أمريكا ترضخ للصفعة الكورية محمد أحمد

أمريكا ترضخ للصفعة الكورية
محمد أحمد
3-4-2013

ربما يكون مفاجئا للبعض الحديث بإمكانية كوريا الشمالية إرضاخ الولايات المتحدة الأمريكية، وهي الدولة العظمى التي يحتاج لمواجهتها قوة عالمية توازيها.

في حقيقة الأمر علينا ان نتذكر أمران أساسيان سبقا تهديد بيونغ يانغ لواشنطن، وهما:

أولا: التحرك الكوري الشمالي مدعوم بالرغبة الروسية الصينية، فلا يخفى ان جل اعتماد كورية الشمالية على الصين التي تستثمر هناك بنحو 6 مليارات من الدولارات، وله علاقة مباشرة بتطور حالة الصراع العالمي للدولتين وحلفائهما مع واشنطن في حزمة ملفات، ومنها الملف السوري الساخن.

عندما قرر اوباما المجيئ الى الشرق الاوسط مؤخرا، كان قد اعطى أوامره لحلفائه بإشعال الحرائق بالملف السوري، والهدف دائما تحقيق مكاسب عسكرية على الارض، مع ما يرافقها من معارك دبلوماسية في المنظمات الاقليمية والدولية، ليستخدمها رصيدا على طاولة التفاوض القادمة حكما.

ثانيا : تنبهت كلا من روسيا والصين، الساعيتين بقوة لتثبيت الندية لأمريكا كأقطاب عالمية، وقررتا ان التحرك الامريكي لا يناسب قوتها الحالية، وبالتالي يجب الرد عليها بحسم.

بوتين افهم الناتو ان لا ثقة بينهما، فكان ان اعطى أوامره بإعلان حالة الإنذار في البحر الاسود، بإجراء مناورات عسكرية واسعة من على طائرته القادمة من قمة بريكس بجنوب أفريقيا، ودون ان يعطيه علما، بإغفاله وثيقة فيينا لعام 2011 التي تنص على ضرورة اخطار الشركاء قبل إجراء المناورات العسكرية ب 42 يوما على الأقل.

اتى بعد ذلك مباشرة التهديد الكوري بالحرب النووية مع واشنطن وشركائها، علما ان الزعيم الكوري ليس بضعيف القدرة على فك رموز العقل الغربي، فهو وبحسب سيرته كان طالبا في احدى الجامعات السويسرية تحت اسم مستعار.

ما هو المتوقع ؟
بالنظر الى توازن القوى المتكافئ نسبيا بين اطراف الصراع الاساسيين، فان المواجهة ستتطور ولكنها لن تبلغ حدود المواجهات العسكرية المباشرة، وإنما ستأخذ طابع التهديد الجدي الذي يتم من خلاله عرض الامكانات لدى الأطراف ليصار بعد ذلك اللجوء إلى التفاوض والاتفاق المرحلي وفق حسابات القوى لدى الأطراف، أي سترضخ أمريكا لشروط التفاوض لصالح الحلف المواجه وضمنه مطالب كوريا الشمالية بفك الحصار عنها وصولا لإلغاء العقوبات الأممية، والمبررات لذلك كثيرة نذكر منها:

ان الولايات المتحدة تمر وحلفائها الغربيين عموما بأزمة مالية واقتصادية بنيوية كبيرة وطويلة الأمد، بينما الصين وروسيا من القوى الاقتصادية والعسكرية المتعافية والصاعدة، والاهم يجب النظر الى ان الصين اليوم اكبر دائن لأمريكا، حيث تملك بما قيمته 1200 مليار دولار من الاصول وسندات الخزانة الامريكية.

ما هي الحصيلة الأولية لتوقعنا الى الآن ؟
كنا قد تحدثنا سابقا ان الولايات المتحدة سترضخ للتصعيد الروسي الصيني في كوريا الشمالية مقابل المراوغة الامريكية في حزمة ملفات الصراع بما فيها التصعيد في الملف السوري تحديدا.
سارع جون كيري الى القول بان أمام كوريا الشمالية خيار الانضمام للمجتمع الدولي عبر التزامها بالحل السلمي والمفاوضات.
طبعا، تصريح كيري ترجم عمليا باتصال وزير الدفاع الامريكي تشاك هاغل بنظيره الصيني، فدعاه الى زيارة واشنطن والتعاون في ملف كوريا الشمالية، وليس هذا فحسب بل صدر بيان من البنتاغون يقول فيه ان رئيس هيئة الاركان الامريكية سيتوجه إلى بكين خلال هذا الشهر.

ماذا يعني كل ذلك ؟
كل ما جرى يفسر موقفا محوريا واحدا، وهو ان الولايات المتحدة عندما تمادت بمراوغتها لإطالة التفاوض حول ملفات الشرق الاوسط وافريقيا وآسيا، بادر الروس والصينيون ومعهما حلفاء أقوياء لتوجيه صفعة لأمريكا عبر كوريا الشمالية.

واشنطن تلقت الصفعة واتصالات مسؤوليها بالصين بداية التسليم بالشروط الروسية الصينية حول مجمل قضايا الصراع.

وعليه عندما قالت روسيا بان منح مقعد سورية في الجامعة العربية لإئتلاف الدوحة أمر غير شرعي ولا تأثير دولي له، دعمت ذلك عبر حلفائها بتحرك عملي ضد المراوغة الامريكية لما قبل التفاوض على الملف السوري الساخن حكما، وغيره من الملفات المفتوحة الآن.

يبقى ان نذكر ان الخطوة الروسية الصينية هذه ضد واشنطن ليست من أجل مقعد الجامعة بحد ذاته، فمؤسسة الجامعة هزيلة بالأساس، بل إنشأت اساسا بإرادة بريطانية لتكون هيكلا عقيما، ولا قيمة حقيقة لها ليس بالتأثير على القرارات الدولية والإقليمية فحسب، بل حتى في محيط تحركها المفترض وجميع الشعوب العربية بمن فيهم القطريين لا يحترمونها .

» سيناريو الهدنة.. محمد أحمد
» هل تنتحر دمشق بالكيميائي ؟ محمد أحمد
» بين التابع و المتبوع ... بقلم : محمد أحمد
» بروبغندا المليار ونصف :محمد أحمد
» من يحمي سورية الوطن ؟ .. محمد أحمد