أظننت يا مشعل! - رأفت حرب
بعد كل التطورات التي طرأت في السنتين الأخيرتين، وخصوصا فيما جرى في سوريا، وهي الدوالة العربية الوحيدة التي كانت تشكل مددا على الصعيد السياسي والعسكري لمقاومة الفلسطينية، بات أمامنا مشهدا فلسطينيا جديدا.
لقد كنا نغض النظر سابقا عمّا كنا نسمع عن أفعال حماس في السنتين الأخيرتين، تواصلها مع قطر وعناصر فلسطينية تُقتل في سوريا على يد الجيش العربي السوري. كما أنّ "جهود" محمود عباس، المعروفة المصدر والهدف، لطالما كانت خطرا على القضية الفلسطينية بكل معانيها.
اليوم، مظهر آخر يخرج من فلسطين، فالربيع العربي، يفرز شيئا جديدا هو تحوّل كبير في سياسة حماس، وعزم جديد في عمل حركة فتح.
حركة حماس، التي كان يطلب رأسها كل العالم منذ سنين قليلة، والتي لم تجد لنفسها ملجأ سياسيا وميدانيا إلا دمشق، اليوم، تُقفل مكاتبها في سوريا، بالشمع الأحمر!!
ماذا عن حركة حماس اليوم؟؟ ماذا عن تاريخها؟؟ ماذا عن سلوك خالد مشعل وهنية؟؟ هل سيأتون بتحرير فلسطين وقلع إسرائيل من الوجود كما لطالما رددوا، من خلال تحالفهم مع قطر التي تقيم علاقات تجارية ودبلوماسية مع العدو، بدلا من دولة حاربت العدو وأمدت المقاومة في لبنان وفلسطين بالسلاح والخبرات والدعم السياسي؟؟؟
إنّ الشعب الفلسطيني الذي لطالما قدم الغالي والنفيس فداء لفلسطين الوطن الكامل، ولآذان المسجد الأقصى، هل سيخضع لوقاحة محمود عباس بأنّه لن يسمح بآنتفاضة جديدة؟؟ هل سيرضى بخروج مشعل من دمشق إلى الدوحة وما يرفق ذلك من تمهيد لآعتراف بآسرائيل ككيان مشروع؟؟؟ ليس رهاننا اليوم، إلا على من أطلق حماس بعد خيانة "أوسلو"، ليس رهاننا إلا على أحفاد فتحي الشقاقي ويحيا عياش، ولا رهان على الجالسين على موائد اللاشرف في العواصم العربية.
أنسيَ قادة حماس، أنّهم نتاج شعبي رافض للإحتلال ولسياسة الدول المعترفة فيه؟؟
أظننت يا مشعل أنّك بتحولك ستقفز فوق الشعب الفلسطيني الحي العظيم، صاحب التاريخ الكبير؟؟ أظننت أنّك قادر على فرض رغباتك على شعبك لأجل حفنة من سنين الدنيا تقضيها في القصور والمؤتمرات؟؟
أظننت يا مشعل حيث أُخذتْ على الشعب أقطار الأرض وآفاق السماء، أنّ به على الله هوانا وبك عليه كرامة؟؟ فشمخت في أنفك ونظرت في عطفك جذلان مسرورا، حيث رأيت الدنيا لك مستوسقة، والأمور لك متّسقة، وصفا لك ملك الشعب وسلطانه.
فمهلا مهلا، لا تطش جهلا، أنسيت قول الله تعالى: " ولا تحسبن الذين كفروا إنّما نملي لهم خيرا لأنفسهم، إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين".
أظننت أنّ آختبائك وراء الدين، لتحول البندقية الفلسطينية تجاه الشام، فتغرّر بعقول بعض الشباب، سيزيل وعي هذا الشعب الأبي؟؟ أظننت أنّ بتحولك ستُنسي الشعب تاريخه وعقائده وحبه لأرضه وتعلقه بها؟؟ أظننت أن لحيتك تعطيك حق التخلي عن الشهداء، وأملاك الأتقياء من شعبك؟؟
فوالله لتردنّ أنت وعباس وشيكا مورد من خانوا فلسطين، ولتودّن لو أنّك شُللت ولُكمت، ولم تكن قلت، وفعلت ما فعلت. لن تسلموا من ربيع فلسطيني حقيقي، يزيل عن فلسطين خبث المتآمرين، وعار الساقطين في العروض الدنيوية، فلست يا مشعل أكرم عند الله الآن من بن علي ولا من حسني مبارك ولا من القذافي.
فكد كيدك، وآسعى سعيك، وناصب جهدك، فوالله لا تمحي ذكرنا ولا تميت وحينا، ولا يدحض عنك عارها. وهل رأيك إلا فند، وأيّامك إلا عدد، وجمعك إلا بدد، يوم ينادي المنادي ألا لعنة الله على القوم الظالمين. |