الكشف عن سر الصمود السوريانتقال الولايات المتحدة المفاجئ إلى “الحرب على الإرهاب” كذريعة للتدخل في سورية أربك الجمهور الغربي، فهي ولثلاث سنوات مضت كانت ترفض الاعتراف بتأكيدات الحكومة السورية بشأن محاربتها إرهابيين مدعومين من الخارج، لتأتي واشنطن فجأة الآن وتدعي بأنها تقود الحرب ضد هؤلاء الإرهابيين أنفسهم.
وجاء في مقال للبروفيسور الاسترالي تيم أندرسون حمل عنوان “لماذا يدعم السوريون الرئيس الأسد”؟!، نشره موقع غلوبال ريسيرتش الكندي، في حال صدقنا أغلبية التقارير الإعلامية الغربية فإننا سنظن أن الرئيس بشار الأسد أطلق حملة قصف عشوائي على المناطق المأهولة وأن الجيش السوري استخدم حتى الغاز السام على الأطفال، فما الذي يجعل السوريين إذاً يواصلون تأييدهم لرجل تسّوق القوى الغربية اتهامات ضده بإرهاب شعبه؟!، وتابع: إنه ولفهم هذا الأمر لابد من الأخذ بعين الاعتبار الهوة الكبيرة بين الصورة التي يحاول الغرب رسمها للرئيس الأسد وبين الشخصية المتحضرة والمحبوبة له داخل سورية.
وأشار الكاتب إلى أن الشعبية الضخمة للرئيس الأسد في سورية خلقت إشكالية للصورة الغربية له، وفوزه الكبير في الانتخابات الرئاسية في حزيران الماضي أثار يأس أعدائه الإقليميين، من إسرائيل إلى قطر والسعودية وتركيا، غير أن ذلك لم يردع سياساتهم ومخططاتهم العدوانية ضد سورية، وأضاف: إن الشعب السوري ينظر إلى الأمور بشكل مختلف فهم يرون في الرئيس الأسد حافظاً لإرث والده القومي والتعددي، وفي الوقت نفسه هو يقوم بتحديث البلاد ويحافظ على وعده في التغيير السياسي، لافتاً إلى أن استطلاعات الرأي تشير إلى أنه وعلى الرغم من وجود وجهات نظر مختلطة بشأن انعدام الرضا حول الاقتصاد في سورية غير أنها تظهر الرضا الشعبي التام عن الاستقرار والحفاظ على حقوق المرأة والاستقلالية في السياسة الخارجية للبلاد.
وتابع أندرسون: إن الإصلاح السياسي الذي انتهجه الرئيس الأسد قوبل فجأة عام 2011 بالمظاهرات التي تحوّلت سريعاً إلى العنف، والتي لم تكن بالضرورة مدفوعة بمناهضة الحكومة السورية، وعلى الرغم من أن تنظيم الإخوان المسلمين والمجموعات الإسلامية المتطرفة الأخرى “لا تحب الرئيس الأسد” إلا أنها مرغمة على الاعتراف بشعبيته الواسعة، وأشار إلى أن متزعمي المجموعات المسلحة ذهبوا أبعد من ذلك في الاعتراف بهذه الحقيقة، ففي عام 2012 أوردت وكالة رويترز وصحيفتا الغارديان والتايمز البريطانيتان تصريحات لثلاثة من متزعمي ما يدعى “الجيش الحر” في حلب أقروا فيها بأن الرئيس الأسد يتمتع بتأييد نحو سبعين بالمئة من الشعب السوري، وقالوا: “جميع السكان المحليين موالون للرئيس الأسد وهم يخبرون الجيش السوري عنا ويكرهوننا لأنهم يلقون علينا باللوم في الدمار”.
وقال أندرسون: “إنه ولدى استقبال الرئيس الأسد له مع مجموعة من الصحفيين الاستراليين في دمشق كان أسلوبه متفقاً تماماً مع الصورة التي كنا نعرفها عنه قبل بداية الأزمة عام 2011، كطبيب دمث وقد أبدى قلقاً كبيراً بشأن التأثير السلبي للجرائم والفظاعات الإرهابية على الأطفال فيما منفذوها يصرخون “الله أكبر”، ولفت إلى أنه ولفهم أسطورة الرئيس الأسد لابد من الأخذ بالاعتبار الجيش العربي السوري الملتزم والوطني والذي يتمتع بالشعبية الكبيرة، مشيراً إلى أن هذا الجيش يمتد في المجتمع السوري وهناك احتفالات متواصلة بشهداء الجيش مع إظهار الآلاف من المواطنين صور أحبائهم من الشهداء بفخر كبير.
واستطرد قائلاً: كما أن أولئك الذين هجروا من منازلهم لم يغادروا البلاد وإنما انتقلوا إلى مناطق أخرى تخضع لحماية الجيش السوري، وهذا الأمر لم نكن لنفهمه لو أن الجيش كان بالفعل كما يصوّره الغرب متورطاً في “هجمات عشوائية ضد المدنيين”، فالجيش القمعي يولد الخوف والكراهية بين المواطنين، ولكننا في دمشق على سبيل المثال لا نرى الناس ترتعد على الحواجز ونقاط التفتيش التي وضعها الجيش لحماية الناس من السيارات المفخخة.
السعودية سلحت وموّلت الإرهابيين
ويقول الكاتب: إن المسؤول السعودي أنور العشقي أقر في مقابلة مع قناة الـ “بي بي سي” بأن بلاده قدّمت الأسلحة للمتطرفين الإسلاميين في درعا، والقنص الذي كان يحدث هناك من على أسطح الأبنية يشابه بروز الإخوان المسلمين الفاشل في حماة عام 1982، لافتاً إلى أن هناك تاريخاً طويلاً من محاولة تصوير الإسلاميين المسلحين في سورية على أنهم ضحايا مدنيون، وتابع: وإذا تحدثنا عن “المعارضة المعتدلة” فإنه وبالعودة إلى عام 2011 صوّر الإعلام الغربي ما كان يدعى “كتيبة الفاروق” في مدينة حمص بأنهم “ثوار”، وسماهم تقرير أميركي “الوطنيين الشرعيين” وصورتهم مجموعة الكوارث الدولية بأنهم “أتقياء” وليسوا “متطرفين إسلاميين” تدفعهم النظرة الطائفية، ودعتهم وسائل إعلام غربية كبرى كالـ “بي. بي. سي” ووول ستريت جورنال “بالإسلاميين المعتدلين”، رغم أن كل ما قيل كاذب، حيث أكد سكان المدينة الشعارات الطائفية، التي كان يطلقها إرهابيو التنظيم، وتفجيرهم مشفى حمص لأنه يعالج جرحى الجيش.
إرهابيو “كتيبة الفاروق”.. سلفيون طائفيون
وقال الكاتب: إن الكنائس ورجال الدين المسيحي في حمص أيضاً يتهمون إرهابيي “كتيبة الفاروق” بتهجير أكثر من خمسين ألف مسيحي من المدينة، فهم سلفيون طائفيون تمّ تسليحهم وتمويلهم من قبل السعودية، وهم فيما بعد اندمجوا بسرور كبير في أنشطة تنظيم القاعدة، بعد أن كانوا يلقون بالمسؤولية في الفظائع التي يرتكبونها على الجيش السوري.
وتحدّث أندرسون عن مجزرة الحولة في أيار من عام 2012 التي سارعت المجموعات الإرهابية والعواصم الغربية إلى إلقاء اللوم فيها على قصف نفذه الجيش السوري، لتعود حكومات هذه الدول وتغيّر موقفها بعد ثبوت أن الضحايا قتلوا عن قرب.
وتمكن صحفيون روس من إجراء لقاءات مع ناجين من المجزرة وقد أكد هؤلاء أن مجموعة كبيرة من إرهابيي “كتيبة الفاروق” يقودها المدعو “عبد الرزاق طلاس” هاجمت القرية وارتكبت هذه المجزرة.
وبعد نحو عام وثّق تقرير مستقل أعده غوريجيا وامبيد وهوبين ولارسن كيف أن تحقيق الأمم المتحدة بشأن الحولة كان ملطخاً ومشوّهاً، وكيف أن المحققين وعوضاً عن زيارة سورية اعتمدوا على متزعمي “كتيبة الفاروق” للاتصال بشهود مزعومين، وتجاهلوا عشرات الشهود الآخرين الذين كذبوا رواية إرهابيي “كتيبة الفاروق”.
وقال الكاتب: إن هناك أمثلة كثيرة على مثل هذه الادعاءات الكاذبة التي حاولت ربط الجيش السوري بمجازر ارتكبها الإرهابيون، لتعود وتتضح الحقائق فيما بعد، لافتاً إلى أن الجيش السوري ولتفادي سقوط ضحايا مدنيين لدى استهدافه للإرهابيين قام بعملية “عسكرية جراحية” في القصير بعد فشل المفاوضات مع إرهابيي “كتيبة الفاروق” وتنظيمات متطرفة أخرى كانت تتمركز في المدينة في أيار من العام الماضي بعد أن قامت طائراته بإلقاء أوراق تحذّر المدنيين بضرورة إخلاء المنطقة.
ووردت تقارير بشأن منع مجموعات “مناهضة للحكومة” السكان من المغادرة مدعين عدم وجود مخرج آمن لهم، وبعد تطهير المنطقة من الإرهابيين بدأت الحرب تتحوّل بشكل كبير لصالح سورية.
وقال الكاتب الاسترالي: إن الجريمة المسيّسة الأكثر فظاعة كانت قصف الإرهابيين للغوطة الشرقية بالمواد الكيميائية لإلقاء اللوم على الجيش السوري، فبعد أن كانت الحكومة السورية ولأشهر تشكو من الهجمات الكيميائية التي يشنها الإرهابيون، ودعوتها محققين دوليين إلى سورية، عمد هؤلاء وبعد وصول المحققين إلى بث صور لأطفال قالوا: إنهم قتلوا بهجوم كيميائي نفذته الحكومة، وسارعت الحكومة الأميركية ومنظمة هيومن رايتس ووتش لتبني هذه النظرة، وجيّشت وسائل الإعلام الغربية التي تطالب بالتدخل العسكري في سورية.
بندر بن سلطان قدّم الأسلحة الكيميائية إلى الإرهابيين
ومن جديد ظهرت أدلة جديدة تظهر حقيقة زيف الادعاءات، وتكشف قيام بندر بن سلطان بتقديم الأسلحة الكيميائية إلى الإرهابيين، مما يدعى “لواء الإسلام”، وجاء تقرير للأم فاديا اللحام رئيسة دير مار يعقوب المقطع ليؤكد أن المجزرة ارتكبت قبل الهجوم، وأن تصوير الضحايا جاء على شكل مسرحية مزيفة لإلقاء اللوم على الجيش السوري، كما تكشفت أدلة على استحالة أن تكون المواد الكيميائية قد أطلقت من مناطق يتمركز فيها الجيش، ورغم الطبيعة المؤكدة لهذه الأدلة والتقارير فإنه لا الحكومة الأميركية ولا منظمة هيومن رايتس ووتش قدّمت الاعتذار عن اتهاماتها الزائفة.
وقال أندرسون: إن الحقيقة الأساسية في “بقاء سورية” هي التماسك والالتزام للجيش السوري والدعم الشعبي له، فالشعب السوري يعلم أن جيشه يمثل سورية التعددية، وهو يحارب الإرهاب الطائفي المتطرّف المدعوم من الخارج، فهذا الجيش لم ينقسم على مدى الأزمة إلى خطوط طائفية، كما كان يأمل التكفيريون، فيما كان الانشقاق الذي تغنت به وسائل الإعلام الغربية ضئيلاً جداً، وأشار إلى أنه وعلى الرغم من الاتهامات الزائفة بارتكاب الجرائم التي يسوقها الإرهابيون في سورية وداعموهم الغربيون ضد الجيش السوري فإنه ليس هناك أي أدلة أو مبرر على صحتها، كما ليس هناك ما قد يدعمها في سلوك المواطنين في شوارع المدن السورية، والأغلبية العظمى تلقي باللوم في العنف والجرائم على الإرهابيين المدعومين من الخارج.
شعبية الرئيس الأسد لا تزال في ازدياد
وشدد على أن المشاركة الكبيرة في الانتخابات الرئاسية، رغم الوضع الصعب في البلاد، والتي وصلت إلى 73 بالمئة، لا تقل أهمية عن النتيجة القوية التي فاز بها الرئيس الأسد في الانتخابات بـ 88 بالمئة من أصوات الناخبين، وحتى هيئة الإذاعة البريطانية “بي. بي. سي” لم تستطع إخفاء أو التغطية على الحشود الضخمة التي غصت بها المراكز الانتخابية، وخصوصاً تلك التي احتشدت أمام السفارة السورية في بيروت، وأضاف: إن مستوى المشاركة الشعبية هذه لم تقاربها أي مشاركة انتخابية في الولايات المتحدة، كما أن أياً من الزعماء الغربيين لا يستطيع الادعاء بحصوله على تفويض ديمقراطي بهذه القوة من شعبه كالرئيس الأسد، وتابع: “إن حجم النصر الذي حققه الرئيس الأسد يثبت الحقيقة الصارخة بأنه لم يكن هناك أبداً انتفاضة شعبية ضده، وشعبيته لا تزال في ازدياد”.
رسالة الكفاح والحرية والسيادة لسورية الدولة
وخلال لقاء نظمته جمعية “تجمع الجالية السورية في فرنسا”، بالتعاون مع المكتبة في بلدية “بوبيني”، بحضور جمع من أصدقاء سورية من الشعب الفرنسي والجالية السورية في باريس لعرض كتابه الأخير الذي كتبه بالاشتراك مع زوجته “جينفيف أنتاكلي”، وحمل عنوان “سورية حرب بلا عنوان .. صراخ وعقاب”، أكد الكاتب الفرنسي السوري الأصل “جون كلود أنتاكلي” أن ما يجري في سورية هو عدوان إرهابي عالمي تكالبت فيه القوى العالمية المعادية لسورية ضد شعبها وتاريخها ومستقبلها، عبر الدعم المستمر لنشر الفوضى والإجرام في المنطقة، بوسائل لطالما استخدمتها هذه القوى لتدمير البشر قبل الحجر، أبرزها الإرهاب والفتنة، وعبّر في كلمة له عن ثقته بأن سورية ستنتصر حتماً بعموم أبنائها السوريين، وإيمانهم بحقهم في أرضهم وتاريخهم ومستقبلهم.
وقال أنتاكلي: إن رسالته التي حملها دائماً، اختصرها في ثلاثة كتب، وعشرين عاماً من الكتابة، تضمنت رسالة الكفاح والحرية والسيادة لسورية الدولة، قيادةً وجيشاً وشعباً، لافتاً إلى أنه بدأ رسالته في مغتربه الفرنسي، عندما رد على مزاعم كتّاب إسرائيليين حول السبب في محاربة العرب للكيان الإسرائيلي بأنه “في سورية، السوريون يقاتلون من أجل استرداد حق الشعب الفلسطيني وحق سورية في الجولان المحتل من قبل هذا الكيان”.