سورية ترسم المعادلات الجديدة - غالب قنديل

سورية ترسم المعادلات الجديدة - غالب قنديل

يطوي العالم و المنطقة سنة من الخيبات المتتالية التي لحقت بالحرب العالمية على سورية طيلة العام المنقضي 2012 ، فقد تساقطت مواعيد الوهم الافتراضي بقرب تخلص الحلف الاستعماري الصهيوني و الحكومات العربية و الإقليمية العميلة من الدولة الوطنية السورية التي لعبت دورا محوريا في تكوين و قيادة منظومة المقاومة التي ألحقت الهزائم بالحروب الأميركية الغربية و الإسرائيلية الكبرى و من رئيس هذه الدولة الدكتور بشار الأسد الذي رفع التحدي في وجه الإمبراطورية الأميركية منذ غزو العراق بينما ضرب المستعمرون رقما قياسيا في استهدافه بصورة قل مثيلها في التاريخ المعاصر.

أولا رسخ الشعب العربي السوري من عناصر القوة و الصمود و أثبت المزيد من القدرة على التحمل و التضحية و هو يزداد التحاما بجيشه الوطني و يؤكد ولاءه للرئيس الأسد و خلال السنة المنقضية اكتشفت شرائح سورية عديدة حقيقة المعارضات المرتهنة للمستعمر و المتنفعة بدماء السوريين و اليوم يعاني السوريون في مناطق الاضطرابات من تفسخ العصابات اللصوصية المتناحرة و المتقاتلة على الأسلاب و الغنائم و من اضطهادها و ينزفون تحت وطأة الإرهاب القاعدي لجبهة النصرة و يتظاهرون للمطالبة بدخول الجيش العربي السوري إلى مناطقهم لرد الأمان إليها ، هذا هو جوهر المشهد السوري الذي حملته الأيام الأخيرة من عام 2012 حيث تتقدم قوات الجيش العربي السوري في حملتها لتطهير العديد من الأرياف من سيطرة عصابات اللصوص و الإرهابيين بعدما أحكمت سيطرتها على العاصمة و المدن السورية كافة ، بما فيها دير الزور و حلب و حمص حيث تواصل تطهير جيوب الإرهاب الباقية داخل بعض الأحياء.

ثانيا تنغلق السنة الآفلة على استمرار اللغو الفارغ الذي يجتره الموفد الدولي الأخضر الإبراهيمي و من خلفه متفسلفو الناتو و بعض المتعاملين مع المخابرات الفرنسية و البريطانية من المحللين و المراقبين الذين ينشرون التقارير و المعلومات لتسويق المطلب الأميركي الإسرائيلي الخليجي التركي عن تنحي الرئيس بشار الأسد أو عن منع ترشحه للرئاسة ، وهذا أمر يفضح كذبة التحول الديمقراطي في سورية التي يكررها هؤلاء لتغطية حربهم الدموية التي قادتها غرف بيترايوس من تركيا و غرف الإعلام المفبرك من الدوحة و دبي و الرياض حيث قنوات التكفير و المذابح .

مثل هذا الكلام البائس لا محل له في الواقع السوري فالرئيس بشار الأسد هو رمز الدولة و الجيش و الشعب و هو قائد المقاومة السورية ضد العدوان الاستعماري و ضد الفوضى و الإرهاب و هو من يرفع تحدي الاحتكام لصناديق الاقتراع و للإرادة الشعبية و الغرب الاستعماري و عملاؤه و المتورطون في الحرب على سورية هم من يتهرب من التحدي لأنهم يعرفون النتيجة مسبقا و يدركون أن شعبية الأسد باعترافهم قد تضاعفت و لم تتراجع بعدما تبين انه الأعلى مصداقية في السعي للإصلاح و الأقدر على تمثيل الوطنية السورية و على التعبير عن خيار الاستقلال و المقاومة باسم السوريين و مقابله تتخندق قوى عملية للأجنبي و فصائل سرقة و إرهاب يدعمها الحلف الاستعماري و بينهما معارضة وطنية تجاوبت مع مسار الحوار و لو بنسب متفاوتة.

ثالثا أصدقاء سورية و حلفاؤها ثابتون في مواقعهم و معادلة منع العدوان على سورية أكدت رسوخها خلال السنة الراحلة بقوة الردع السورية و بتماسكها و بقوة منظومة المقاومة و ترابطها العضوي و كذلك بتحالفات سورية العالمية التي أثبتت قوتها انطلاقا من الصمود السوري و من جدوى الرهان الروسي و الصيني على توسل هذا الصمود طريقا لقلب التوازن العالمي ضد الأحادية الأميركية و يبدو واضحا من الميدان أن طريق التحولات الكبرى في المعادلات السورية و في المنطقة و العالم سيكون العلامة الفارقة للعام الجديد 2013 فالميدان السوري يشهد تقدم الهجوم الشامل للدولة و الجيش و تفكك و انهيار منظومات العدوان و تجذر مأزقها و كل الهم الأميركي يتركز مع العام الجديد على استشراف طرق الخروج من المأزق بعدما أطاح الفشل في العدوان على سورية بأبرز أركان إدارة أوباما الأولى : مدير الاستخبارات بيترايوس و وزيرة الخارجية كلينتون اللذين نسقا خطوط الهجوم و العدوان على سورية ، و يرجح أن تستثمر واشنطن الأشهر الأولى باستكمال استنزاف القدرات السورية قبل أن تعترف مواربة بالفشل بمعونة روسيا و بفضل قدرتها على الإخراج و التسويق.

رابعا الانتصار السوري المقبل سيكون مولدا للتحولات الكبرى في المنطقة و العالم و سيكون ملازما لانكشاف خطط الاستعمار الغربي المكرسة لحماية إسرائيل بالشراكة مع التنظيم العالمي للأخوان المسلمين و حكومات تركيا و الخليج حيث تجري مساع مركزة في القاهرة لتثبيت احتواء قيادة حماس السياسية و دفعها في طريق التسوية لتصفية قضية فلسطين بالتزامن مع تصعيد الاستنزاف و الضغوط ضد الدولة الوطنية السورية و قائدها المقاوم .

لن تكون السنة المقبلة بعيدة عن الاحتمالات المفاجئة ، فإسرائيل تخشى انتفاضة فلسطينية ثالثة في الضفة الغربية المحتلة و الحلف الاستعماري و عملاؤه يخافون من الارتدادات التركية و الخليجية لهزيمتهم في سورية بينما عواصم الغرب مقبلة على كوارث مالية و اقتصادية كبرى تنطلق من الهاوية الأميركية و قد تعجل في التقاط معسكر المقاومة لفرص الانتقال إلى الهجوم .... لكن البداية و الذروة في جميع التحولات المقبلة ستكون هي سورية الصامدة الحرة و المنتصرة على المستعمرين.

» السيد و المعادلات الجديدة - ناصر قنديل
» سورية و الانتخابات الأميركية..غالب قنديل
» الدولة اليهودية و سورية – غالب قنديل
» أكاذيب مستمرة حول سورية - غالب قنديل
» من يتقدم و من ينهزم في سورية ؟ غالب قنديل