دام برس:
لنعمل العقل في " فكرة ما " ولنحفّزه على التفكير ليبدع، في لحظة عصف ذهني ذاتي عبر المداخلة الفوق استراتيجية التالية:- (...عندما تتملك الفكرة الأذهان والعقول والأدمغه، فإنّها تتحول إلى قوّة مادية عالية، يمكن أن تولّد الكثير من الطاقات والقدرات والأمكانيات والأدوات على الأرض، وتأسيساً على ذلك، فقد أصبحت "فكرة"، أو بالأحرى مفهوم "تأمين الحدود الشمالية للكيان الصهيوني" أكثر تملكاً وسيطرة على العقل الصهيوني.
في المعلومات والبحث، أسّس لهذا المفهوم الصهيوني، ان لجهة جذوره، وان لجهة أسسه، وان لجهة أبعاده، ثلاثة من اليهود الأمريكيين هم:- ريتشارد بيرل، ديفيد فورمزر، وبودورفيتز، وجميعهم من زعماء جماعة المحافظين الجدد، المرتبطون بحبل سرّي وأخر علني، "برحم منظمات اللوبي الأسرائيلي – الصهيوني(الأيباك).
الحدود السياسية الشمالية "لإسرائيل"، بالمعنى السطحي المتداول، هي الحدود الإسرائيلية مع كل من سورية ولبنان فقط، أما بالمعنى الاستراتيجي فهي تعني كامل المنطقة الممتدة من شمال "إسرائيل" حتى الجمهورية الأسلامية الأيرانية المسلمة وأذربيجان عند بحر قزوين – بحر الخزر، والأخيره تسمية ايرانية صرفة.
بعبارة أخرى وأشد وضوحاً، فإنّ مفهوم الحدود الشمالية "الإسرائيلية" هو مفهوم جيو- سياسي شامل وواسع، يشير إلى منطقة واسعة شاسعة تتضمن سورية، وتركيا، والعراق المحتل، وإيران المستهدفة، وأرمينيا، وأذربيجان.
وتشير المعلومات بوضوح، إلى أنّ هذا المفهوم الجديد للحدود الشمالية "الإسرائيلية"، قد انعكس في عقيدة الجيش الأسرائيلي – الصهيوني بشكل عام، وفي المذهبية العسكرية والقتالية الخاصة، بالقيادة "الإسرائيلية" الشمالية، بحيث أن مهام هذه القيادة لم تعد تتضمن الاهتمام بأمر المواجهة مع لبنان وسوريا فحسب، بل أصبحت مهامها تغطي كامل المنطقة من شمال "إسرائيل" وحتى إيران وبحر قزوين – الخزر، باعتبارها المسرح العسكري الواقع ضمن نطاق مهام القيادة "الإسرائيلية" الشمالية، وبسبب ضخامة هذا المسرح بمفهومه الجيو – سياسي والديمغرافي المستوطن فيه، فقد أنشأ "الإسرائيليون" قيادة جديدة، تهتم بالمسرح الإيراني وأسيا الوسطى بل وأوراسيا العظمى، وبالتعاون مع القيادة "الأسرائيلية" الشمالية، بالتنسيق مع المجمّع الأستخباراتي الفدرالي الأمريكي بزعامة الجنرال جيمس كلابر، حيث يضم المجمّع الفدرالي الأمريكي أكثر من سبعة عشر وكالة استخبار.
وتتحدث المعلومات استنادا الى تقارير استخبارية اقليمية – بعضها عربي وجلّها غربي وأممية، أنّ الجيش الحربي الأسرائيلي – الصهيوني، يعاني بمرارة من أزمة مذهبية خانقة متفاقمة بالمعنى الرأسي والأفقي: فمن عقدة لبنان إلى "عقدة" سورية إلى عقدة ايران.
منذ سنوات خلت وفي ظل أجواء الضربة الجويّة الصهيونية الحاقدة، للمشروع النووي السوري الأفتراضي، نشرت صحيفة التايمز البريطانية تقريراً إخبارياً أعده مراسلها في تل أبيب عوزي ماهنايمي، حمل عنوان "إسرائيل في حالة تأهب لضربة جوية ضد سوريا".
يقول التقرير والذي نشر في حينه، بأنّ درع الدفاع الصاروخي الواقي حول مفاعل ديمونا النووي "الإسرائيلي"، قد تم وضعه في حالة التأهب القصوى 30 مرة خلال اسبوع واحد فقط، وسط مخاوف من حدوث ضربة جوية سورية ضده في حينه، هذا بالإضافة إلى أنه تم تحريك بطاريات صواريخ باتريوت المضادة للطائرات، الأمريكية الصنع، ونقلها إلى ديمونا في صحراء النقب، وذلك عقب معلومات استخبارية مفادها أن ثمة ضربة جوية يمكن أن يشنها السوريون، رداً على قيام إسرائيل بقصف موقع سوري قبل شهرين في تاريخه آنذاك يشتبه بأنه موقع نووي.
وفي المعلومات الأستخباراتية العسكرية وواشنطن واسرائيل تعلم بذلك، أنّ الجمهورية العربية السورية تملك ترسانات من القوّة الصاروخية التقليدية وغير التقليدية يتجاوز مداها موقع مفاعل ديمونا الأسرائيلي – الصهيوني.
وانّ اي حرب اقليمية او فوق اقليمية قادمة في المنطقة والعالم هي حرب صواريخ بالدرجة الأولى وتحسمها الصواريخ أيضاً.
وبحسب تصريحات سابقة وقبل خمسة أشهر للسفير العربي السوري الطبيعي في عمان- اللواء الدكتور بهجت سليمان، والتي أكّد فيها أنّ سوريا ورغم ما قد تتعرض له من اضرار شديد سترد بإطلاق 20 صاروخ فقط، كفيلة بتدمير المنشات النووية الاسرائيلية وان سوريا لن تقف مكتوفة الايدي في حال تعرضها لهجوم اسرائيلي مباشر.
وأضاف السفير في وقت تصريحاته "إنّ محور المقاومة وعلى رأسه سوريا، يمتلك سلاحا استراتيجيا ودقيقا جدا يمكنه ضرب أي مكان او نقطة داخل اسرائيل من المواقع النووية في "ديمونا"، مرورا بالمحطات النووية السبعة التي تمتلكها اسرائيل والمصانع الكيماوية في حيفا وصولا الى الموانئ ومخازن النفط بالقرب من تل ابيب ولتحقيق هذه الاهداف لا يلزمنا اكثر من 20 صاروخ".
وأكّد السفير الى نوعية الصواريخ التي ستطلقها سوريا باتجاه اسرائيل في حال اقدمت الاخيرة على مهاجمتها، قائلا: "الصواريخ التي سنطلقها لن تقتل 250 اسرائيليا كما يتفاخر القادة الاسرائيليون، بل عشرات آلاف القتلى ما يشكل بداية نهاية المشروع الاسرائيلي، وفي هذه الحالة لن تساعدهم أي قبة حديدية، ومن لم يصدقني عليه ان يتذكر حرب لبنان الثانية 2006 م التي شكّلت مقطعا صغيرا لما يمكن ان يحدث لإسرائيل في الحرب القادمة".
في وقته وظروفه وحينه من الماضي القريب، حدث تحرك غير عادي وبقدر كبير تم السماح للضبّاط والمسؤولين الإسرائيليين بالتحدث باسهاب، عن بطاريات الصواريخ والاستعدادات والتحضيرات الجارية إلى التلفزيون الإسرائيلي الحكومي، حيث تحدثت الجميلة ذات القوام الممشوق، الملازم أول "عادي" التي تعمل كنائب لقائد بطّارية الباتريوت قائلة: "نحن مستعدون لإطلاق الصواريخ خلال ثواني طالما أننا في حالة التأهب الكاملة".
التوتر مع دمشق تزايد في وقته وزاد الآن بعد الحدث السوري الأحتجاجي، عندما قامت "إسرائيل" الصهيونية بتدمير المنشأة الموجودة في شمال سوريا والمشتبه بأنها نووية، وما تقوم به الآن في زعزعة استقرار سورية وبالتعاون مع بعض العرب المتخاذل والعربان.
لقد صرّح مصدر دفاعي إسرائيلي – صهيوني في حينه قائلاً: "الحقيقة التي تقول بأن السوريين اذا لم يشنّوا ضربة فورية ضد "إسرائيل" ، فإن هذا لا يلغي احتمال أنهم يرغبون في الانتقام في وقت الحادثة"، وأضاف المصدر قائلاً: "إن ديمونا هو في أعلى قائمتهم وأهدافهم الأستراتيجية".
التوتر في " إسرائيل" أصبح مرتفعاً عندّ تلك اللحظة الزمنية في الماضي وكما هو هذا الأوان بفعل الحدث الأحتجاجي السوري وتداعياته الأقليمية والدولية، وقد صرّحت جميلتنا ذات القد الممشوق الضابطة " عادي " القائدة لبطارية الباتريوت قائلة في حينه: "إن كل طائرة مدنية في طريقها من عمّان أو جدة إلى القاهرة وبالعكس، والتي تنحرف عن مسارها ولو قليلاً فإنها تتلقى تحذيراً وتواجه خطر إطلاق الصواريخ عليها".
وفي المعلومات وخلفياتها التاريخية البيانية، والتي تحتفظ بها أجهزة الأستخبارات العسكرية العربية، وحدة الباتريوت والقبّة الحديديّة الآن والتي تم نصبها بمساعدة العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي، مخوّل لها إطلاق الصواريخ وإسقاط أي طائرة تقترب، مدنية كانت أو عسكرية، والأمثلة كثيرة فخلال حرب الستة أيام عام 1967م – مع كل أسف وحزن ستة أيام، تم إسقاط طائرة ميراج إسرائيلية نفّاثة اقتربت بطريق الخطأ من مفاعل ديمونا، كما تم إسقاط طائرة ليبية من طراز بوينج 727 عندما ضلّت طريقها بسبب العواصف عام 1973م وتم إسقاطها مباشرة وقتل الـ 113 راكباً الذين كانوا على متنها.
وأعتقد وأحسب كمتابع دقيق للشأن الأسرائيلي الصهيوني، أنّ هناك أبعاد سريّة لـ"عقدة" المذهبية العسكرية الإسرائيلية الصهيونية، بحيث تمثل فكرة تهديد وجود "إسرائيل" الآن مركز الثقل في التوجهات الإستراتيجية الإسرائيلية - الصهيونية، بحيث أصبحت هذه الفكرة تشبه الكابوس الدائم، الذي يثير شتى أنواع الفزع والهلع في أذهان الإسرائيليين - الصهيونيين، وقد تم تصميم كل أجهزة الدولة في الكيان الإسرائيلي – الصهيوني، وفقاً لاعتبارات "التحوط الوقائي العسكري والأستخباري" ضد حدوث هذا الخطر المتفاقم، وعلى ما يبدو فإن إدراك الإسرائيليين لحقيقة قيام دولتهم على أنقاض حقوق الآخرين، قد ولّدت لديهم شعوراً دائماً بأنّ هؤلاء الآخرين سوف يسعون لاستعادة حقوقهم المشروعة مهما طال الزمن وتوالت الحقب، لذلك يحاول الإسرائيليون - الصهيونيون البقاء في "إسرائيل" ولكن بالمحافظة على إجراءين وقائيين:
أولاً:- الإبقاء على حالة التعبئة الدائمة ضد الخطر الداهم، السوري أو اللبناني أو الإيراني أو المصري، أو الأردني عبر الجيش العربي الأردني عندّ الصيرورة التاريخية، عندما لا تكون الظروف غير الظروف الحالية ولا الحال غير الحال الحالي ويقينا عندما لا تكون الأرض غير الأرض ولا السماء غير السماء، فانّها القيامة بالمفهوم الدنيوي الزائل.
ثانياً:- الاحتفاظ بـ"مرابط الخيل"، وحالياً يحمل جميع الإسرائيليين - الصهيونيين جنسيات مزدوجة، بعضها أمريكي، وبعضها أوروبي بل وبعضها الآخر عربي مع كل أسف وحزن على من سمح بذلك من بعض العرب المتخاذل، كما في حالة الإسرائيليين - الصهيونيين الذين يحملون هويات مغربية وتونسية وليبية ومصرية.
إن حالة التعبئة الدائمة تشير إلى حالة الإبقاء على جذوة النزعة العدوانية، أما الاحتفاظ بـ"مرابط الخيل" فتشير إلى أن الإسرائيليين يدركون جيداً أن يوم "الميعاد" العربي قادم لا محالة، وأن كلّ ما تقوم به "إسرائيل" في الوقت الحالي والقادم هو مجرد محاولات لتأجيل وقوع هذا اليوم العصيب والذي ستشيب له الولدان.
عموماً، الاستخدام والتوظيف السياسي، للقبّة الحديديّة ولبطاريات الباتريوت الأمريكية عن طريق السماح للضباط الإسرائيليين - الصهيونيين المسؤولين عنها بالتحدث أمام أجهزة الإعلام والتلفزيون، هو أمر لا يقتصر حصراً على تأمين حدود إسرائيل الشمالية، بل يحاول الإسرائيليون - الصهيونيون كذلك توظيفه في عملية السلام الفلسطينية – الإسرائيلية الكارثية بتداعياتها على الأردن وبعض الجلّ العربي المرتهن، وذلك بالحديث عن شبكة الدفاع الصاروخي التي يحاولون بنائها حول الأراضي الفلسطينية المحتلة، وذلك لإقناع الفلسطينيين بضرورة الموافقة على الشروط الإسرائيلية المطروحة حالياً، قبل اكتمال بناء شبكات الدفاع الصاروخي الإسرائيلي الأخرى السريّة في بعض الساحات العربية، فحينها لن يكون هناك معنى لتهديدات صواريخ القسام وغيرها ضد "إسرائيل"، والتي سوف تقبل حينها بمنحهم "المزايا" التي قدمتها الآن.
ونتيجةً لتسريبات شبه مؤكدة – أكّد صحتها وجديتها للرئيس باراك أوباما مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية الجديد جون برينان - إلى بعض وسائل الميديا الدولية غير الصديقة للنسق السياسي السوري، والمقرّبة من مجمّع الاستخبارات الأمريكي الفيدرالي بمضمون محدد يتموضع بالتالي:- لجوء دمشق إلى إستراتيجية إعلان النفير العام عند لحظة الخيار صفر في حدثها السياسي وفقاً لمفهومها – أي دمشق.
فانّ الرئيس باراك اوباما وفي فترة إدارته الثانية، والتي بدأت قبل 48 ساعة من الآن، وكما ظهر جليّاً في خطابه وقت تنصيبه، انّه أسقط خيار التدخل العسكري الأممي ضد النسق السياسي السوري، إن لجهة المباشر (والى حد ما) إن لجهة غير المباشر، والعودة إلى الخيار الروسي المسند (بضم الميم وتسكين السين وفتح النون) من قبل طهران وبكين لحل الأزمة السورية وفقاً لاتفاق جنيف وملحقاته.
*كتب: المحامي محمد احمد الروسان*
*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية*
www.roussanlegal.0pi.com
mohd_ahamd2003@yahoo.com