الاساطير المؤسسة لثورة التكفيريين في سورية (ح1)

الاساطير المؤسسة لثورة التكفيريين في سورية (ح1)
خضر عواركه

مما لا شك فيه أن الشعب السوري لم يلقى المعاملة التي يستحقها من النظام السياسي الذي ورث حزب البعث في الحكم.
الاصلاحات التي تأخر اوان تنفيذها بعد وعود الربيع الدمشقي المبكر التي رافقت وصول الرئيس بشار الاسد الى الحكم، وسيطرة المفسدين الامنيين والاقتصاديين على الحياة اليومية للمواطنين، والتعامل الغير مدروس من قبل الحكومة مع حساسيات محلية وحقوق مشروعة لمواطنين ساندوا النظام في مراحل محنته في الثمانينات فلم يكافئهم في التسعينيات بل كافئ الفاسدين وقمع بسؤ تخطيطه وبسؤ ادارته للموارد الوطنية احلام انصاره قبل اعدائه.
في الثمانينات اعتمد الرئيس حافظ الاسد على الفقراء لاكتساب شرعية شعبية،فعمل من اجلهم وسخر موارد الدولة لخدمتهم ، وانجز ما يمكن اعتباره نماذج تحتذى لو بقي التنفيذ على قدر الرغبة ولو اخلص المشرفون للهدف بالقدر الذي كان المطلوب منهم معقول وغير اعجازي.
انشاء الرئيس حافظ الأسد كل المؤسسات التي يفتخر بها النظام حاليا، من المشافي الى المؤسسات العامة في كافة المجالات الى المصارف الزراعية والعقارية الى المؤسسات التعليمية المختلفة، وحتى المساجد، الدولة هي من بنتها للفقراء، فكان وقوفهم بجانب الدولة تحصيل حاصل لانهم خبروا خيرها ولم يبعدهم عنها قسوتها مع المشتغلين في السياسة والنشر والصحافة من بينهم (وهم قلة نسبة الى جيش العمال والمزارعين في سورية).

اتت اعوام ما بعد العام الفين بتطورات تتناسب والمشاريع التي حمل لوائها الرئيس بشار الاسد،في الاقتصاد تبنى مقترحات تحديث الاقتصاد السوري الاشتراكي الصفة واستعان بالكفاءات السورية العاملة في مؤسسات دولية معنية بمساعدة الدول النامية بغية نهبها، فكانت تجربة الدردري واقتصاد السوق الاجتماعي التي حدّثت الكثير من القطاعات ولكن تصميم الخطط كان مناسبا للاغنياء ومضرا بالفقراء، ومع ان الناتج العام اصبح افضل الا انه كان على حساب المكتسبات التي تمتع بها الشعب السوري منذ العام 1970.
الوظائف المؤمنة حتما للمتخرجين الجامعيين قل عددها مع اقتصاد السوق الاجتماعي الذي لم يعرف السوريون من تجربته سوى الاسم، واما بالفعل فكل ما جاء به الدردري وخططه صبت نتائجها في جيوب الاغنياء، وكانت اغلبية كبيرة منهم من ابناء المسؤولين في الدولة وفي الجيش وفي الامن وفي حزب البعث، ومن كانوا من خارج هذه الدائرة كانوا شركاء لمن سبق ذكرهم.
هذا غيض من فيض المحفزات الذاتية لدى الشعب السوري للمطالبة بتغيير جذري في شكل الحكم وفي ادواته.
لكن الطامة الكبرى ان الموقع الاستراتيجي لسورية والمكانة الاقليمية التي تتبؤها جعلت من المعارضة هدفا للاجهزة الاستخبارية التي استغلت قمع النظام لمعارضيه فجندت الكثرين منهم، فتحول لقب المعارض عند اهل النظام الى مرادف للمخبر لدى المخابرات الاجنبية المعادية، وهذا الوصف كان فيه الكثير من الصحة وهو ما اثبتته تطورات الازمة السورية.
البند الثاني على طاولة التحفيز الموصل الى ثورة كان حرب العراق الاهلية التي اشعلها الاميركيون عنوة وعن سابق ترصد وتصميم.
البروباغندا التي رافقت مجازر العراق الطائفية والقتل الوحشي لصدام حسين في يوم العيد، والهتافات التي رافقت حزّ رأسه، كان لها وقع سلاح التدمير الشامل على نفوس كانت تتأثر بشكل هستيري با يبثه الاعلام الموجه عما يجري في العراق .
من جهة اخرى ، كان لقنوات دينية خليجية شعبية تتصاعد يوم بعد الاخر وهي في معظمها وهابية متطرفة مقصود انشائها ومقصود تمويلها الكبير من دول تقف على رأسها السعودية لا لنشر التدين بل لنشر الطائفية .
ثم أن ما كان يجري من شحن طائفي يمارسه الاعلام اللبناني وبشكل فاقع جدا لم يكن يصيب الداخل اللبناني بسمومه ، فقد كان سوريون كثر يتأثرون به نظرا الى ان الاعلام اللبناني كان الملجأ اليومي للسوريين الراغبين في مشاهدة الاخبار السياسية.
في العتمة، وخلف ظلال الغرور المؤسس على الثقة بالاجهزة الامنية، نشأت في سورية فئة تحقد على من يخالفها طائفيا بسبب الدعاية الصادرة من العراق والمصدرة الى سورية من لبنان، وبسبب تحول ملحوظ في عقائد الاف مؤلفة من العائلات السورية خاصة في الأرياف التي كانت يوما خزان خزان السلطة الشعبي ومربط خيلها.
التحول في المزاج الجمعي لأبناء الطائفة السُنية في لبنان باتجاه الولاء لانصار أميركا والعداء للمقاومة ولسورية حصل مثيله في سورية ولكن بصمت، وتحت طي الترصد والتربص شنت جهات خليجية عامة وسعودية خاصة ( دينية وسلطوية وامنية واعلامية) حربا دعائية شعواء على المذهب الشيعي وعلى ابناء الطائفة في العراق وفي لبنان وعلى العلويين في سورية، وتحت عنوان التشييع في سورية ظهر ان الوهبنة هي الخطر وليس التشييع الذي لم يكن حقيقة واقعية الا في ملفات المبتزين السعوديين .
تساهل النظام مع الدعاة الوهابيين فسرحوا ومرحوا في سورية وبظن الحكم انه بذلك يبعد عنه تهمة التشييع.
اكتملت الفصول اللازمة لتحقيق انفجار شعبي بتكامل الواقع المطلبي الاجتماعي بالتحريض الطائفي المتحول حقدا قبائليا غرائزيا غاشما مع تطرف مجاميع كاملة في قرى الارياف فجاء الربيع الاخواني في العالم العربي ليمثل صاعق الانفجار.
في المقابل لم يكن الاميركيون وادواتهم العرب والاوروبيون بعيدون عن التحضيرات لما اطلقوا عليه " الحرب الناعمة لتغيير الانظمة ".
منذ سقوط الانظمة الاشتراكية في دول حلف وارسو عمد الاميركيون الى دراسة الامكانيات التي تتيحها لهم استراتيجية "حرب ناعمة" عمودها الفقري تكامل بين الاعلام الموجه الشامل وبين ناشطي المجتمع المدني في الدول المستهدفة. والنتيجة المطلوبة، تتمثل في دفع جماهير تلك البلاد الى قلب انظمة الحكم، في وقت يكون البديل مفبركا ومصنعا على يد الاجهزة الجاسوسية الجديدة في اميركا التي يقود فعالياتها واجهات جميلة براقة من مثل المؤسسات المعنية بتدريب الناشطين في المجالات الاهلية والحقوقية وفي مجالات استخدام وسائل النشر الالكتروني وخلافها.
حتى في الدول التي لا ينجح الاميركيون في ابقاء سيطرتهم عليها مثل اوكرانيا مثلا، تبقي اميركا على نفوذ ملحوظ ممثلي المجتمع المدني المتعاملين مع مؤسسات يطلق عليها الاميركيون لقب (المدربون على الديمقراطية) و هم الاقدر على ادارة مؤسسات السلطة بحكم القدرات التي يمنحهم اياها التخطيط والتدريب والمتابعة الاميركية.
في سورية كما في لبنان كما في تونس ومصر وليبيا والعراق ما يعطي فئة (المدربين على الديمقراطية) من العملاء للاميركيين قدرة ادارة الدولة هو الامكانيات التي توفرها لهم اميركا لنيل تدريب عالي المستوى يجري على مراحل تستمر سنوات وبشكل متقطع في معظم الاحيان.
و بغض النظر عن ولاء الحزب الحاكم للأميركيين من عدمه، فمن سيحكم حقا هم زملاء رزان زيتون ورامي نخلة من الجواسيس الاميركيين.
في سورية يقول الاميركي للثورة ، اذهبي حيث شئت فان خراجك سيعود لي ، لانه في مرحلة ما بعد الحرب الحالية سيكون للاعمار وللاصلاح مسار وحاجات تمر كلها عبر المشاريع الدولية والاقليمية التي سيحتاج السوريون لمنحهم المالية ليخرجوا من ازمة حادة اجتماعيا وماليا لا يمكن الا يتوقعها كل ذي عقل.
ومن خلال التعاون الدولي والاقليمي مع سورية لبناء ما تهدم، سيدخل المتدربون على يد الاميركيين الى مؤسسات الدولة للسيطرة عليها من الداخل. مشاريعهم منذ الان جاهزة وتشكيلاتهم مكتملة وتمويلهم مرصود وخططهم معدة وتنتظر فقط اشارة الانطلاق.
على سبيل المثال تخرج معهد السلام الاميركي المئات من الناشطين السوريين في تخصص " ادارة الاقتصاد الكلي" لمرحلة ما بعد الثورة . وثلة منهم بقيادة الجاسوس الاسرائيلي رامي نخلة موجودة في تركيا تحت عنوان " مشروع اليوم التالي للاقتصاد السوري" وتضم المجموعة تلك خمسون ناشطا سوريا من خريجي معهد السلام الذي دربهم على كيفية ادارة مؤسسات الدولة والمجتمع.
يتبع غدا

من مجزرة دوما الاولى الى حمزة الخطيب ...اكذب ثم اكذب حتى تصدقك الثورة

» الاساطير المؤسسة لثورة التكفيريين في سورية (ح1)>>>خضر عواركة
» الاساطير المؤسسة لثورة التكفيريين (ح 2): درعا ....ضحية او جلاد ؟؟
» الاساطير المؤسسة لثورة التكفيريين (ح3): دوما ...عاش الوهابيون فسقطت الثورة
» بالفيديو: فنان لبناني يقاتل التكفيريين في سورية !
» بعد ان تمكنت سورية من "عزل" حدودها..من يتحمّل مسؤولية التكفيريين العالقين بلبنان؟