دام برس :
لا يختلف اثنان عاقلان وبعد كان ما كان من نتائج وتداعيات حتّى اللحظة، وعبر الحدث الأحتجاجي السياسي السوري، وما نتج عنه من خسائر جمّة لجهة الشق الديمغرافي – الأنسان السوري ومقدرات الدولة السورية المختلفة واضعافها، ليصار الى الأحتفاظ بخصم اقليمي واهن وضعيف(من زاوية الطرف الثالث المتدخل في الحدث السوري)على أنّ العنف والعنف المضاد في سورية، قد تم الإعداد له مسبقا من قبل أجهزة الأستخبارات الغربية والأمريكية، ومجتمع المخابرات الصهيوني وأدواته في الداخل الغربي والأمريكي، وبعض دواخل بعض الساحات العربية – المشيخات الطارئة، والتي لديها الأستعداد للقبول بتنفيذ مثل هكذا رؤى سياسية دموية، لعقد نفسية عديدة لموردها البشري المتحكم والحاكم وما يترافق مع مركبات نقص متعددة له.
وكلّ ذلك قبل انطلاق فعاليات ومفاعيل ما سمّي بالربيع العربي - جدلاً، والذي قد يكون فاجأ (المطابخ) الضيقة والمحصورة جداً، بأشخاص محددين في تلك الأجهزة والمشكّلة بطريقة عنقودية عنكبوتية، في تشكيل الفرق التفكيرية الخاصة بتلك الهياكل الأستخبارية، بحيث لا يعلم "شهم" عن وجود "شجاع"، ولا الأخير عن الأول، ولا كلاهما عن "سهم" و"فيصل" ومجموعته وهكذا..الخ.
هذا وقد ظهر وبان جليّاً زيف "التطلعات الديمقراطية وحقوق الأنسان" في مواجهة الذبح بدم بارد مأفون، واسالة حمّامات من الدم الطائفي الأثني العرقي هناك، والتي كانت نتاجات تفكير تلك "المطابخ" الموجّهه.
يسافر بعض الأردنيون إلى سورية للخضوع لدورة جهادية، في صفوف جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة، لكنهم يعودون إلى بلادهم بكميات ملفتة للنظر من المتفجرات وعينات من المفخخات والأسلحة) ما كشفته دائرة المخابرات الأردنية العامة مؤخراً مؤشر في هذا السياق) هذا من جهة، ومن جهة أخرى وبحسب المسؤولين الأمنيين في حكومة نوري المالكي، كانت أحد أكبر المشكلات الأمنية التي واجهت العراق بعد سقوط صدام انتقال الإرهابيين السلفيين من أصقاع الدنيا إلى سورية، و من بعدها دخولهم إلى الأراضي العراقية. وقد تصاعد الجدل في هذه القضية، إلى أن اعترضت الحكومة العراقية رسمياً وقامت باستدعاء سفيرها من دمشق، ومع تصاعد حدة الأزمة السورية تحول مسير نقل الإرهابيين من بغداد إلى المناطق المختلفة في سورية، وهذا ما زاد من الفوضى والفلتان الأمني في هذا البلد.
انّ استقلالية الفروع للقاعدة كتنظيم، أدّت إلى ظهور تنظيم القاعدة في بلاد النهرين، تنظيم القاعدة في المغرب العربي، وتنظيم القاعدة في الحجاز، تنظيم القاعده في اليمن، تنظيم القاعده في بلاد الشام وتحديداً في سورية الآن، بفعل تسهيل دخول عناصره، من قبل بعض أجهزة استخبار ومخابرات دول الجوار السوري العربي وغير العربي، بالأتفاق مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، بجانب التورط المشترك لدولتين من دول الخليج، وبشكل مشترك ومباشر في الشؤون السياديّة للدولة السورية بفعل الحدث السوري وتداعياته، وهنا يبرز سؤال جوهري وهو: آلا يرتد هذا الأرهاب المدخل الى الداخل السوري مرةً ثانيةً، لدول الجوار الدمشقي وما شابهها؟! تساؤل " أخو فلمنكا أخو شلوخا".
يعتقد الكثير من المحللين أنه، في حال سقط النسق السياسي السوري أو لم يسقط، فإنّ إقامة معسكرات للمجموعات السلفية المتطرفة في سورية و أو على حدود دول جوارها، سيكون له تداعياته المباشرة على أمن الدول المجاورة هذه، حيث يواجه العراق حالياً عمليات إرهابية وعلى الأردن ولبنان أن ينتظرا حدوث توتر طائفي ومذهبي سينتقل إليهما عاجلاً أم أجلاً.
وبحسب خبراء في شؤون تنظيم القاعدة، فإنه ليس هناك فرق في أي مكان بالنسبة لهؤلاء الإرهابيين لنشر إرهابهم، لأن وصولهم المباشر إلى "الجنّة" مرتبط فقط بمعيار قيامهم بهذه العمليات. ودون شك يعتبر الداعمين الرئيسيين للسلفيين ولعناصر القاعدة، واستناداً على الوثائق المنتشرة على المواقع الالكترونية المختلفة، هم أهم أعداء حزب الله وأكبر الداعمين لمنافسيه في لبنان، وعليه فإن غرفة العمليات التي تدير وتتحكم بالعمليات الإرهابية في سورية ستتفرغ قليلاً للبنان، بهدف انهاك قوة حزب الله عبر إيجاد توتر مذهبي في هذا البلد.
أشار بعض الخبراء العرب إلى الحجم الكبير والواسع الذي تبثه وسائل الإعلام المعادية لسورية، حول ما تدعيه من قيام الحكومة المركزية "بالتهجم الطائفي والمذهبي"، حيث يتوقعون أن هذه القنابل الإعلامية ستهيئ الأجواء بشكل مؤكد لتصاعد التوترات المذهبية في مختلف الدول العربية، وخاصة في الدول التي فيها تركيبة طائفية تشبه التركيبة الموجودة في سورية، كما أن الموجات المتزايدة للنازحين السوريين إلى هذه الدول يجلب معه تحديات أمنية واجتماعية بالإضافة إلى المشكلات الاقتصادية أيضاً – الأردن العربي الهاشمي مثالاً على ذلك:- وأدّى ذلك الى تصاعد عامودي وأفقي، بحركة الأحتجاجات الشعبوية الحالية، بعد قرار حكومة الملك برفع الدعم عن المشتقات النفطية، مع تصاعد في حدّة طرح الشعارات والتي مسّت الملك وعائلته، وصحيح أنّ نسقنا السياسي ليس نسقاً رملياً، لكن بالمقابل لسنا نسقاً حديديّاً، وعنوان نسقنا السياسي يمتاز بالشجاعة والحكمة والتسامح وهذا ليس ضعفاً أيضاً، وأكاد أجزم أنّه وفي ظل المقاربة الأمنية والأقتصادية السائدة في البلاد الآن، سيبادر الملك الى وضع مقاربة سياسية حديثة وجديدة ليحتوي الجميع.
كما حذر بعض المحللين السياسيين (ونحن منهم) في الدول المجاورة كالعراق والأردن، من قضية إقامة مناطق عازلة ومستقلة من قبل المجموعات الإرهابية، الأمر الذي سيشكل خطراً وتهديداً على الأمن القومي وحتى على السيادة الوطنية الكاملة لدول المنطقة.
انّ الصورة التي كان من المقرر أن يرسمها الشعب السوري لبلدهم تحت عنوان الحرية والكرامة، تحولت اليوم إلى صورة مليئة بالدم والفوضى، وأجزاء كبيرة منها تنقل العدوى بالتدريج إلى دول الجوار.
وقد تحول القلق من التحولات الدموية الجارية في سورية، إلى تحديات كبيرة بالنسبة للمسؤولين العرب في دول الجوار، وهم يتابعون أخر التطورات وعمليات الكر والفر في هذه المنطقة المنكوبة من العالم، وإذا لم نقل: قد أضحى هذا القلق أكثر من قلق الرئيس بشار الأسد فإنه يساويه.
المحامي محمد احمد الروسان
عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية*
www.roussanlegal.0pi.com
mohd_ahamd2003