لماذا تصاعد العنف في سورية الآن ؟محمد احمد

لماذا تصاعد العنف في سورية الآن ؟
محمد أحمد
11-2-2013

يشهد ميدان السياسة، وكذلك ميدان المواجهات العسكرية، تطورات متسارعة في الساحة السورية الآن، تجعل غير المطلع على تكتيك التفاوض في حالة عدم توازن لقراءة أكثر وضوحا.

في ميدان السياسة بات واضحا أن جزءا هاما من المعارضة السورية التي كانت رافضة بالمطلق الدخول في حوار وتسوية مع النظام بدأت بتغيير مواقفها وبشكل دراماتيكي، ويتجلى الأمر منذ إعلان رئيس إئتلاف الدوحة، معاذ الخطيب، ما اسماه بمبادرته الاولى للدخول في حوار مباشر مع النظام وفق شرطين.

يدرك من لديه قراءة في سير عمليات التفاوض والحوار ان المهم ليست الشروط التي اقترحها الخطيب بالإفراج عن 160 الفا من المعتقلين الذين لا يملك الخطيب بيانات حقيقية تثبت ما ادعاه، وكذلك شرط إجراء اللقاء خارج سورية الذي بات مرفوضا حتى من قبل الخارج فكيف بالسوريين، وإنما إعلان مبدأ قبول الحوار هو الأساس.

تصريحات الخطيب الذي يمثل إئتلاف الدوحة، ويمثل لسان حال الأمريكي، والذي أعلن تعديلا جديدا للشرطين بقبول كشوفات بأسماء المعتقلين بدلا من الإفراج عنهم، وان التفاوض سيقبله في الشمال السوري بدلا من الخارج، تأتي استنادا على استنتاج محوري، وهو ان طرف الصراع الدولي الأساسي، وقصدنا الولايات المتحدة الأمريكية أدركت تماما أن لا إمكانية لها بتحقيق هدفها في سورية وفق الخطة(أ) التي تعتمد على مسلحي المعارضة وبمختلف تصنيفاتهم، وبالتالي انتقلت إلى الخطة(ب)، وهي تعلم تماما أن هذه الخطة تتطلب تخفيضا كبيرا بحجم ما خططت له للحصول عليه في سورية، وهو السيطرة الكاملة، وأن تحقيق جزء مهم من الهدف لن يتم إلا بالتفاهم وفق صيغ توافقية سياسية مع أطراف الصراع الدولية والإقليمية، التي بدأت تعيد ترتيب أوراقها وفق هذا الأمر، حيث تجلى ذلك في البيان الختامي لقمة الدول الإسلامية، الذي دعا للحوار وحمل جميع الأطراف مسؤولية ما يحدث، معتمدا بالأساس على نوع من التفاهمات التي حدثت في اللقاءات الثلاثية على هامش القمة بين أحمدي نجاد ومحمد مرسي وعبدالله غل، وكذلك تلقفت اطراف الصراع السورية الأمر وإن بدرجات متفاوتة.

تصريحات معاذ الخطيب، التي يهتم بها جميع اللاعبين في المعادلة السورية، وبغض النظر عن ردود الأفعال والتصريحات الشكلية، قطعت الشك باليقين بان واشنطن ومع مجيئ الإدارة الجديدة، ذاهبة إلى خيار التسوية وإدارة الصراع وفق منطق المحاصصة، وهذا يعني العمل من أجل ترتيب تفاهمات دولية إقليمية سورية شاملة جميع الأطراف الفاعلة وفق هذا الترتيب.

الحكومة السورية عندما تعلن أنها مستعدة للحوار مع جميع السوريين ومن ضمنهم المسلحين، لاشك انها تقول ذلك بناءا على أجواء تدعم ما اشرنا إليه.

إذا؛ فلماذا تصاعد وتيرة العنف الآن ؟

يجب ان ندرك انه في بداية أية عملية تحول حقيقية، تجرى تغييرات من شأنها التخلي عن البعض ممن كانوا أساسيين في مرحلة ما قبل التحول ولا يصلحون للمرحلة الجديدة، وكذلك فإن بدايات الإنتقال إلى المرحلة الجديدة تحمل تحديات للمشاركين المقبولين الذين ليس بالضرورة أن يكونوا مدركين كيفية طرح الأوراق إلا من خلال التصادم مع الآخر، وهو امر يتفهمه الجميع لاحقا.

وبالتالي فإن مصدر العنف الدائر الآن يأتي من:

1- هناك أطراف غير سورية تقاتل على الأرض وبأجندات لا تؤمن عقائديا بالحوار والتسوية، وستبقى تقاتل إلى آخر ما تملك، وتمثلهم المجموعات التكفيرية، والغالبية العظمى من المجموعات الجهادية مثل "جبهة النصرة"، و"لواء التوحيد".

2- توجد أطراف سورية مقتنعة تماما أنها أمام خيار واحد إما سقوط رأس النظام أو لا شيء آخر يؤمن مصالحها، والتباين في التصريحات والتصدعات البنيوية الظاهرة الآن في تركيبتي "مجلس اسطنبول" و "إئتلاف الدوحة" على خلفية تصريحات الخطيب تظهر العديد من هؤلاء، وبالتالي سيستمرون يدعمون حالة العنف كلما استطاعوا إلى ذلك سبيلا.

3- بعض الاطراف التي ترتب أوراقها للحوار والتفاوض لم تتوصل بعد إلى حالة الثقة بالطرف الآخر رغم كل الدعوات والتطمينات، حيث أن حالة بناء الثقة تعتمد على الخطوات العملية الملموسة التي ستكون بطيئة في البداية حتى تتسارع في القريب العاجل، وبالتالي إزكاء العنف من طرفها يأتي بقصد إظهار أوراق القوة للآخر.

4- حالة إزكاء العنف العامة للأطراف(1 و2 و3) الآن لا تزال تتزود من عدم تأطير التفاهمات الدولية والإقليمية وعدم تثبيتها بحدث دولي مفصلي ربما يكون جنيف 2 بعد اللقاء المرتقب بين بوتين وأوباما.

5- هناك طرف آخر يمثل شريحة المستفيدين من حالة الفوضى العامة وغياب الأمن فأمتهنوا أعمال السطو والسلب والنهب وانواع التجارة المحرمة وفق الانظمة والقوانين الوطنية والدولية، وهم ورغم ان دورهم لا يرقى إلى دور الأطراف السابقة إلا ان لهم دورا فاعلا في الحفاظ على حالة العنف.

في جميع الاحوال بات راسخا أن خيار الغاء مفهوم الدولة أنتهى في سورية، وان خيار ترسيخ مفهوم الدولة الفاشلة يتراجع بقوة وان أمريكا سيدة حلف الغرب والادوات الإقليمية، تتطلع الآن للوصول إلى خيار يشبه العراق بصيغة معدلة تضمن لها مصالحها في المنطقة بما يجعل حلفاء سورية الدوليين والإقليميين يتغاضون عن جزء من انتقاص مبادئ الدولة الكاملة السيادة على أرضها، أما طموح السوريين وسعيهم فهو السيادة الكاملة...

الصراع بدء يسجل تحولا مهما.. بدء

محمد أحمد
11-2-2013

» لماذا يزور الملك موسكو الآن ؟! بقلمالمحامي محمد احمد الروسان
» هل قتل بندر بن سلطان العلامة محمد سعيد رمضان البوطي؟!اوباما من عمّان : استخدام الاسلحة الكيماوية سيكون عنصراً مغيراً في سورية ! بقلم : محمد احمد الروسان
» كيف تستهدف سورية .. لماذا لم تهزم .. ؟ - محمد شريف الجيوسي
» بان كي مون: تصاعد العنف قبل جنيف-2 يصب في صالح من يسعى للتدخل العسكري في سوريا
» سورية: مركز الإسلام المعتدل وقلب المسيحية العالمية.. بقلم: محمد احمد الروسان