كيف ينظر فريق السعودية الى التحالف الدولي؟.. «إسلاميون» يتحضّرون ميدانياً وإرباك «مستقبلي»حمزة الخنسا – العهد
فيما كانت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، تعد العدّة لإطلاق تحالف دولي بقيادتها لمحاربة “داعش”، كانت السعودية منهمكة في التحضير للعب دور ريادي في هذا الحلف، تمويلاً وتسويقاً وتشريعاً. الرؤية لدى العائلة الحاكمة في المملكة، كانت واضحة، ترمي الى ما هو أبعد من مواجهة “داعش” لتصل الى حدود التفكير بالتحرّش بالنظام السوري. هذا الوضوح في جدّة والرياض لم ينسحب على الفريق السعودي في لبنان.
في بيروت، كانت المقاومة حاسمة في رفض الإنخراط في تحالف تقوده واشنطن صاحبة التاريخ الأسود في المنطقة. مبدئياً، تنظر المقاومة وحلفاؤها بعين الريبة الى التحالفات الدولية الأميركية، والتي غالباً ما تكون نتائج تدخّلاتها في دول المنطقة؛ التقسيم ونهب الثروات وإثارة الفرقة والنعرات.
على المقلب الآخر، وقف المستقبل وحلفاؤه في 14 آذار، في الصفّ المصفّق لـ”الجهود الدولية في محاربة الإرهاب”.. ما دام مدعوماً سعودياً. من دون إجراء أي مراجعة لتحرّكات مماثلة في الماضي القريب، أعلن سمير جعجع، أن التحالف الدولي “الأمل الوحيد” لخلاص المنطقة من الإرهاب. وعلى شاكلة الموقف الجعجعي، بنى الآذاريون مواقفهم، رتّبوا أوراقهم ورسموا سياساتهم. هذا في العلن، لكن كيف يفكّر السعوديون في قرارة أنفسهم؟
تقول شخصية آذارية مقرّبة من السعودية، إن الولايات المتحدة الأميركية نجحت في ضمّ الدول العربية الخليجية الى التحالف الذي تقوده في مواجهة “داعش”. ترى أن أوباما استطاع نزع صفة “الحرب الصليبية” عن جهود التحالف في سوريا والعراق، وهو بالتالي تفادى السيناريو الذي طُرح إبّان الحملة التي قادتها بلاده على نظام صدّام حسين في العراق، حيث جوبه من قبل العديد من التنظيمات الإسلامية على قاعدة “ردّ الهجمة الصليبية عن بلاد المسلمين”، ما خلق حالة تعاطف شعبية عارمة مع هذا المنطق.
غير أن هذه الشخصية تنقل عن أحد “صقور” تيّار المستقبل الفاعلين، والطامحين الى منصب قيادي، قوله في إحدى الجلسات الخاصة، إنه رغم دخول الدول الخليجية السُنية في التحالف الدولي ضد “داعش”، إلا أن الحرب المتصاعدة ببطء بدأت تظهر على أنها “حرب سُنيّة ـ سُنيّة”، وتصوّر التحالف الدولي ضد الإرهاب على أنه ” يشنّ حرباً على السُنّة على أنهم إرهابيون”، فيما بقية الطوائف والمذاهب في المناطق الساخنة من العالم العربي قد حَمَت نفسها، إنْ من خلال قوّتها الذاتية أو عبر تحالفها مع الأنظمة التي تقاتل الجماعات المسلّحة، وبالتالي، فهي، تلقائياً، مستفيدة من نتائج الحرب المرتقبة على الإرهاب في سوريا والعراق. يُبدي المتحدّث المستقبلي خشيته الجدية على “الحالة السُنيّة” في لبنان بفعل التداعيات المنتظرة لضربات التحالف على تنظيمات قدّمت نفسها في مرحلة من المراحل على أنها “حامية السُنّة” وذراعهم الحامية في ظل فوضى السلاح في البلاد، بحسب قوله.
يبدو أن التداعيات مثار خشية المتحدّث، قد بدأت بالظهور فعلاً في عرسال وبعض مناطق طرابلس حيث الأوضاع قابلة للاشتعال في أي لحظة. وفي هذا الإطار، تقول المعلومات إن أكثر من 150 شخصاً قد بايعوا بالفعل “الدولة الإسلامية ـ داعش”، وجرى تسليحهم. يتحضرّ “داعش”، بعد أن بات له موطئ قدم، لإعلان الإمارة في طرابلس تحت مسمّى “إمارة الشمال”. يهدف التنظيم الى جمع العدد الأكبر الممكن من الشباب مع عائلاتهم، لتأمين بيئة آمنة يتخذها كمنصة خلفية لدعم تحركاته في سوريا والعراق، وملاذاً لعناصره الذين يتعرّضون لضربات التحالف هناك، خصوصاً بعد فشل جميع محاولاته في استعادة ما خسره من ملاذات آمنة في القلمون وجرودها، وفصل الجيش اللبناني عرسال عن جرودها، مع اقتراب حلول فصل الشتاء.
لا تغيب تحرّكات “الدواعش” ومخطّطاتهم عن أعين الجيش واستخباراته، وهو قد بادر أخيراً الى تنفيذ حملة اعتقالات واسعة طالت أعدادا كبيرة من السوريين وبعض اللبنانيين ممن بايعوا “داعش”، إنْ في عرسال أو في طرابلس. على الرغم من البيئة الحسّاسة التي يعمل فيها الجيش ضد “الدواعش” وخلاياهم النائمة، إلا أنه استطاع في الأيام الماضية إفشال خطوة متقدّمة كان التنظيم التكفيري ينوي القيام بها تمهيداً لإعلان إمارته في لبنان. تبقى الأيام القليلة المقبلة حاسمة لجهة قياس ردّة فعل “داعش”، وعبرها يمكن لمس مدى عمق الضربة التي تلقاها وما إذا كانت قاضية على صعيد نيّته إعلان الإمارة، أم لا.
وما بين نشاط “داعش” الحثيث مع انطلاق عمليات التحالف الدولي ضد معاقله في سوريا والعراق، ونشاط الجيش اللبناني واستخباراته في ملاحقة خلايا “داعش” النائمة منها والنشطة، يقف تيّار المستقبل ـ ومعه 14 آذار ـ حائراً بين تأييد التحالف الدولي أسوّة بمرجعيته السعودية، أو اللحاق بشارعه الذي بات يشعر بأن “دولته الإسلامية” تتعرّض لـ”عدوان أميركي ـ عربي غاشم”.