لم تتوانى كل من الادارة الاميريكية و الاتحاد الاوروبي عن اظهار موقفهما المستاء من الحكومة التركية و ممارساتها المتاثرة بنفوذ و قرارت رئيس البلاد رجب طيب اردوغان او بمعنى اخر تاثير حزب العدالة و التنمية التركي بعد سلسلة الاعتقالات التي طالت صحافيين بينهم رموز في البلاد.
تتابع الادارة الاميريكية عن كثب ما يجري في تركيا من اعتقالات و هي قلقلة بشانه هذا ما خرج عن جاين بساكي المتحدثة باسم الخارجية الاميريكية .
نفس القلق هذا هو التي كانت تشعر به الادراة الاميريكية في كل مرة يخرج متظاهرين او محتجين و يقمع صحافيين او يشتبك عناصر قوى الامن مع مدنيين كما جرى في مصر قبل و بعد مبارك و قبل و بعد مرسي و تونس قبل و بعد بن علي و غيرها .
لطالما استثمرت الولايات المتحدة اي خلل في "الديمقراطية الصحيحة" حسب وصفها لترجمته هدفا سياسيا او نقطة ضغط تستخدمها في الوقت المناسب .
كان يمكن للادراة الاميريكية ان لا تتخذ مواقف مثيرة لهذه الدرجة بالنسبة لممارسات اردوغان في الداخل و هذه ايضا ليست المرة الاولى لكن هذه المرة تبدو الاعنف و الاكثر تاثيرا من سابقاتها خصوصا ما للصحافة من ارتباط معنوي بكل اشكال الحرية و انواع الديمقراطية و ان كانت شكلية الا ان الارتباط وثيق و معنوي و لا يبدو ان العلاقات الاميريكية التركية بشكل خاص على افضل ما يرام .
اعتقال الشرطة التركية للصحافيين و تاكيد اردوغان انه سيلاحق معارضيه في عقر دارهم تحدي واضح يؤكد انه لا يجيد او يتقن اللعبة الديمقراطية و تؤكد على انه ضاق ذرعا من معارضيه الذين يحاولون نصب فخ له كما يقول او انقلاب عن طريق اختلاق اكاذيب و شن حملة منظمة عليه .
يعرف اردوغان جيدا ان سلاح معارضيه المبدئي هو وسائل اعلامهم و لم يتوانى عن اعتقال رئيس تحرير اهم الصحف التركية "زمان " امام المجتمع التركي و الدولي غير ابه من انعكسات هذه الصورة على حزبه و مستقبله السياسي.
يعرف اردوغان ان خصمه فتح الله غولن و اي وسيلة اعلامية ناطقة باسم معارضيه ستستغل اي فرصة لزعزعة وضعه و الدخول رسميا على خط العمل على قلب الوضع في داخل البلاد و لكنه اكثر يقظة الى استغلال الخارج لهذا الوضع جديا ممن يستطيعون العبث بوضعه ووضع حزبه و قلب الاجواء في البلاد راسا على عقب و هو يعرف ان هؤلاء القوى موجودين و هم نفسهم الذين استغلوا الاوضاع في مصر و سوريا و العراق و تونس خصوصا حيث لحزب الاخوان المسلمين اي حزبه امتداد و هو يحاول استدارك الامر قبل فوات الاوان و بالتالي يعمل اردوغان اليوم على وتيرة الضربة الاستباقية التي تقطع الطريق على اي ممارسات مشابهة و هو قبل اعتقال الصحافيين قد شن عدة حملات و تعديلات قانونية راى فيها البعض تعدي صارخ على صورة و ثقافة الشعب التركي الذي يدعو الى الانفتاح و جزء كبيرا فيه الى العلمانية .
يعرف اردوغان جيدا انه و حزبه يخضعان اكثر من اي وقت مضى لضغوط داخلية من المعارضة و اخرى خارجية بسبب سياساته الاخيرة منذ احداث الربيع العربي خصوصا ما رتبه عليه تدخله كطرف في الازمة السورية اضافة الى موقفه المشبوه و تقاعسه عن محاربة الارهاب رسميا و عدم دخوله و لو ظاهريا الحلف الدولي لمكافحة مع مكابرته في موضوع الازمة السورية و الحل السياسي فيها .
بلقاء الاميريكيين و الايرانيين دخلت المنطقة رسميا مرحلة جديدة يتوجب من خلالها وضع كافة الملفات فيها على طاولة البحث و بهذا الحال لا يمكن لتركيا ان تقف سدا منيعا بوجعه القطار السياسي الديبلوماسي اذا انطلق و عليه فانها اليوم اكثر من اي وقت مضى على موعد مع محاولات لااستثمار اي مشكلة سياسية داخلية لانزال اردوغان عن الشجرة التي يخشى النزول عنها حتى الساعة و بالرغم من انه يبدو و كانه يستبق تدهور الامور فان قمع الحرية الاعلامية او تقييد الصحافة سيعود عليه بضرر كبير مهما كانت حساباته و ثقته بقرارته كبيرة .
يفيد التذكير انها ليست المرة الاولى التي تندلع اشتباكات و مواجهات او تطلق الشرطة التركية حملات اعتقالات في تركيا تحت مسميات و عناوين متعددة و بالقراءة فان تكرار المشهد اكثر من مرة خلال اشهر لا يدل على سلامة و استقرار الاوضاع .
يعتقد اردوغان انه يباغت الانفجار الكبير او انه يقطع الطريق على خصومه في قراراته و تصريحاته الحازمة في البلاد الا انه بالواقع يصب الزيت على النار اكثر و يضع نفسه امام واقع ادق ما يقال فيه " تاجيل لازمة قادمة لا محالة ".