حلب ... والحرب العالمية الثالثة ...بقلم : كميل زيادة

حلب ... والحرب العالمية الثالثة

خاص "توب نيوز" - كميل زيادة

دخلت حلب شهرها الثالث ويد الإرهاب ضاربة بعمق داخل تلك المدينة حيث تعيث عصابات الإرهاب فيها قتلا وتدميراً وإحراقاً وترهيباً.

ربما لم يعد يخفى على أحد أن قوى الاستكبار العالمي وأدواتها تضع كل ثقلها في معركة دفعت لأجلها بكل أوراقها سياسياً وإعلامياً وحتى عسكرياً فقد بات من الواضح من حجم التحضير والتخطيط لكل ما جرى ويجري أن من يقف وراء كل هذا هو عقل عسكري استخباراتي يقود حرب عصابات وقتال شوارع بشكل منظم وآلية دقيقة لا يمكن أن تصنعه بضعة مجموعات مشتتة لكل منها من تأتمر بأمره ؛ ربما هكذا أريد له أن يبدو ولكن إذا نظرنا إلى الواقع بتمعن مع مراقبة ما يجري على الأرض وما جرى في الأيام الأولى ومراحل المعركة سنكتشف كم كانت تلك القوى تعو�'ل و تضع كل خبراتها على ما أسمته معركة حلب الكبرى جاعلة منها رهانها الأكبر وأملها الأخير فاستحضرت لأجلها كل ما خبأته من أوراق آلاف المسلحين من كل مدن وبلدات سوريا إضافة لعدد كبير من المقاتلين المدربين المجهزين بأحدث الأسلحة النوعية دفعوا إلى حلب من تركيا.

العقل العسكري الذي خطط لتلك المعركة عرف جيدا طبيعة الأرض والجغرافيا و السكان فاختار أهدافه بعناية ؛ فاعتمدت الخطة الموضوعة على اختيار مناطق لتكو�'ن المعاقل الأساسية و غرف العمليات وأماكن تواجد قادة تلك العصابات ومناطق أخرى غيرها لتكون ساحة المواجهة حيث تم تحصين المناطق المعاقل الرئيسية ثم زرع أعداد كبيرة جداً في كافة تلك المناطق بالإضافة لأعداد أخرى في مناطق أخرى تكون بمثابة الخلايا النائمة والتي سيكون لها الدور الأبرز لاحقاً .

اختيار تلك المناطق لم يكون عشوائياً أبداً فالمناطق المستهدفة تعد من أكثر مناطق المدينة اكتظاظاً وعشوائية وهي أحياء شعبية متلاصقة على امتداد واحد ابتداء من حي صلاح الدين غرباً وعلى طول القوس الشرقي للمدينة وصولاً إلى حيي الشعار وطريق الباب شرقاً مروراً بأحياء المشهد والعامرية وسيف الدولة والسكري ومناطق أخرى فتلك الجغرافيا المتشابهة تعطي العصابات الإرهابية حرية في التنقل والتخفي والتغلغل بين صفوف الناس الذين وفدهم أعداد كبيرة من المسلحين على مدى فترة من الزمن قادمين من ريف حلب الشمالي على الحدود التركية ومن ادلب وبقية المحافظات وعلى الأرجح تحت مسمى نازحين .

اكتملت التحضيرات ووضعت تلك العصابات لنفسها توقيتاً لبدء التحرك فكان الظهور المفاجئ في الشوارع وعلى العلن أغلقت المناطق على ساكنيها حيث مارست تلك الذئاب البشرية أقسى أنواع الإرهاب المنظم بحق الآمنين .

من قام بالتحضير لذلك كان على يقين أن القوات السورية لن تقوم بأي رد فعل سريع من شأنه أن يضع حياة مئات الآلاف من المدنيين أمام خطر الموت ؛ بالتزامن مع ذلك بدأ السكان بمغادرة أحيائهم ومنازلهم وبدأت قذائف الهاون بالتساقط على الأحياء المجاورة موسعة دائرة ذلك التهجير المنظم بالإضافة لأعمال القنص العشوائي التي طالت عدداً كبيراً من المدنيين ذلك التهجير الذي خلق أزمة على الطرف المقابل من المدينة فهنا أزمة وهناك أزمة من نوع آخر كل هذا بهدف إنهاك المدينة سكانياً وعسكرياً واقتصادياً بالتزامن مع ذلك كانت عناصر الجيش العربي السوري التي أتت لنجدة المدينة تستعد لتنفيذ عمليتها وانتظرت مدة أسبوع فاسحة المجال لخروج المدنيين من تلك الأحياء وتقرر أن يكون حي صلاح الدين هو البداية باتجاه بقية الأحياء الأخرى والذي حصل هنا أن قوات الجيش بدأت تتعرض لدى دخولها لعمليات قنص من الخلف لجهة حي الحمدانية المطل على صلاح الدين والمرتفع جغرافياً والذي كان يبدو آمناً ما اضطر قوات الجيش إلى عمليات تمشيط ودهم في ذلك الحي حيث عثرت على العديد من الأوكار بمساعدة الأهالي .

تلك كانت السياسة المت�'بعة من قبل تلك العصابات والمتلخصة في إبقاء أماكن الاشتباك بعيدة عن معاقلها الرئيسية والمبادرة إلى الهجوم في أحياء أخرى عبر الخلايا الموقوتة التي زُرعت وإلهاء عناصر الجيش والتحكم بمسار المعركة وإطالة أمدها لإنهاك الخصم فكانت الاشتباكات في أحياء سيف الدولة والإذاعة والزبدية وهي مناطق مجاورة لحي صلاح الدين والتي تقود إلى عمق التواجد المسلح ثم انتقلت إلى أحياء حلب القديمة ومناطق الجديدة والتلل والأصيلة وصولاً إلى محيط قلعة حلب التي حاول المسلحون استهدافها بقذائف الهاون ولكن الرد السريع والنوعي لقوات الجيش العربي السوري حال دون إلحاق الأذى بالقلعة كل هذا لتحقيق هدفين الأول إبقاء مناطق الاشتباك بعيدة عن مناطق السيطرة وإنهاك قوى الجيش والسكان والإيحاء بأن عصابات ما يسمى الجيش الحر تمتد مسيطرة على أحياء جديدة استمرت الحال على هذا النحو مدة طويلة من الزمن واستمرت وحدات الجيش بصد تلك الهجمات وملاحقة العصابات المسلحة التي ومع كل حي يلتهب كان الأسلوب ذاته عمليات قنص وقذائف هاون عشوائية على الأحياء الآمنة لتتسع دائرة التهجير بشكل أكبر .

استمرت تلك المناطق بالاشتعال الواحدة تلو الأخرى واستمرت وحدات الجيش بملاحقة العصابات الإرهابية والاشتباك معها وهذا ما أطال زمن المواجهة ومع مرور الوقت كانت وحدات الجيش تعمل على التخلص من تلك البؤر المتنقلة فطه�'رت مناطق وأحياء كان أبرزها الإذاعة والميدان و ميسلون وقد تمكنت من دخول حي صلاح الدين الذي أريد أن يكون " بابا عمرو " حلب وتقدمت بشكل كبير جداً في حي سيف الدولة وها هي الآن على وشك الانتهاء من تطهير منطقة سليمان الحلبي والسيد علي مع الاستمرار في ضرب أوكار المسلحين في المناطق الأخرى .

ذلك كان المخطط الذي رسمته الميليشيات الإرهابية لأرض المعركة حيث كان لها ما أرادت ظاهرياً على الأقل فقد استطاعت نقل مناطق الاشتباك وإشعال مناطق غير التي تسيطر عليها متحكمة بسير المعركة فكان رهانها على كسب الوقت وعلى تعب قوات الجيش والشارع الحلبي التي مورست عليه أفظع درجات الحرب النفسية ولكن العقل العسكري السوري والذي أدار المعركة بمنتهى الذكاء وجعل سلاح الأعداء يقتلهم فهو لم يكن ليسير مع ذلك السيناريو المرسوم عبثاً فقد ظل الإرهابيون طيلة تلك معتقدين أنهم يتجهون في الطريق الصحيح وفق ما رسموه وأن الجيش العربي السوري قد وقع بالفخ وما هي إلا فترة من الزمن حتى تنهك القوات العسكرية وتتشقق بنية الجيش ويتعب الناس ويتحقق مرادهم ولكن هذا ما لم يحصل
فقد كانت قوات الجيش طيلة الفترة الماضية تعمل على استنزاف تلك العصابات المسلحة في عددها وعتادها وتراهن أيضاً على الوقت فعملت على إغلاق كافة سبل الإمداد إلى المدينة وضربت بعملياتها النوعية مخازن السلاح وشحنات الأسلحة سواء على مداخل المدينة أو حتى في مخازنها على القرى الحدودية ؛ شهرين من القتال المتواصل إلى أن بدأ يعلو الصراخ وبدأ الحديث عن نقص في السلاح والعتاد وتحدثت العديد من التقارير الأجنبية لمراسلين على الأرض عن إنهاك تلك العصابات ونقص إمداداتهم وخلافات وانشقاقات وهروب عدد من المسلحين ثم بدأت وحدات الجيش بتنفيذ عمليات نوعية واقتحامات برية دقيقة لضرب عدد من الأهداف داخل المناطق الحساسة على شكل هجمات كر وفر حققت خلالها نجاحات بالغة موقعة مئات القتلى خلال الأيام الماضية كما حدث في أحياء بستان القصر والكلاسة والذي شهد عمليات ح ودقيقة قضت على عدد من قادة العصابات بينهم أغلبهم من الأجانب .

فهي لعبة الزمن إذن .. من راهن على إنهاك الجيش العربي السوري وإنهاك الشعب الحلبي الذي سُرقت بيوته ومحاله وأحرقت ممتلكاته وشرد من منزله وهو لا يزال يقاوم ويصبر ويتحمل ويرى أن النصر لا بد قريب فخاض معركة الإرادات وكان بحق يستحق أن يكون شعباً شامخاً يفض�'ل نصب الخيام في الشوارع أو اللجوء الى المدارس والجوامع والحدائق على أن يقضي يوماً واحد في مخيمات صُنعت خصيصاً للنيل من كرامته على حد تعبير أحد هؤلاء تلك الكرامة التي أزعجتهم يوماً وأرادوا تحطيم هذا الكبرياء فها هم الآن يخسرون الرهان وباتوا منهكين يرفعون صراخهم ليخفون ما خلفه و يهددون ويهددون ويهددون وأنا على يقين بأن الجيش العربي السوري لا يزال يخفي لهم المفاجآت فانتظروها .

» رسالة من كميل زيادة إلى معاذ الخطيب - خاص توب نيوز- كميل زيادة
» المخابرات السورية والحرب العالمية الثالثة.. صراع الظل
» بنت جبيل وساحة سعد الله الجابري...بقلم : كميل زيادة
» الحرب العالمية الثالثة .. الرقة لن تؤخر معركة النورماندي في حلب؟؟ ..بقلم: نارام سرجون
» خالد مشعل ....... كشف حساب ؟؟؟ - كميل زيادة