العالم و المنطقة و الصمود السوري – غالب قنديل

العالم و المنطقة و الصمود السوري – غالب قنديل

ليس من قبيل المبالغة أن يستنتج الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ارتسام خارطة جديدة للعلاقات و التوازنات الدولية و الإقليمية في ضوء حاصل المقاومة السورية الوطنية و القومية للحرب العالمية التي تستهدف الشرق بأسره .

أولا شكلت الحرب العدوانية على سورية بقيادة الولايات المتحدة اختبار القوة الرئيسي في إطار الاستراتيجيات الحربية الجديدة للإمبراطورية الأميركية بعد حروبها الفاشلة وهزائمها في الشرق الكبير و لاسيما في حوض فلسطين التاريخي وقد تولت إدارة باراك أوباما عن هذا الطريق أي الحرب على سورية تكريس الانقلاب على وثيقة بايكر - هاملتون بقرار من المؤسسة الحاكمة وجناحها العسكري على وجه الخصوص فقد تضمنت الوثيقة مبادئ وسياسات تقضي بالعودة إلى مبدأ الشراكة الدولية بدلا من الأحادية الأميركية وفي المنطقة تضمنت التفاوض مع إيران ومع سورية والعودة إلى مبدأ التسوية العادلة والشاملة الذي يلزم إسرائيل بالانسحاب إلى حدود عام 67 وهذا ما يفسر كيف ارتبط الانقلاب على الوثيقة باختيار سورية هدفا مركزيا والسعي إلى تدمير دولتها الوطنية وتبديد قدراتها في سبيل تكريس الأحادية الأميركية في العالم وتثبيت موقع إسرائيل في المنطقة ودمجها في منظومة واحدة مع الأنظمة الرجعية العربية القديم منها والمستجد بواسطة تقنيات الربيع الأصفر الدامي.

ثانيا بفضل الصمود الشعبي العظيم و الصلابة النادرة للجيش و الدولة الوطنية و بفعل شجاعة و إقدام الرئيس بشار الأسد تحولت الحرب على سورية إلى ميدان لمعادلات جديدة وقاهرة فرضت على الأميركيين الاعتراف بالشراكة المبدئية مع روسيا والصين بنتيجة التحرك الهجومي لهاتين الدولتين تحت تأثير الصمود السوري وبفعل ما تبدى لهما كقوتين عظمتين من مخاطر بنتيجة خطة تدمير الدولة السورية وإعادة إنتاج علاقة السفاح الأميركي مع شيطان الإرهاب على فراش التآمر الصهيوني ضد سورية حيث تشكلت قناعة تامة لدى كل من الرئيس بوتين والقيادة الصينية بأن المخطط الأميركي سيشكل تهديدا في العمق الروسي والصيني بواسطة الإرهاب والتكفير نفسه إذا تمكن الغرب الاستعماري من اجتياز القلعة السورية وإخضاعها.

ثالثا كثيرة هي الاعتبارات الاقتصادية والإستراتيجية التي تقود إلى القول إن روسيا والصين معنيتان عضويا بخوض المعركة السياسية والاقتصادية والإستراتجية التي بات عنوانها إنهاء عصر الهيمنة الأحادية الأميركية وكثيرة هي الاعتبارات التي تجعل من مقاومة سورية للحرب العدوانية العامود الفقري لنهضة عالمية في وجه الهيمنة الأميركية وهذا ما يفسر مواقف دول مجموعة البريكس الأخرى وحكومات عربية وأجنبية تضامنت مع الدولة الوطنية السورية ولو بوجل.

أما منظومة المقاومة أي الجمهورية الإسلامية في إيران وحزب الله والقوى الوطنية اللبنانية من حوله والحكومة العراقية فهي جهات معنية مباشرة بالإسهام في معركة الدفاع عن سورية لأن سورية مستهدفة باعتبارها قلب المقاومة وحركة التحرر في المشرق ولأنها قوة رادعة للآلة العدوانية الإسرائيلية وكذلك لأن المخطط الإرهاب التكفيري في سورية ينطوي على أخطار مصيرية تهدد جميع بلدان المنطقة ولبنان والعراق والأردن على الأخص.

رابعا بعد القرار الروسي بتوسيع مسرح العمليات العالمي للجم العربدة الأميركية التي جسدتها جولة أوباما في المنطقة وعمليات شحن السلاح والإرهابيين بإشراف المخابرات المركزية الأميركية وبعد ترميم الحلف التركي الإسرائيلي علنا بقرار من الرئيس الأميركي تدخل المقاومة السورية للعدوان الاستعماري مراحل فاصلة ويتقدم الجيش السوري في طريقه إلى حسم الأوضاع في أكثر من منطقة بينما تتكشف التهديدات عن حالة من العجز الكبير تهيمن على قوى العدوان التي لم تستطع رغم كل التهويل والحملات الإعلامية أن تعوض تقهقر العصابات الإرهابية على الأرض أو تنتقل بها إلى عمليات هجومية حقيقية كالتالي هدد بها وليد جنبلاط بعد لقاء موفده مع بندر بن سلطان كبير المتآمرين مع إسرائيل وضد الدولة السورية المقاومة.

خامسا اختبار القوة الذي قام به كيم جينغ اون زعيم كوريا الديمقراطية الشعبية فرض على الأميركيين طلب المساعدة من الصين وروسيا لاحتواء الأزمة وهذا ما سيفتح سجل العلاقات الدولية والساحات المتوترة في العالم ولا سيما الموضوع السوري حيث قام أوباما بانقلاب طائش على تسوية جنيف سوف ترغمه الأحداث على التراجع عنه بعد فوات الأوان لأن حلفاء سورية أي إيران وروسيا والصين بدأوا بتحريك أوراق القوة وتوسيع مسرح العمليات دوليا وإقليميا والعودة الأميركية إلى بيت الطاعة ستكون مترافقة مع خطوات حاسمة ميدانية أطلقها الجيش العربي السوري على الأرض واستعادة داريا بصورة ناجزة يوم أمس هي خطوة أولى سوف تليها خلال الأيام القليلة المقبلة خطوات مهمة كإعلان حمص مدينة آمنة في قبضة الجيش العربي السوري وغير ذلك من الانجازات المرتقبة في محافظتي حلب وإدلب بينما باشرت القوات السورية المسلحة إجراءات رادعة ضد أوكار العصابات في جميع دول الجوار وإذا كان العالم كله لم يحرك قشة في وجه الغارات التركية داخل الأراضي العراقية حيث تتواجد قواعد حزب العمال الكردستاني فسوف تكون للطيران السوري حيث تعجز الحكومات المجاورة جولات على قواعد جبهة النصرة وعصابة الجيش الحر وليتدبر العاجزون والمتعجبون أمورهم فقد صبرت الدولة السورية كثيرا على من خانوا العيش والملح من الأشقاء.

» 2014 : سورية قلعة ستغير العالم - غالب قنديل
» «مصير العالم اليوم يُصنع في المنطقة».. دلالات تقدُّم الجيش السوري في الشمال والجنوب
» نصرالله و الرد السوري – غالب قنديل
» لافروف و الانتصار السوري- غالب قنديل
» الإبراهيمي و إنكار الواقع السوري – غالب قنديل