لبنان يرضخ لـ«داعش»تجد حكومة لبنان اليوم نفسها مجبرة على المجازفة بالتعامل بمرونة مع مطالب “جبهة النصرة” و”الدولة الإسلامية” (داعش) مقابل إطلاق سراح عسكرييها المحتجزين لدى التنظيمين المتطرفين وسط ضغوط شعبية متزايدة وتجاهل دولي للتحديات الأمنية التي تواجهها البلاد.
وكان مسلحون اسلاميون متشددون دخلوا أوائل الشهر الماضي بلدة عرسال في شمال البلاد عبر الحدود الجبلية مع سوريا في اخطر توغل للمتشددين في لبنان منذ بداية الحرب السورية قبل ثلاث سنوات.
ورغم انساحبهم بعد 5 أيام من القتال إلا أن تنظيم “الدولة الإسلامية” لا يزال يحتجز 10 جنود بعد أن أعدم الجندي الأسير علي السيد، فيما عدد الذين لا يزالون في قبضة “جبهة النصرة” 13 بعد أن أفرجت مساء السبت الماضي عن 5 عسكريين أسرى من اصل 18 تحتجزهم منذ اشتباكات عرسال.
ويريد المسلحون اجراء مبادلة بين عناصر القوات الامنية اللبنانية واسلاميين معتقلين في السجون اللبنانية.
ويقول محللون إن فكرة التجاوب مع مطالب الخاطفين تشكل تهديدا أمنيا للبنان كونها ستشجع على مزيد من عمليات الخطف، لكن الحكومة مجبرة على محاولة إنقاذ أرواح العسكريين الذين يضغط الشارع اللبناني باتجاه التفاوض مع خاطفيهم.
وقالت مصادر لبنانية مطلعة اليوم الاثنين إن الحكومة تتجه لقبول فكرة إطلاق سراح موقوفين إسلاميين من سجونها مقابل إطلاق سراح العسكريين اللبنانيين.
وقال مصدر متابع لعملية التفاوض، رفض الكشف عن اسمه أو صفته، لوكالة الأناضول إن الدولة اللبنانية “لانت في المفاوضات مع المسلحين”، مشيرا الى أنها “تتجه نحو إطلاق سراح موقوفين إسلاميين من سجونها”.
وأضاف المصدر أن عدد الموقوفين الذين قد يطلق سراحهم ليس بالكبير كما يشاع، لافتا الى أن “العملية ليست بالصورة السريعة المتوقعة”.
وقال مصدر قضائي لبناني إن أية معالجة لقضية الموقوفين الإسلاميين في السجون اللبنانية “لا تتم لا فوق القانون ولا تحت القانون”، معتبرا أن ملف العسكريين الأسرى لدى جبهة النصرة وتنظيم داعش “يجب أن يكون على مستوى وطني كبير، وهذا يجري مع الحكومة”.
وأوضح المصدر أن قضية الموقوفين الإسلاميين “ستشهد معالجات”، لافتا الى وجود ملفات لعدد من هؤلاء الموقوفين “الذين لم يثبت تورطهم بجرائم إرهابية أو أعمال تخل بالأمن الوطني، تتم دراستها ليصار الى إخلاء سبيلهم ضمن الإطار القضائي”.
وأشار أيضا إلى إمكانية “الإسراع بالبت بالأحكام في ملفات عائدة لموقوفين إسلاميين” منذ إحداث “مخيم نهر البارد” للاجئيين الفلسطينيين في شمال لبنان، حيث دارت معارك عنيفة بين تنظيم “فتح الإسلام” والجيش اللبناني في صيف عام 2007، خلفت 168 قتيلا في صفوف الجيش و 222 من عناصر “فتح الاسلام”.
ويُحاكم في هذا القضية 527 متهماً من جنسيات لبنانية وسورية وفلسطينية وسعودية ويمنية، بينهم 86 حضوريا، إضافة إلى 130 آخرين مخلى سبيلهم، فيما يحاكم الباقون غيابيا باعتبارهم “فارين من العدالة”.
واعتبر المصدر القضائي أن ملف الموقوفين الاسلاميين وضع “على نار حامية بطلب من الحكومة ولن يكون هناك اي شىء من تحت الطاولة او خارج القانون”، مشيرا الى ان الاسراع بهذه القضية “يساهم بمعالجة قضية العسكريين الأسرى وفي تخفيف الاكتظاظ في السجون وحركات التمرد التي تعاظمت مؤخرا ضمن القانون والقضاء”.
وكانت “هيئة العلماء المسلمين” المثيرة للجدل اعلنت منذ 10 ايام أنها علقت جهود الوساطة التي تقودها بين الحكومة اللبنانية والمجموعات المسلحة السورية التي تحتجز العسكريين اللبنانيين في منطقة القلمون السورية، إفساحا في المجال أمام “أطراف أخرى” قد تكون لها قدرة على تسوية ملف المخطوفين، في إشارة إلى دولة قطر، إلا ان أداء الهيئة يظهر تعاطفها مع المسلحين.