دوما تنتفض على ثورة علوش .. وأبو علي كبش فداء الانتفاضةماهر خليل – عربي برس
أرخت التطورات الميدانية الأخيرة التي بدأت بتحرير “حقل الشاعر” الاستراتيجي بعد سيطرة عناصر تنظيم داعش عليه لعدّة أيام، ومن ثم “كمين القلمون” الذي أودى بحياة 50 عنصراً من جبهة النصرة منهم سبع قادة، وصولاً إلى سيطرة الجيش على “تلة أم الرمان” شمال شرق مدينة الضمير، فاتحاً الطريق بين دمشق والعراق، أرخت بظلالها على مدينة “دوما” المحاصرة منذ مايقارب العامين، بعد دخول الميليشيات المسلّحة إليها وعلى رأسهم ميليشيا “جيش الإسلام” الذي يرأسه “المتواري عن الأنظار” المدعو «زهران علوش»، عندما قرر أهلها “الانتفاض على الثورة” وأتباعها، والنهوض من الوضع “الذليل” الذي يعيشونه بعد احتجاز الميليشيات للمواد الغذائية والمعيشية والدوائية ومن ثم عرضها عليهم في “سوقهم السوداء” بأسعار خيالية، تحت شعار “إما نحن أو الموت” …
القصة بدأت عندما قررت الميليشيات على اختلاف تشكيلاتها في مدينة “دوما” رفع تسعيرة المواد الغذائية “الأساسية” تماشياً مع ارتفاع سعر الدولار إلى ضعف اسعاره التي كانت تلك المواد تباع فيها، فمثلاً تم رفع سعر الكيلو “السكر” من “800 ل.س – 1250 – 1800 ل.س”، وكيلو “طحين الخبز” من “600 ل.س إلى 2000 ل.س”، وربطة الخبز من “250 ل.س إلى 400 ل.س”، علماً أنها تُباع في المناطق التي تقع تحت سيطرة الحكومة السورية بــ”25 ل.س”، ما أدى إلى ثورة شعبية في دوما ضد الميليشيات، حيث اتُخذ القرار بمهاجمة المستودعات وفتحها والاستيلاء على محتوياتها حتى لو كلف الأهالي حياتهم. فعلاً قام الأهالي ظهر أمس الجمعة بحسب مصدر أهلي لعربي برس، بالتظاهر في المدينة ومن ثم الانتقال في أحيائها لتتعاظم المظاهرة التي بدأت بـ400 شخص لتصل إلى مايقارب الــ4000 شخص “رجالاً ونساءً”، ليقرر الأهالي التوجه إلى “مستودعات السرقة” كما يسميها الدومانيون وهنا بدأت “الحرب الحقيقية” بحسب وصف المصدر.
المصدر أضاف لعربي برس مؤكداً، أن الأهالي جموا مستودعات “جيش الإسلام” في حي العدالة ومستودعات “المجمّع” الذي كان قبل الأزمة عبارة عن مؤسسة استهلاكية للدولة السورية، إلا أن «علوش» وبعد خروج الدولة من دوما قام بالاستيلاء على مستودعها وجعله مركزاً لتجميع مسروقاته وعناصره فيه، وفعلاً قام المنتفضين بتكسير أبواب المجمّع والمستودع وأخذ ما أمكن منه، ليبادرهم مسلحو “جيش الإسلام” بإطلاق نار عشوائي أوقع جرحى من النساء والأطفال، بعد توجه الأهالي إلى منطقة “مسرابة” المحاذية لدوما وقاموا بالهجوم على مستودعات “المنفوش” للأجبان والألبان ومن ثم مستودعات “عبد الدايم” ليقوم حراس المستودعات وهم من الميليشيات المسلحة بإطلاق النار على الأهالي وقتل 10 نساء ورجال وجرح العشرات، لكن ومع ذلك يقول المصدر، تابع الأهالي انتفاضتهم “الجائعة” والسيطرة على المستودعات لحين حصولهم على ما استطاعوا من المواد الغذائية التي قد تسد رمقهم حتى يوم غد، حيث هدد الأهالي بحراكهم اتجاه المستودعات التابعة للميليشيات حتى خروجهم من دوما وتسليمها للدولة السورية.
وكالعادة، جاء الرد من ميليشيات «علوش» سريعاً عندما قاموا بإعدام أحد المواطنين “ذبحاً”، بعد أن قاموا بصلبه والطوفان فيه بأنحاء المدينة، بتهمة التعامل مع الحكومة السورية والكفر .. الخ، إلا أن المصدر أكد لعربي برس أن «ماهر بن محمد قشوع» الملقب “أبو علي” بريء من التهم الموجهة إليه، لكنه كان “كبش فداء الانتفاضة”، علّهم يستطيعون بعد قتله إخماد ثورة الأهالي عليهم، ولكن ماحدث كان العكس تماماً ..
المفاجئ في حراك أمس هو انضمام “قائد شهداء دوما” وجماعته إلى الأهالي المنتفضين، حيث أمر “أبو علي خبية” عناصره بــ”الدفاع عن الأهالي وغطلاق النار على حراس المستودعات ليردي ثلاثة منهم قتلى، إلا أنه وبحسب المصدر الخاص، قام بعدها وجماعته بسرقة الكثير من المواد الغذائية والتوجه بها إلى مكان مجهول. يشار هنا إلى أن أصحاب المستودعات هم من تجار “دوما” المعروفين والداعمين للميليشيات فيها، حيث يدفعون لهم الأموال “الطائلة” لتامين تلك المستودعات والسماح بإخراج جزءً منها كل فترة إلى السوق السورية وبيعها …
الجدير بالذكر أن حراك الأهالي بالأمس، كان قد مُهّد له قبل يومين بحراك سلمي قامت عناصر “منشقة عن الجيش الحر” بحمايته، كماسبقه بيوم حراك “نسائي” طالبن فيه بخروج الميليشيات وتسليم المدينة للجيش العربي السوري الذي بات قريباً من مدينتهم بمسافة أقل من “1 كم”، حيث قام أول أمس بعميلة عسكرية في مزارع الريحانية قتل فيها لايقل عن عشرة مسلحين من ميليشيا “جيش الإسلام” بينما سقط في العملية ذاتها مايقارب الـ”60″ جريح بحسب ما أكد المصدر لعربي برس، إضافة إلى استمرار الجيش العربي السوري لسياسة “القضم” التي يتبعها في محيط دوما من جهة “تل كردي” لما للمنطقة من أهمية بالنسبة للميليشيات كونها تشكل لهم خط الدفاع الأول والأهم عن دوما، وفي حال سقوطها يعني ذلك سقوط “دوما” نارياً.
إذاً .. بالوقت الذي تراقب فيه الميليشيات المسلحة عمليات الجيش العربي السوري في ريف دمشق وصولاً للقلمون وبادية تدمر، انتفض “الداخل الدوماني” عليهم وقلب الطاولة على رؤوسهم، والحراك هذا يعتبر إنذاراً أخيراً قبل انفجار الوضع أكثر في “دوما”، وبالتالي قد يتسبب هذا الانفجار بحرق كل شيء في المدينة، خاصة وأن تلك الميليشيات تتخبط فيما بينها بعد إغلاق الجيش السوري لـ”طرق الهروب” من المدينة، وأقفل عليهم منذ أيام قليلة “المتنفس” الوحيد من جهة “مخيم الوافدين”، لذا لم يعد أمامهم إلا “طريقين” .. “الانتحار على طريقة الجوية” أو “الاستسلام على طريقة القلمون” … !!!؟.