الثابت والمتحول... بقلم : مضر عيد
لا شك أن الأزمة السورية غيرت كثيرا من واقعنا و تفكيرنا وادراكنا للأمور . لا شك أيضا أنها بينت لنا حقائق وظروف كانت خفية _ أو مخفية _ لفترة طويلة . لكن ما الذي تغير , وما الذي ثَبٌت ؟
الشهر الثالث لعام 2011 .. تاريخ لن ينساه السوريون مهما حيوا , حينها تغير كل شيئ تقريبا , تغير إدراكنا لماهية الربيع العربي .. تغير استيعابنا لمفهوم " الأمان "
" الحرية و اللاحرية " الثورة والتمرد ... حتى أن مفهوم المواطنة بدأ ينظر له بعينين , عين على الحقوق وعين على الواجبات , بين كل ما تغير ... ظل شيئ وحيد ثابتا دون مساس , ظلت سورية وطنا للجميع وظل الجميع مواطنين سوريين .
لم يمر وقت طويل على ما تغير ... حتى وضحت معالم كثيرة منه , واستمرت معالم أخرى بالتغير , بدا للجميع أن كثيرا مما طولب به قد كان أساسآ في ذروته القصوى . وأن النتائج كانت كارثية , وما كان للسوريين أن استدركوا فورا أن حريتهم التي " دفعوا ليأخذوها " لم تكن سوى أحرف ملونة , ما لبث لرصاص الإرهابيين أن مزقها بعنف مفرط . وعقلية هرمة . ثبت لنا حينها مفهوم الحرية كمجاز مجرد , أراد البعض إلباسه شماغا ! وآخرون فضلوا خمارآ , وآخرون اكتفوا بمجرد التعرية السلبية .
لم يكتف السوريون بالفهم والإدراك , فهبوا جميعا لتلبية النداء , وباتت ثوابتهم أقوى مما كانت عليه , فتشابكت الأيادي كما في تشرين القرن الماضي , بحثا عن تشرين جديد , لوحدهم _رغم الغدر_ كما في السابق .
في ظل ما سبق ... تيقن أعداء سوريا أن الشعب السوري أوسع من أن يرسم له مخطط ... وأن مناعته أقوى من أن تتسمم " بثورة مثلجة " وأن أثمن ما يمكن أن يصلو إليه هو سيارة مفخخة وخطاب في مجلس الأمن.
بالثوابت الوطنية، والمتغيرات الإيجابية، وبكل ما يحمله السوري من مواهب الصبر والمقاومة ... لا بد للفجر أن يشرق من جديد.