سعودية وعشقي سوريا مراقبة عامة
عدد المساهمات : 29420 تاريخ التسجيل : 17/05/2012
| موضوع: لماذا شن الكيان الصهيوني العدوان الآن على غزة؟- حميدي العبد الله الأربعاء نوفمبر 21, 2012 3:25 am | |
| لماذا شن الكيان الصهيوني العدوان الآن على غزة؟- حميدي العبد الله
ليس هناك من يجادل بأن العدو الصهيوني هو الذي بادر إلى شن العدوان الواسع الحالي على قطاع غزة، وأن الفصائل الفلسطينية، جميع الفصائل، كانت تريد التهدئة، وبذلت كل جهد مستطاع للوصول إلى ذلك، وأعادت تعويم الدور المصري كوسيط بينها وبين الكيان الصهيوني، في حين كان يتوجب عليها أن تمارس كل تأثير ممكن لدفع مصر للوقوف إلى جانب الفلسطينيين وليس إعادة إنتاج السياسات التي كانت معتمدة في عهد حسني مبارك.
وليس هناك من يجادل أيضاً بأن اغتيال قائد عسكري بوزن القائد أحمد الجعبري، لا يمكن للفصائل الفلسطينية السكوت عليه وإلا فإن الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية سوف تنظر إلى هذه الفصائل على أنها متآمرة على المقاومة، ولهذا كان متوقعاً أن تقوم هذه الفصائل الفلسطينية بالرد وعبر قصف المستوطنات الصهيونية، وكانت تل أبيب تتوقع ذلك، فلماذا دفع الكيان الصهيوني الفصائل الفلسطينية إلى هذا الخيار وبهذا التوقيت بالذات؟
أولاً، راكمت الفصائل الفلسطينية العاملة في غزة جميعها قدرات عسكرية منذ توقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في كانون الثاني عام (2009)، وقد زادت وتيرة هذه العملية في الفترة الأخيرة في ضوء تراخي قبضة النظام المصري على مراقبة تهريب السلاح عبر سيناء، بسبب حالة الاضطراب السياسي الشديد التي تشهدها مصر منذ سقوط مبارك وحتى الآن، وقد راهنت تل أبيب في البداية على النظام المصري الجديد في وقف هذه العملية والحد منها، وبذل النظام المصري الجديد جهوداً موازية، بل تفوق الجهود التي كان يبذلها مبارك، لتعطيل تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة عندما قام بهدم كامل للإنفاق، ولكنه فشل في تحقيق ما يصبو إليه العدو، ولهذا باتت تل أبيب على قناعة بأن عامل الوقت لا يعمل في مصلحتها من هذه الناحية إذ أن الفصائل الفلسطينية تحصل على أسلحة متطورة وهذه الأسلحة تغير موضوعياً معادلات الصراع، ويمتلك جيش العدو قدرات استطلاعية تمكنه من معرفة حجم الأسلحة التي تصل إلى القطاع، ونوع هذه الأسلحة، ومدى التهديد الذي تحمله، وبالتالي كان من المتوقع أن يعمد إلى شن عدوان واسع للحد من هذه العملية، والسعي إلى تدمير الصورايخ، وتحديداً الصورايخ بعيدة المدى.
ثانياً، لقد راهنت تل أبيب وواشنطن والعواصم الغربية على أنظمة «الإسلام السياسي» التي حكمت في مصر وتونس للقيام باحتواء فصائل المقاومة، وإقناعها بالتخلي عن خيار المقاومة، وبذلت جهوداً حثيثة على هذا الصعيد بمساعدة تركيا وقطر والسعودية، ولاسيما إزاء حركة حماس، ولكن كانت الحصيلة أقل من أن تقنع قادة الكيان الصهيوني بالحصول على ضمانات أكيدة وذلك لسببين أساسيين:
- السبب الأول, أن التوازنات داخل حركة حماس قد تعطل هذه الرهانات، فإذا كان هناك داخل الحركة قيادات مستعدة للسير في هذا الاتجاه مستفيدة من الإغراء والغطاء الذي تقدمه تركيا ومصر والدول الخليجية, فإن هناك جيل من المقاومين داخل حركة حماس الذين انضموا إلى الحركة كونها فصيل مقاوم يسعى لتحرير فلسطين كلها من البحر إلى النهر لا يسير بالاتجاه الذي ربما تفضله قيادات في حماس, وبالتالي سيكون من الصعب على قيادة الحركة تدجين كل هؤلاء وإقناعهم بالتخلي عن خيار المقاومة, وتحديداً القيادات الناشطة في الجناح العسكري (كتائب عز الدين القسام) ولهذا قد تكون عملية استهداف أحمد الجعبري هي محاولة لإنتاج ذات اللعبة التي لعبها العدو الإسرائيلي ضد حركة فتح, حيث قامت قوات الاحتلال باغتيال القادة الذين رفضوا المساومة، وتسهيل عمل القيادات التي تسير في خط التنازلات، في محاولة للإخلال بموازين القوى داخل هذه الحركات والقضاء على القوى المقاومة, ولهذا سممت ياسر عرفات, وأصدرت أحكام قاسية بحق مروان البرغوثي، في حين تزود قيادات أخرى في فتح بتصاريح مرور على حواجز الاحتلال.
- السبب الثاني, كانت حسابات العدو أنه حتى لو تمكنت الدول الغربية والعربية وتركيا من احتواء حركة حماس، وثنيها عن خيار المقاومة, فإن فصائل فلسطينية أخرى عصية على الاحتواء، وتتمسك بخيار المقاومة، وأن وجود السلاح بهذه الكمية والنوعية، في قطاع غزة من شأنه أن يشكل خطراً على الكيان الصهيوني، إذ سوف تستخدمه هذه الفصائل، ولهذا شن العدو الصهيوني عدوانه على غزة الآن من أجل الوصول إلى غايتين:
- الأولى، تدمير الأسلحة المتطورة، ولاسيما الصورايخ التي تحوز عليها الفصائل الفلسطينية.
- الثانية، محاولة تعديل توازن القوى داخل بعض فصائل المقاومة للتأثير على الجدال الدائر حول خيار المقاومة، وبما يعزز خيار التنازلات والمساومة.
| |
|