا سيما أولئك الذين يعذّبونهم اليوم بإضرابهم عن الطعام، هذا الرهط يطالب بإيقاف العنف والاقتتال في سوريا ويسوّق نفسه على أنه حملٌ وديع يبحث عن تسوية ترضي جميع الأطراف، وهي في واقعها مفصّلة على قياس حلمه في الحصول على حصّة من حصاد الدم وإن كان وراءها فناء سوريا كلها. يُببِّغ وراء هذا الرهط الخسيس رهطٌ رخيص آخر من "معارضي الداخل" يتحدّث بالمصطلح المجرم نفسه، عن ضرورة إيقاف العنف والمصالحة الوطنية مع عملاء الأجنبي ومدّ جسور الحوار معهم لإنقاذ سوريا ووقف نزيف الدم كما يدّعون وإنهاء الاقتتال الحاصل. يلحق بهم رُهيط آخر من منشدي الجوقة القطرية السعودية الداخلية منشرحٌ بترديد عبارات العنف المضاد لعنف النظام ومصرٌّ على أن إدانة قصف المرتزقة للأحياء السكنية الآمنة تستوجب إدانة سابقة لقصف النظام للأحياء التي يسيطر عليها العملاء من عصابات "جبهة النصرة" وجيش عبيد "إسرائيل" (الجيش الحرّ) والتي هجّر هؤلاء العملاء أهلها ليسرقوها. وأمسك بهذه الدبكة (إيقاف العنف) كتّاب وأحزاب وتيارات وحديثو ولادة من خديجي السياسة الذين يملك كل منهم "ميكروباص" اثني عشر راكبًا ليقلّ محازبيه إلى الاجتماعات ووُهب عددًا من السيارات لمرافقيه وصدّق نفسه أنه يقود "الحوار الوطني" ويدعو من يريد ويحجب الدعوة عمّن يريد، كما حدث مؤخّرًا في مؤتمر الحوار إذ صرّح أحدهم أو إحداهنّ لبعض المشاركين أنه منَّ عليهم بالدعوة وعليهم أن يطيعوه.
ولكلّ هؤلاء المدعومين توضع النقاط على حروفها الأصليّة الأصيلة؛ فالعنف، وقد بدأ ظهوره كمصطلح متعدد الغايات في أوروبا منذ قرنين تقريبًا، استُخدم في الإعلام الغربي لوصف حركات المقاومة لمشاريع الهيمنة الاستعمارية الغربية في العالم، وأكثر ما استخدموه في وصف حركات المقاومة في العالم العربي ولا سيما المقاومة الفلسطينية واللبنانية والعراقية، وقد تلقّفه الإعلام العربي النفطي وطوّره في العقدين الأخيرين ليشارك إلى جانب شقيقه الغربي في رفع الظلم عن "إسرائيل" التي تعاني من العنف الفلسطيني واللبناني والسوري والإيراني الذي يقف حجر عثرة في طريق السلام "الإسرائيلي"؛ ومصطلح "إيقاف العنف من الطرفين" في سوريا لا يراد منه إلا إضفاء شرعية على طرف يديرونه ويوجّهونه مثلما يريدون، وهو عصابات العملاء، وهو جزء من الحرب النفسية التي تجعل من الباطل أمرًا مسلّمًا به ومألوفًا، وصولاً إلى فرض واقع تتحدّث به كل وسائل الإعلام الآن هو "التسوية السياسية" الكفيلة بوقف العنف والاقتتال. وتصحيحًا لهذه المصطلحات المجرمة لا بدّ من التوضيح أن سوريا الدولة والشعب تخوض حربًا بكل ما لكلمة حرب من أبعاد وعلى جميع الصعد، وأعداؤها يستخدمون أناسًا من مواطنيها إلى جانب مرتزقة ورعاع من جهات الأرض جميعها ليدمّروا كل شيء فيها، وهذه الحرب بين الشعب السوري المتمثّل بجيشه الوطني ( الجيش العربي السوري) وبين فئات خارجة عن مجتمعها، أخلاقًا وانتماء وولاء، وهي فئة مارقة وضعت نفسها في خدمة العدوّ، تنتهي عندما يدحر الشعب هذه الفئات المسعورة التي يخوض معها معركتين، واحدة بالحديد والنار لأن لا حلّ لها سوى اجتثاثها، ومعركة أخرى في نفوس فئات احتضنتها، لردّها عن ضلالها وإضاءة عقولها وغسل أرواحها التي تلوّثت بثقافة الانحطاط والجاهلية والذلّ، ولا يمكن الانتصار في المعركة الثانية من دون تحقيق النصر الساحق في المعركة الأولى والذي تبدو طلائعه اليوم واضحة مُحَصْحِصة في كثير من المناطق السورية، وتعويل السوريين المتطلّعين إلى غد أجمل على جيشهم الذي وقفت اللغات كسيحة في وصف مآثره وبطولاته لا يعني سوى إيمانهم أن انتصارهم في هذه المعركة يعني دخولهم في تاريخ جديد مجيد.
وبما أن "التطرّف في الحقّ فضيلة"، فنحن متشدّدون في تمسّكنا بجيشنا العظيم الذي لا نرى الحقّ إلا بحدّ سيفه، ومن أحذية جنوده جبابرته، الذين تلمع فوق رؤوسهم حرابٌ مسنونة، تصاغ المصطلحات الجديدة التي بدأ العالم كله يتهجّاها اليوم، وسيبدأ تاريخ جديد ليس في سوريا وحسب بل في العالم كله، وهو قبل الحرب على سوريا وبعد الحرب على سوريا. والمصطلح الأنقى والأقدس والأكثر دقّة وتعبيرًا ومناقبية:
حماة الديار عليكم سلام

» كتب محمد سعيد حمادة: سقط نظامهم ...بقي نظامنا
» كتب محمد سعيد حمادة : الحل السياسي في سورية
» معارك "داعش" التركية في "أطمة"...محمد سعيد حمادة
» كتب محمد سعيد حمادة: الحوار في سوريا تحت راية بشر المقت
» كتب محمد سعيد حمادة: سوريا الجديدة.. دولة المواطن الممتاز