كيف تحوّل الأموال من لبنان الى «داعش»؟يرسل مقيمون على الأراضي اللبناني الأموال الى المناطق التي يسيطر عليها تنظيم “الدولة الإسلامية”، من دون معرفة حجم الأموال المرسلة وهوية المستفيدين منها، ان كانوا من الأسر او من الارهابيين. نعم هذه حقيقة واقعة على رغم محاولات العديد من مكاتب تحويل الأموال إنكار تحويل الأموال الى مكاتب في محافظة الرقة المعقل الرئيسي لـ”داعش”.
واذا كان المكتب الوكيل لشركة الهرم للحوالات المالية (سوريا) في منطقة الرحاب (الضاحية الجنوبية) أنكر في حديث مع “النهار” القيام بمثل هذه التحويلات، إذ أجاب أحد العاملين فيه بنبرة ساخطة “تقتصر تحويلاتنا على المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري”، فإن حسن، أحد وكلاء مكتب الهرم في دوحة عرمون التي تؤوي أعداداً كبيرة من النازحين، أكد في اتصال مع “النهار” حصول هذه العملية، شارحاً أنه “أياً يكن المبلغ المرسل الى الرقة، فإن عمولة المكتب تبلغ 5000 ل.ل والمرسل اليه يستلم الأموال في اليوم نفسه من مكاتب خاصة بعدما أقفل الهرم أبوابه في تلك المنطقة”.
شروط التحويل
المطلوب ممن يريد إرسال الأموال إلى مناطق نفوذ “الدولة الاسلامية”، “إعطاء الاسم الثلاثي للمرسل له ورقم هاتفه الخليوي، أما المستلم فعليه أن يظهر هويته ليحصل على الأموال التي دائماً تصل بالليرة السورية، حتى لو تمّ التحويل بالدولار الأميركي من لبنان”، بحسب حسن.
من ينظم؟
يتم تنظيم مكاتب تحويل الأموال أو مكاتب تداول النقد كما أسماها الخبير الاقتصادي غازي وزني “من السلطات النقدية كون نشاطها يؤثر في وضع النقد، حيث تمنح رخص عملها من المصرف المركزي الذي يضع الأطر القانونية والتشريعية لضبط حركة دخول الأموال وخروجها من وإلى لبنان، وفي الوقت عينه لضمان حقوق الأشخاص الذين يتعاملون في هذه التحويلات”.
واستطرد “أما في سوريا ونتيجة للحوادث الحاصلة، فإن الفوضى هي المسيطرة حيث يتم تحويل الأموال إلى مكاتب غير مرخص لها على أساس عامل الثقة”.
وعن نقل الأموال إلى مناطق سيطرة “الدولة الإسلامية”، أجاب ان “هذه العملية مخالفة بالتأكيد للقوانين، كون القرارات الدولية التي تحدد كيفية التعامل مع المؤسسات المصرفية والمالية في سوريا من ناحية التحويلات، تمنع التحويلات النقدية والمالية الى تلك المناطق وتعاقب كل من يخالف، لكن ما يحصل اليوم هو نوع من الثقة بين الشخص المرسل والمستلم”.
تمويل للإرهاب
وزني اعتبر أن “هذه الحركة للأموال هي في اطار ضيّق، وليس لها أي انعكاس على الوضع النقدي في لبنان، طالما انها تتم بعمليات محدودة، لا تتجاوز بضع مئات من الدولارات، فهي للحاجات الخاصة أي للأسر”. وأضاف:” لكن مع ذلك يفترض أن تتدخل السلطات النقدية لوضع حد لهذه المخالفات للقرارات الدولية التي تعتبر مثل هذه التحويلات غير الشرعية هي تمويل للارهاب”.
“الهرم” تحت المجهر
وفي تموز الماضي نشرت وكالة الانباء السورية الرسمية “سانا” أنه “تبين لهيئة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ان شركة الهرم للحوالات المالية ونتيجة التدقيق قيام الشركة المذكورة بتنفيذ عمليات تحويل أموال من وإلى محافظة الرقة، وذلك يخالف القرارات الصادرة من الجهات المختصة”.
لوائح سوداء
الخبير في القانون الدولي الدكتور بول مرقص قال لـ”النهار” أنه “لا يوجد نصٌ قانوني لبناني يسمي صراحة الدولة الاسلامية بالاسم ويمنع التعامل معها، لكن ثمة قرارات صادرة عن مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة تسمي هذه المنظمات وأسماء أفراد يقفون وراءها، فضلاً عن وجود لوائح سوداء تحظى بمشروعية دولية أو أقله تعتمدها المؤسسات المصرفية في تنفيذ أي حوالة او تعاملات مالية حيث تدقق فيما اذا كان الاسم مدرجًا على هذه اللوائح التي لها فاعلية قصوى كونها تستند الى القرارات الدولية، وذلك اذا كانت عمليات التحويل تتم بطريقة شرعية من دون تحايل”.
طرق عدة للتحايل
أما طرق التحايل على هذه اللوائح الصادرة عن وزارة الخزاة الأميركية ومكتب مراقبة الاصول الاجنبية والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي فعديدة بحسب مرقص”منها مثلاً أن يرسل التحويل باسماء مستعارة سواء من مرسل التحويل او المستفيد، فيكون اسماً مستعاراً تختفي وراءه المنظمة الارهابية كي لا يضبط من خلال هذه اللوائح ويتفلت صاحبه من المراقبة، هذا اذا حصلت التعاملات المالية عبر المصارف والمؤسسات المالية أما اذا حصلت خارج هذا الاطار المصرفي المقونن، اذ يوجد قنوات رديفة منها مصارف الظل أو الحوالات التي تجرى عبر اشخاص متعددين ولا تدخل بالضرورة ضمن هذه الآلية التي تضبط الاسماء والتعاملات”.
* النهار