«الجرف الصامد» ونهر الدماء الراكد.. هل تورط قادة العدو؟

[rtl]«الجرف الصامد» ونهر الدماء الراكد.. هل تورط قادة العدو؟[/rtl]

[rtl]وكالة أوقات الشام الإخبارية[/rtl]
[rtl]فراس عزيز ديب

تأخرت الحرب على غزة، لكنها بدأت، فهل يعلم أحد متى ستنتهي؟
تأخرت الحرب، لأن الكيان الصهيوني كان يعي تماماً أن دقة اللحظة وانهماك «أعدائه» اللدودين في الفوضى التي تضرب العراق وسورية، سيمنع عنه القيام بحدثٍ ما يجعل من الحرب على غزة حدثاً يتصدر الشاشات. فلا الأحداث في سورية حملت له ولشركائه في مشيخات النفط الأخبار السارة حتى الآن، ولا الوضع الداخلي على كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها الائتلاف الحكومي الصهيوني يسمحان له بالتأخير بعد اليوم باغتنام الفرصة التاريخية، تحديداً إن كل ما سيقوم به من جرائم ستكون محصنة بغطاء من الجامعة العربية ورعاتها.
تبدو الحرب على غزة تجسيداً للواقع العربي الحالي، مشيخاتٌ ودولٌ تريد الانتقام من «حماس» وما تمثله من تيار إخواني، وكأنهم يريدون إقناعنا أن الشعب الفلسطيني كلّه «حماس»، أو حتى إن «حماس» كلّها قيادات قابلة للبيع والشراء كما حدث مع «خالد مشعل»، الذي أَغلظَ الأَيمان أنه عندما رفع علم الانتداب في غزة لم يكن يعلم أنه علم الثورة السورية!
أما القسم الثاني، فهو الذي يرى أن المتاجرة بالقضية الفلسطينية والعداء لـ«إسرائيل» هو السبيل الوحيد لبناء المكانة والموقف، حتى إن هذه المتاجرة انتقلت لما يسمى «برامج الكاميرا الخفية» في شهر رمضان، وادعاء اعتقال إسرائيل لممثل وإعدامه (يريدوننا أن نصدق أن هذه المشاهد التمثيلية هي كاميرا خفية). هي طريقة لتعويم الأشخاص في الذاكرة الشعبية من جديد، فأمير قطر عاد إلى الساحة عبر طرحه وساطة جديدة تستند في الأساس إلى تكريس «حماس» كشرطي يحمي حدود الكيان الصهيوني، (هذا الطرح الخطير حذرنا منه في نهاية العام 2012 بمقال بعنوان «بين مرجعية القرضاوي ومعجبي ليفني.. ضاعت القضية»). أما «رجب طيب أردوغان»، فهو ذكّرنا بأن العلاقات بينه وبين الكيان الصهيوني لن تعود، ما لم يتوقف العدوان على غزة.
بين هذين المحورين وفروعهما، كان هناك ولا يزال من يعمل بصمت. يعلم تماماً أن فلسطين هي البوصلة، وعليه فإن نظرته للأمور كانت واقعية: فلا ربيع عربي سيتجلى ما لم يُزهر في القدس. لا شيء اسمه ثورة شعبية لإسقاط الحكام والرؤساء تتجاهل سفارة الكيان الصهيوني التي تبعد عشرات الأمتار عن مراكز الاحتشاد، فهل من أسباب إضافية تختلف عن حرب «الرصاص المصبوب» عام 2008 جعلت الكيان الصهيوني يستسهل الحرب على غزة هذه المرة؟
زار رئيس المخابرات المصرية (تل أبيب)، التقى عدداً من المسؤولين الأمنيين في الكيان الصهيوني، طارحاً المساعدة للتمكن من إنهاء الأزمة، لكنه فوجئ بسؤالٍ منطقي مفاده: على من تمونون من الفصائل (الإرهابية) في قطاع غزة؟!
صمت المسؤول المصري، أدرك في قرارة ذاته أن أيام «عمر سليمان» لن تعود، فالقيادة المصرية المخضرمة يومها كانت تعي تماماً أن الحفاظ على دور مصر في الملف الفلسطيني، يتطلب منها الحفاظ على العلاقة المتينة مع جميع المكونات دونما استثناء، لدرجةٍ تصبح فيها هذه العلاقة مصدر قوة، لأن الجميع في النهاية سيلجأ لها. أما مصر اليوم، فتبدو فعلياً لا حول لها ولا قوة، وأن إصرار حكومة السيسي على رؤية ما يجري من منظار وزير خارجية «آل سعود» بأن غزة كلها «حماس»، هو نوع من التعامي عن الحقيقة، والغوص في الموضوع الفلسطيني بطريقة قد تنسينا الدور التآمري للرئيس المعزول «محمد حسني مبارك»، ولعل بيان الخارجية المصرية عن «العنف المتبادل»، ذكرنا ببيان «آل سعود» عن المغامرات غير المحسوبة خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان صيف العام 2006.
أما الواقع الفلسطيني فهو أشد إيلاماً؛ مضحكة تلك التحليلات التي تربط بين عملية «الجرف الصامد» وتشكيل ما يسمى حكومة «التوافق» الفلسطينية، وكأن هذه الحكومة قادرة أن ترفع ما في النفوس بين حركتي «فتح» و«حماس»، بعد أن نجحت وسائل إعلام مشيخات النفط بفعل كل ما يمكن فعله لتعميق الخلاف بين الجانبين من جهة، واختصار القضية الفلسطينية بالمطلق بهذين الفصيلين. يظن قادة «فتح» و«حماس» أن اتفاق المصالحة يكون بالجلوس على يمين أو يسار أمير قطر وتبادل الابتسامات. اتفاق المصالحة يعني أول ما يعنيه إلغاء مسار «أوسلو» التفاوضي، والذي جعل من «محمود عباس» يؤكد لنا أنه سيناضل بطريقة «حضارية» تزعج الآخرين، ولا نعلم حقيقة ماذا يقصد بالطريقة الحضارية؟.
في الواقع «الإسرائيلي»، يبدو أن نتنياهو يدفع ثمن تحالفه مع اليمين المتطرف (بالنهاية جميعهم متطرفون). يبدو الانقسام واضحاً من خلال ما يُكتب ويُقال على الإعلام الصهيوني. فاليمين المتطرف يريد المغامرة بأي ثمن، هو لا يريد حرباً على غزة فحسب، لكنه يسوِّق لحربٍ شاملة، متذرعاً بالفوضى التي تجتاح المنطقة. تراهم يكررون مراراً أن الصواريخ التي تُطلقها المقاومة هي صواريخ سورية أو إيرانية الصنع. يريدون هذه الحرب لتعويم الفوضى التي تُكرِّس نشوء كياناتٍ جديدة تضمن أمنهم، هي تماماً ذات الطريقة التي اعتُمدت بخلق كيان دولة أسموها «إمارة شرقي نهر الأردن»، ليكون مستقبلاً من خلال أسرته الحاكمة حامياً لحدود «إسرائيل». في المقابل، فإن «بنيامين نتنياهو» والذي يُنظر إليه كآخر القيادات من الصف الأول في الكيان الصهيوني الذين يتمتعون بخبرة كبيرة في آلية ارتكاب المجازر بحقِّ المدنيين، لا يبدو متشجعاً لمثل هذه المعركة. هو لا يريد الذهاب لحرب برية في غزة ستؤدي حُكماً لخسائر فادحة، مع تركه الاحتمال قائماً لإمكانية اندلاع الحرب في جبهاتٍ أخرى. لكنه في ذات الوقت لا يريد الذهاب نحو انتخاباتٍ مبكرة قد تكرِّس صعود اليمين المتطرف وتبعده عن منصب رئاسة الوزراء. بدا ارتباكه بالأمس واضحاً، فمن كان يحاربه بالحجر باتت صواريخه الآن تصل حتى (تل أبيب)، فكيف سينتهي هذا الكبّاش؟
الكيان الصهيوني بالمطلق لم يجد نفسه مستفيداً حتى الآن من مخطط ربيع الدم العربي، فالهدف الأساس بإسقاط سورية لم يتحقق، على العكس تماماً، إن القيادة السورية منتعشة بما تحققه من انتصارات على وكلاء العدو في الداخل. الأمر الثاني، إن أي حرب قادمة مع الكيان الصهيوني لن تحمل من الخراب والدمار أكثر مما جلبته لنا أدواتهم، بالتالي فإنهم يدركون أننا نتعامل بواقعية مع عبارة «لم يعد لدينا شيئاً لنخسره»، كما يدركون تماماً أن ترك القيادة السورية تسير بهدوء نحو انتصارها أمرٌ أشبه بالكابوس.
أما الأمر الثالث، فهو متعلق بالخوف أن تحمل هذه الأحداث إن طال زمنها، بشائر الانتفاضة الثالثة. وعليه: فإن العلاج السريع غير مجدٍ ولن يؤتيِ بنتيجة. والعلاج الطويل الأمد يبدو في مكانٍ ما هو ما يبحث عنه الحلف المقاوم، فأي ورطة تلك التي وقع بها قادة الإجرام في الكيان المسخ ومن خلفهم حلفائهم في مشيخات النفط.
إن وقعت الحرب البرية، فإن حلف المقاومة بالكامل لن يكون بعيداً عن المعركة أبداً، لكن عليه هذه المرة أن يعي أن جرعة الاستفزاز لقادة الكيان الصهيوني يجب أن تكون أكبر، لأنهم سيحاولون امتصاص أي استفزازٍ، لإدراكهم الكامل أن الحرب الشاملة ليست في مصلحتهم، مهما علا صراخ اليمين المتطرف. وعليه فإن ما يجري الآن في غزة وما يدفعه الشعب الفلسطيني من فاتورة دم، هو جزء لا ينفصل عن المخطط الكامل الذي يجتاح المنطقة، لكنهم للأسف يبدؤون المرحلة التالية دون إنجاز المرحلة السابقة، لأن هذه الحرب كان من المفترض أن تترافق مع انهيار مؤسسات الدولة السورية.
واهمٌ في هذا الشرق الملتهب من يظن أن كل ما يجري منفصل عن أمن الكيان الصهيوني، وواهمٌ من يظن أن كل الدماء العربية التي سقطت ستنسينا أن فلسطين هي المبتدأ والخبر، أما الذريعة التي يحملها البعض للتهرب من هذه الحقيقة هي واهية، فبدل أن نلعن الظلام، لنشعل شمعة، فالمقاومة فعل وليست «مشعلاً»، ومن لا يصدق فليدقق أسماء من استشهدوا بالأمس في معركة الدفاع عن مبنى المخابرات الجوية في حلب وليدقق جنسياتهم، عندها فقط سنعي أن الدم المقاوم هو الذي يوحدنا، وليس الهوية أو الجنسية.
الوطن[/rtl]

» «حماس» تبتلع لقيمات الدوحة.. الجناح العسكري يأكل «الجرف الصامد»
» سياسة الرقص على الدماء !!
» الردّ يوظف الدماء ولا ينتقم
» الضاحية ترهبها الهزائم لا الدماء
» رسالة إلى النائين بنفسهم من الشعب السوري الصامد