«لعنة كوباني…»عباس الوادي – خاص الخبر برس
لعل اغلب المراقبين للشأن التركي يعرفون جيدا ما فعله أكراد تركيا على مدى سنوات مضت حتى عندما اعتقل عبدالله اوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني عام ١٩٩٩ في عملية نوعية في (كينيا) اشتركت بهذه العملية كلاً من الاستخبارات الامريكية (CIA) والمخابرات التركية (MIT) ونقل بطائرة خاصة الى تركيا ومن هذه اللحظة بدأت عناصر الـ (PKK) تكثيف عمليتها العسكرية ضد الجيش التركي خاصة في المناطق الجبلية المحاذية مع العراق كذلك دخلت الى العمق فقد نفذت عمليات نوعية في انقرة و اسطنبول واغتالت العديد من القادة الأمنية كذلك لها عدة محاولات لاغتيال اردوغان لكنها فشلت.
ولعل بادرة الهدنة التي دعى لها اوجلان من منفاه في جزيرة امرالي وسط بحر مرمرة الى أنصاره بعدم حمل السلاح الدعوة التي أطلقها ٢٠١٣ تضمنت شروط لوقف الاقتتال الذي دام لسنوات هذه الهدنة هي بادرة لتقارب الطرفين وبدء صفحة جديدة، لكن محللين اتراك استبعدوا ان تطول مدة الصلح هذه والسبب ان اردوغان تنازل بعض الشيء لكسب عدد من المؤيدين وهو ما حصل و فاز في الانتخابات البلدية التي حصلت بداية ٢٠١٤ ومن بعدها فوزه في الرئاسة التركية وتسلم اوغلو رئاسة الوزراء.
وبالفعل لم تستمر هذه المصالحة اشهر كما كان متوقع والسبب تدخل اردوغان في الشأن العربي بصورة عامة والشأن السوري بشكل خاصة حيث شكلت تركيا المنفذ الاول لدخول عناصر التنظيمات التي تقاتل في سوريا والسماح لعناصر هذا التنظيم بالتواجد في المدن الجنوبية حيث يحظون بكل انواع الراحة وسط حماية أمنية.
كوباني لعلها ستكون لعنة تحرق الأخضر واليابس في تركيا وهي تشهد وضع سياسي متأزم وهنا ستشكل المعارضة التركية حلفاً مع أكراد تركيا بعد ان كانت المعارضة وحدها بمواجهة المد الاردوغاني.
ولا يخفي للجميع ما قدمه اردوغان لعناصر داعش من دعم مالي وتوفير كل شيء حتى أصبحت مستشفيات تركيا تغص بمسلحي داعش المصابين ولعل صفقة إطلاق سراح موظفي السفارة التركية في الموصل من اهم الامور التي اثبتت مدى قوة العلاقة بين هذا التنظيم المتطرف والحكومة التركية التي جعلت من داعش قوة لمواجهة أكراد سوريا.
لكن أكراد تركيا لم يقفوا مكتوفي الايدي فلغة السلاح يفهموها جيدا في مواجهة اي قوة تريد النيل منهم، في إطار ذلك كانت أوروبا وحلفاؤها قد بدأت السعي إلى إقامة علاقات مع الأكراد بتشكيلاتهم كافة، لكن تركيا تريدهم أن يقفوا ضد الرئيس الأسد، كشرط لاستكمال الحوار معهم، في هذا الوقت، تخيم شكوك عديدة حول مستقبل عملية المصالحة بين الحكومة التركية وحزب “العمال الكردستاني” المعارض، حيث يتهم الأكراد في تركيا، أنقرة، بدعم “داعش” في عملياتها المسلحة ضد الأكراد في سوريا، للقضاء على طموحاتهم بالحكم الذاتي، لفصل شرق المنطقة الكردية عن غربها من خلال الاستيلاء على كوباني، وهي القلب، واليوم يبدو أن المشهد الإقليمي بدأ فعلاً يتغير، عبر التفكير بإقامة المنطقة العازلة على الحدود التركية، شمالاً، تمهيداً للسيطرة على الجزيرة وربط سورية بالعراق لوضع اليد على مواقع النفط، وأخرى جنوباً في القنيطرة، على يد “جبهة النصرة”، برعايةٍ إسرائيلية، كل ذلك يعد استكمال لخطة أميركا وحلفاؤها في الحرب في سورية، تحت ذريعة ضرب داعش في سورية.
بعد النزوح الكردي الكثيف إلى الأراضي التركية، وجدت أنقرة نفسها أمام خيارات ملحّة، شبّان من أكراد تركيا بدئوا التسلل لمساعدة أكراد سورية في الدفاع عن عين العرب (كوباني) في مواجهة هجمات “داعش” ، وقيام التحالف بتسليح أكراد سورية الذي يحمل في طياته خطر انتقال الأسلحة إلى أيدي مقاتلي “حزب العمال الكردستاني” بزعامة عبد الله أوجلان، ثم إن الفصل الذي افتتحته غارات التحالف على مواقع في سورية، قد ينتهي برسم مستقبل النظام في هذا البلد، وأوضاع المكونات العرقية والمذهبية، ومن الصعب على تركيا أن تبقى خارج معركة قد تحدد مستقبل جارتها، لذلك أصبح حصار تنظيم الدولة الإسلامية لمدينة حدودية سورية يسكنها الأكراد محوراً يستقطب أكراد تركيا، لا في مواجهة المقاتلين وحسب بل وفي مواجهة الدولة التركية مما يهدد عملية السلام الهشة مع أنقرة.
وتبقى الايام القادمة حبلى بالمفاجآت خاصة بعد ما يحصل في اسطنبول وبقية المدن التركية من مظاهرات استهدفت مقرات حزب العدالة والتنمية الحاكم واحراق عجلات الشرطة في حين سقط عشرات القتلى من المتظاهرين بعد ان استخدمت الشرطة السلاح الحي وهي سابقة خطرة تدل على تأزم الوضع الداخلي التركية.
*مقالات الخبر برس