كتب محمد سعيد حمادة: الحوار في سوريا تحت راية بشر المقت

كتب محمد سعيد حمادة: الحوار في سوريا تحت راية بشر المقت

إذا كانت "القنوات الشريكة في سفك الدم السوري" كما يصفها الإعلام الرسمي السوري حاضنة المجرمين والقتلة وعملاء "إسرائيل" الذين يبذلون الغالي والنفيس لإرضائها وإرضاء عملائها الإقليميين والعرب، وإذا كانت "وسائل الإعلام المحرّضة على قتل السوريين" هي غرف عمليات تعطي الأوامر لمجموعات العملاء كي تباشر مهامها التخريبية في بلادنا، ومطبخًا لترويج مصطلحات سياسية وهندسة إشاعات تؤدّي دائمًا إلى القبول بالخيانة وتجميلها، وهو ما نشاهده يوميًّا حتى في تلك القنوات التي تحسب نفسها على "محور المقاومة"، فإن الإعلام الرسمي السوري وبطريقته القديمة في بلادة الاستفزاز لا يؤدّي دوره المنشود كإعلام مقاتل ورأس حربة فكرية وسياسية للخطّة السورية المعاكسة التي تقف اليوم بوجه أعتى خطة منظّمة تريد تدمير بلادنا وإنسانها. فبعد سنتين من عمر الحرب على سوريا ما يزال عباقرة التحليل السياسي ذاتهم يكررون الأسطوانات نفسها ويعيدون ديباجاتهم في تبجيل الخطاب المرسوم لهم وهو أن لا يخرجوا عن النصّ الفقهيّ في اجترار مصطلحات مثل الحوار الوطني والمعارضة وما شابههما، وما زال التلفزيون الرسمي وملحقاته "يدبك وينخّ" على وقع الطبل القديم المهترئ الذي لا يعرف سوى استضافة عدد من "الموثوقين" ليعيدوا اجترار فقرات لُقِّنت لهم مسبقًا، وأغلبيتهم من المنشقّين المؤجّلين عن حزب البعث العظيم الذي يقود كثير من أعضائه العاملين كثيرًا من مجموعات البلطات و"سبحان من حلّلك للذبح".
مناسبة هذه الإشارة هي حفلات الزجل التي أقامها الإعلام السوري عن "الحوار الوطني" الذي بدأ معاقو السياسة والأحزاب والجبهات والتجمعات السياسية يتبارون للردح فيه. وبالمناسبة ظهرت في سوريا أحزاب لا تخجل على نفسها ولا يعرف القيّمون عليها معنى للحياء وتصنّف نفسها على أنها أحزاب معارضة ومعظم قياداتها أعضاء عاملون في البعث أو أحزاب الجبهة المظفّرة، إضافة إلى أحزاب أخرى تاريخية ركبت موجة المعارضة ووصمت محازبيها أو من يُحسبون على فكرها بهذا العار الوطني لأن البلاد عندما تكون بحالة حرب يتوجّب على أبنائها كلهم ومن دون استثناء القتال والسباق فيه وإليه لحمايتها لا أن يخرج من يقول لهم "الحق على من" لأن الحق مع بلادي دائمًا وأبدًا.
يوم الخميس الفائت هو واحد من الأيام المئات السود التي مرّت على سوريا ذبحًا وتقطيعًا وتخريبًا، وهو كذلك واحد من الأيام المئات الماضية التي يبرهن ويقول فيها عملاء "إسرائيل" ومن يدعمهم للسوريين أن لا حلّ في سوريا سوى بانتصار إحدى القوّتين على الأخرى، فإمّا انتصار مشروع سوريا الواحدة الموحّدة بجيشها وشعبها وخياراتها ورؤيتها القومية وتمسّكها بحقها في أن تظلّ الصدر والدرع والقلعة، وإمّا انتصار مشروع "إسرائيل" الذي يعني تفتيت سوريا وتقسيمها وضمان ضعفها لعقود وعقود إن لم يكن لمئات السنين. ومن يلوكون مصطلح الحوار كما يمليه عليهم أسيادهم ويضعون الشروط عليه ممن يسمّون أنفسهم معارضة يؤكّدون كلّ يوم أنهم كذّابون ولا يعرفون عن الحوار سوى ما يريده أسيادهم وكلاء "إسرائيل" وشركائها، وتصريحاتهم بعد مجزرة الخميس الأسود من اتّهامهم للنظام بالتفجير تؤكّد ما نقول. وهؤلاء الخونة، وإن وضع وزير ممسوس في حكومة بلادنا نفسه تحت إمرة من وضعه أعداؤنا وأسياده سيّدًا شكليًّا على مجموعة الخونة هؤلاء للقاء به أينما أراد وربّما بمشورة وزير آخر أكثر خبثًا ، نؤكّد أن لا مكان لهؤلاء في سوريانا وسيحاربهم أبناؤها الذين يعضّون على كرامتها ومكانتها بالنواجذ مثلما سيلفظون أولئك الأدعياء الذين يريدون الحوار معهم. وهؤلاء الذين يتنقّلون في العواصم الغربية والعربية ليسوا سوى قطعان من العبيد للدول التي تعلفهم وتوجّههم من أجل أن يكون لها موطئ قدم في القرار السوري، وإن اختلفت مسمّياتهم وإن لعبوا لعبة الاختلاف في ما بينهم.
سوريا بحاجة للحوار، نعم. لكن يجب أن يكون هدف الحوار الأول المترافق مع دعم الوطن هو منع انتقال هؤلاء المجرمين مع أفكارهم وأخلاقهم وجرائمهم إلى المستقبل، لأن واجبنا الأساس أن لا نورّث لأجيالنا سوء أعمالنا بأننا سمحنا لهؤلاء الخونة بأن يعْبُروا بخيانتهم ويكرّسوها عرفًا. والتسامح في مثل هذه الأمور هو أكبر الجرائم التاريخية، وهو تفريط بالوطن وبالإرث الذي نحن مؤتمنون عليه. والحوار اليوم يجب أن يعتني عناية فائقة بكيفية إيجاد حدّ لوجود هؤلاء الخونة وثقافتهم ومعلّميهم لكي نضمن لأجيالنا مستقبلاً نظيفًا طاهرًا وكما يليق بصانعي أمجاد هذا الوطن. وقد كان الحوار هادئًا قبل سنتين واشتدّ الآن وسيستمرّ ما استمرّت الحياة في سوريا، أما الحوار الذي يدعون إليه فهو طاولة توزيع وتقاسم مكاسب وأطماع تقف وراءه القوى التي تريد تحصيل هذه المكاسب.
هذه هي نظرتنا للحوار الذي عبّر عنه البطل السوري ابن جولاننا المحتل بشر المقت على صفحته في الفيس بوك. وبشر المقت الأسير لربع قرن في سجون الصهاينة والشبّيح كشقيقه البطل صدقي المقت على صفحات التنسيقيات الأميركية اليهودية هو إحدى قِبلات المقاومة التي نيمّم شطرها في الشدائد كي تحيا سوريا:
" هي سوريا ومع جراحها النازفة، أبناؤها يتحاورون، وهذا منطق الحياة المستمر، ولكن الأزمة الدموية التي فرضت على الوطن، يجب أن تفرض الحالة الوطنية والإرث النضالي السوري المعروف، وأن يفهم الأصدقاء،،، والأعداء معنى الحوار الوطني السوري.
نتحاور مع من يحقّ له الحوار ويريد بناء الوطن وتطوير آفاقه الإنسانية والاجتماعية، وتعزيز وتمتين وشائج المجتمع الأخوية.
نتحاور لأجل صيانة وحدتنا الوطنية وحماية استقلالنا القومي وثوابتنا السياسية في دعم المقاومة والتصدي للمشروع الإمبريالي الصهيوني وأداواتهم العملاء.
من يقبل كل تاريخ هذا البلد الفريد وحريص عليه، فهو صاحب حق في أخذ دوره وموقعه غير المحدود.
أما تلك الأصوات الخائنة التي تريد خدمة لأعدائنا، وطنًا غير الذي في ضمائرنا وعقولنا وقلوبنا،،،هؤلاء لا يستحقون شرف الحوار.
لقد سقطوا في مستنقع الإثم والخيانة...
فلا حوار مع من يريد التدخل الخارجي ضد سيادة الوطن. ولا حوار مع من يستخدم العنف والإجرام والإرهاب والفتن الطائفية ضد الشعب السوري ودولته الوطنية وحماة الديار.
لا حوار مع هؤلاء لأن لا مكان لهم على الأرض السورية بالمطلق، وإن وجدوا بيننا، فالقصاص ينتظرهم في الميادين العامة.
إن من يستعين بأعداء سوريا من الغرب الاستعماري والصهاينة وأدواتهما الخائنة، فإنه تسقط عنه قداسة المواطنة الصالحة ومهما ادعى بحقوق يظنها، فإنه قد أسقط عنها أخلاقيتها وتجرد منها أيضًا وارتكب الإثم والجريمة بحق ذاته والخيانة بحق الوطن.
بهذا تنتصر سوريا، لأجل القيم النبيلة التي ناضلت وضحّت في سبيلها الأجيال المتعاقبة
بعد نصرها الميداني الكبير."

» كتب محمد سعيد حمادة: سوريا الجديدة.. دولة المواطن الممتاز
» كتب محمد سعيد حمادة: سقط نظامهم ...بقي نظامنا
» كتب محمد سعيد حمادة: المصطلحات الإجرامية!
» كتب محمد سعيد حمادة : الحل السياسي في سورية
» معارك "داعش" التركية في "أطمة"...محمد سعيد حمادة