الرؤيـــة السعوديـــة للمنطقـــة..

الرؤيـــة السعوديـــة للمنطقـــة..

الاحد , 22 حزيران / يونيو 2014

أحمد الشرقاوي
.. “أبشر يا طويل العمر.. لقد ضاع العراق”… هكذا هتف الأمير ‘سعود الفيصل’ وهو يزف لخادع الحرمين في قصره بالمغرب نبأ سقوط الموصل ومناطق واسعة بالعراق، بالإضافة لحدود سايكس بيكو مع سورية، وربط الحسكة بـ”داعش لاند”، التي أصبحت “دولة الواقع” والدراع الإرهابية الوحشية التي ستغير موازين القوى ومعادلات النفوذ بالمنطقة.
فرح الملك السعودي فرحا عظيما بالأخبار الواردة من العراق، وأمر مدير مكتبه بتوزيع إكراميات على خدام القصر والحور العين من الفتيات قاصرات الطرف اللاتي كنّ يملأن حياة الملك العجوز وحاشيته ومرافقيه غبطة وسرورا، ويبعثن في وجنتيه المترهلتين حيوية الشباب، وفي عروقه الجافة خيول الإنتصاب.
لم يتمالك نفسه، فطلب مكالمة ‘أوباما’.. لا ليهنأه على نجاح الخطة في العراق، بل ليذكره بأن ما فشل فيه ‘بندر بن سلطان’ في سورية نجح فيه وبدرجة ممتاز جدا، ‘سعود الفيصل’ في العراق، لأنه في الوقت الذي كانوا ينتظرون ما الذي سنفعله في سورية فاجئناهم في العراق.. وبذلك، لم يعد إسم ‘الفيصل’ مطروحا للرحيل كرما لعيون طهران.. الفيصل تحول اليوم إلى رجل المرحلة بامتياز، الرجل الذي نعول عليه نحن وأمريكا وإسرائيل لإشعال فتنة طائفية تفجر المنطقة برمتها وتنهي هذا “الشر” المسمى إيران، وتقطع دابر الشيعة من العالم العربي.
وكما كان متوقعا، قطع إجازته الخاصة للمغرب وعاد للرياض على عجل بعد أن توقف في مطار القاهرة واستقبل على متن طائرته ديكتاتور مصر الجديد وصنيعة يده وبقايا فضله ‘عبد الفتاح السيسي’. وبعد التحية والسؤال عن الصحة والأحوال، قال ملك الأعراب لفرعون مصر الجديد:
إسمع يا فخامة الرئيس، الوضع خطير وخطير جدا، المنطقة دخلت منعطفا جديدا وطويلا من الأزمات والحروب، وتلوح في الأفق سحابة حرب أعلنتها إيران على المسلمين السنة وتجند لها المقاتلين بالملايين، وأنت تعلم أنها تسللت للعالم العربي من بوابة حماية الأماكن الشيعية المقدسة في العراق وسورية، وغدا ستطالب بتحرير مكة والمدينة قبل الفدس.. ونحن في الخليج لا نملك جيوشا قادرة على مواجهة جيوش الشيعة، وأنت تعلم أننا أوصلناك لعرش المحروسة حين ساعدناك في الإنقلاب على البدعة المسماة “ديمقراطية”، وصنعنا لك شعبية ساحقة بالإرهاب والإعلام والمال الحرام، وقدمنا لبلدك أكثر من 20 مليار دولار، ونعتزم عقد مؤتمر للمانحين لضخ المساعدات بالملايير ما سينجح حكمكم ويمكنكم من تجاوز كل الصعوبات..
من جهة أخرى، نحن نعلم أن مصر اليوم تقف على حافة الإنهيار وقد تدخل في فوضى وأتون حرب أهلية تؤدي إلى التقسيم، وهو ما لا نريده ولا نتمناه لمصر الشقيقة التي كانت في عهد مبارك الدراع القوية للسعودية في المنطقة.
قال له ‘السيسي’، حسنا يا جلالة الملك، قل لي ما المطلوب من مصر في هذه المرحلة؟
ارتشف خادع الحرمين فنجان قهوته الثاني وهو يقول مع نفسه، لقد أرهبته ووضعت مصر في جيبي. ثم استرسل في الحديث بالقول.. سقطت حدود سايكس بيكو القديمة ودخلنا في صراع على النفوذ مع إيران، ومن شأن هذا الصراع أن يؤدي إلى تقسيم عديد الدول بالمنطقة، وخصوصا العراق وسورية ولبنان واليمن وليبيا، وهذا هو الشرق الأوسط الجديد الذي إتفقنا مع أمريكا وإسرائيل على إقامته حتى لو أدى الأمر لتفجير المنطقة، وحينها لكل حادث حديث.
أمريكا لا تستطيع التدخل في العراق لمحاربة الإرهاب مخافة أن يعتبر تدخلها هذا نصرة للشيعة ضد السنة، وهذا أمر متفق عليه، لذلك فضلنا أن نركز على شخص ‘المالكي’ ونشيطنه كما فعلنا مع الأسد، حتى يقتنع الناس بأن ما يحدث في العراق هو “ثورة السنة المظلومين” ضد طائفية ‘المالكي’ عميل إيران وأمريكا، وعلى هذا يجب أن يركز الإعلام في مصر.
اليوم هناك تأييد كبير في العالم العربي والإسلامي لـ”داعش” التي يرى فيها الشباب العاطل بشارة عودة “الخلافة”، ونحن لدينا الخليفة وضعناه في مكان سري حتى تحين الساعة فنتدبر أمره. كما وأن تأييد “داعش” بلغ مستويات مقلقة في أوروبا، وخصوصا فرنسا وبريطانيا وبلجيكا، لأن “داعش” بدأت تروج لمقولة أن “الجهاد علاج ناجع للإكتئاب”، ما جعل عديد الأوروبيين يلتحقون بـ”دولة الخلافة” الموعودة بحثا عن العلاج في القتل الوحشي وجهاد النكاح.
لن أكشف سرا إذا قلت لك أن بندر بن سلطان الذي كان يصر الأمريكي على تكليفه بملف سورية ولبنان طلع غبيا وفشل فشلا ذريعا، لأنه وضع نفسه في خم الدجاج فانكشف أمره واحترقت ورقته وسبب لنا الكثير من الأدى والإحراج، وكان لزاما علينا بمساعدة أصدقائنا في واشنطن أن نحصن أنفسنا من خلال مجموعة إجراءات حتى لا نتهم بأن لنا علاقة بالإرهاب، فوضعنا القوانين، واقلنا الأمير بندر وأوكلناه لعزرائيل في قصره بأغادير المغربية حيث يموت اليوم ببطىء شديد نتيجة جرعة صغيرة من سم قاتل عقابا له على فشله في سورية، ومنعنا رعايانا من الذهاب إلى القتال في الخارج، وفتحنا باب التوبة للعائدين من سورية. وبذلك، لا علاقة لنا بما يحدث من إرهاب في المنطقة لأننا نحاربه اليوم في السعودية.
أما الأمير سعود الفيصل، فبفضل ديبلوماسية الكواليس السرية والمال السياسي الحرام، نجح في إسقاط العراق دون قتال، ما أدهش العالم وحقق لنا نصرا إستراتيجيا على إيران التي كادت تسقطنا بالضربة القاضية في سورية.
وأنت تعرف اليوم أن أصدقائنا في المجتمع الدولي كما إعلامنا يؤكدون أن “داعش” هي صناعة سورية – إيرانية، لكن ‘الأسد’ عمل على إقناع الرأي العام الدولي أنه يخوض حربا على الإرهاب في بلاده، وقد نجح في خداع العالم، لكنه هذه المرة لن يفلت منها، بعد أن أصبح العراق وسورية ولبنان ساحة حرب واحدة، وإذا تدخلت إيران فستعلق “داعش” مشروع إعلان دولتها في العراق مؤقتا إلى غاية الإنتهاء من مقاتلة شيعة العراق ولبنان وإيران بمؤازرة سنة المنطقة، وستنقل الحرب إلى الداخل الإيراني في مناطق السنة، وسنفتح عليهم جهنم من باكستان وأفغانستان والعراق.. لأن الأولوية اليوم هي لتطهير المنطقة العربية من إيران وأدرعها لتبقى خالصة للعرب، فنقيم جامعتنا ووحدة مصالحنا وننعم بالأمن والسلام والإزدهار.
قاطعه ‘السيسي’ سائلا: لكن يا خادم الحرمين، هل من إمكانية لإنقاذ سورية من التقسيم وضمها إلى نفوذ إمبراطوريتكم الجديدة؟
قال الملك: إنقاذ سورية هو بمنعها من السقوط بيد “داعش”، وهذا لا يمكن أن يكون بإنقاذ ‘بشار الأسد’ ونظامه، فهو أصل البلاء الذي أخرج كل هذا الشر، ونحن لدينا معلومات أنه قريبا سترسم “داعش” حدود دولتها الجديدة في العراق والشام، وها هي الحدود الجديدة في كردستان أصبحت قائمة على أرض الواقع بعد أن ضمت إليها المناطق المتنازع عليها مع السلطة في بغداد، لكن على الأكراد التفاهم مع “داعش” بشأن كركوك الغنية بالنفط، وهذا الأمر قد تكفل به ديوان أمير المؤمنين من مقره السري، ومن المرجح أن يتم التوافق في النهاية على الحدود والمعابر وإجراءات انتقال النفط والبضائع والأشخاص.. وإذا لم يتفقوا، فنحن على إستعداد لتطبيق خطة ‘كيسنجر’ التي أوصى فيها بإقامة إمارة على كل بئر نفط في المنطقة.
سأله السيسي: لكن يا خادع الحرمين، هل لكم معلومات حول ما تعتزم فعله إيران في المدى المنظور؟
أجابه الملك: إيران اليوم مكبلة بالمفاوضات حول ملفها النووي مع الغرب، ولا ترغب في إتخاذ خطوات دراماتيكية من شأنها إفشال المفاوضات، لأن الفشل في هذه الحالة يعني الحرب، وأوضاعها الإقتصادية كما أوضاع حلفائها في سورية والعراق تزيد من إثقال كاهلها وتأزيم أوضاعها المأزومة أصلا. وأمريكا تسعى لعدم التوقيع على إتفاق نهائي إلا بعد فترة 6 أشهر أخرى من المفاوضات وبناء الثقة، ما من شأنه إحتواء إيران. وخلال هذه الفترة، نحن بصدد تحقيق إنجازات والعمل على تغيير موازين القوى على الأرض في سورية والعراق ولبنان أيضا، لأنها حرب شاملة ضد الشيعة في المنطقة.
هذه حرب إستنزاف ستكون طويلة وقاسية، وستكلف كثيرا، لذلك ستركز “داعش” في المرحلة المقبلة على احتلال آبار النفط وتخريبها لتعطيع الإنتاج في العراق، ما سرفع سعر البترول ويمكننا من توفير التمويل الضروري لهذه الحرب، في حين سيزد الطرف الاخر نفسه منهكا، محاصرا، وبلا موارد تمكنه من الإستمرار في القتال، فينتهي خطره من المنطقة.
لقد إتخذنا بعض إجراءات الإحتياط، وتحسبا لأن تعلن علينا إيران الحرب بالوكالة، طلبنا من أخينا ‘هادي’ في اليوم أن يشغل الحوثيين بحرب طاحنة مع الجيش، ودخلنا في حوار مع قاعدة اليمن لتلتحق بأرض الجهاد في العراق مقابل مبالغ مغرية، وبهذا لن يتمكن الحوثي من إثراة المشاكل على الحدود. كما وأننا شددنا القوانين وفعلنا أحكام الإعدام ونقمع المظاهرات في القطيف والمنطقة الشرقية بلا رحمة، لقطع دابر الفتنة وفرض سيادة الدولة.
أما السودان الذي تحول إلى حليف لإيران، يمرر السلاح إلى حماس والجهاد في غزة، فقد تقرر إشعاله وإلحاقه بنفوذ مصر في المنطقة لما يمثله من مقدرات فلاحية ومائية هائلة، لكن لن يكون هذا قبل قمع ثورة القبائل في ليبيا وتطبيق النموذج المصري مع اللواء ‘حتر’، لكن في المنطقة الشرقية فقط، لتكون تحت نفوذ مخصر أيضا، وتتمتع بنفطها وتجعلها متنفسا للتخفيف من ضغط البطالة لديكم، خصوصا وأن 20 مليون عاطل رقم ينذر بالكارثة. وهذا هو نصيب مصر من كعكة الشرق الأوسط الجديد، حيث ستكون السعودية ومصر وإسرائيل هما مثلث المنطقة القوي، ولا شأن لتركيا بالعرب.
وهناك معلومات أيضا أفادنا بها أصدقائنا في تل أبيب تقول، أن اللواء ‘قاسم سليماني’ المسؤول عن ملفات المنطقة، قد أعد جدولا لتصفية عملاء الشاباك والموساد في الأردن ومصر وليبيا و بعض دول آسيا و أوروبا، وقد أقامت إدارة أوباما حلفا دوليا مكونا من مخابرات الدول الحليفة والصديقة، لمتابعة نشاط حزب الله ومخابرات إيران في المنطقة والعالم، لتفادي المفاجآت، لأنه قد تفكر إيران في تفجير ضخم في أوروبا مثلا، لتجعل العالم تحت ضغط الشعوب يعطي أولوية جدية لمحاربة الإرهاب، وهذا لا يخدم مخططاتنا.
الأمر الوحيد الذي لا زال يؤرقنا ويثير مخاوفنا هو أن يقلب حزب الله المعادلة مرة أخرى في المنطقة، فيعلن الحرب على إسرائيل من لبنان والجولان.. هنا ستتغير الأوضاع بالكامل وستختلط الأوراق. لذلك بدئنا بتنفيذ خطة إشغال حزب الله بالتفجيرات المتنقلة والإغتيالات، وجعله لا يقوى على الحركة والتفكير في أية مغامرة غير محسوبة.. لكننا لا نعرف ما الذي يمكن أن يفعله الحزب، المؤكد أنه لن يترك المراقد المقدسة، وسيدافع عنها في العراق حتى لو قدم ضعف الشهداء الذين قدمهم في سورية.. الحزب يدرك أنها حرب وجود ومصير، وهي كذلك بالفعل بالنسبة لنا أيضا، وسنرى من سينتصر في النهاية.
المهم الآن هو تقوية داعش بالمقاتلين، لقد نجحنا في تسويقها من خلال إسم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” كمنظمة إسلامية تدافع عن خط بن لادن، ويمولها مسلمون أبرار، وأن هدفها هدم الحدود الوهمية التي وضعها الإستعمار وفرق بها الأمة، لإعادة توحيد المسلمين تحت شعار “الخلافة” وتطبيق “شرع الله” في الأرض، ومحاربة الناصرية والروافض الذين يتربصون بأهل السنة والجماعة شرا مستطيرا.
وحيث أن المخاطر جسيمة، فقد بات من الضروري تحصين حدودنا مع اليمن ومع العراق، ولا نرى من قوة يمكن أن نعتمد عليها في هذا الشأن غير الجيش المصري الذي آن الأوان لإنهاء عمله في مزارع الدجاج وبعثه إلى الجبهات في السعودية.
كما وأننا بحاجة لمقاتلين تبعثهم مخابراتكم على الأردن لتدريبهم من قبل القوات الأمريكية، ومن ثم إرسالهم إلى تركيا ليدخلوا العراق عبر كردستان كما اتفقنا مع ‘البرزاني’، وخلال الأيام القادمة ستبعث له قطر 1700 مقاتل تم تجميعهم من دول المغرب العربي وتدريبهم وتسليحهم في ليبيا. وسنعمل على هذه الوثيرة كي لا ينفذ مخزون المقاتلين حتى هزيمة إيران وجندها.
في نهاية الاجتماع ودع عبد الفتاح السيسي، خادع الحرمين الذي غادر القاهرة متوجهاً إلى جدة، بعد أن تم الإتفاق على توثيق التعاون والتنسيق بين البلدين لمواجهة الخطر الشيعي الداهم.
ملحوظــــــة: قد تبدو هذه المعلومات من نسج الخيال، لكني أراهن على صحتها، لأنها مستوحات مما يختلج في النفسية السعودية الحقودة، وما يدور في ذهنيتها الرجعية الموبوؤة، وما تعطيه قراءة الوضع في المنطقة بناء على المعلومات والمعطيات المتوفرة..
وبيننا وبينهم الأيام، ليعلموا أي منقلب سينقلبون، وأن الفتنة أشد من القتل، وأن عذاب الله شديد.. فترقبوا يا أعراب الزيت ما أعد لكم محور المقاومة من مفاجآت ستحول نصركم الوهمي في العراق إلى كارثة ستحل قريبا بدياركم.

» السعوديـــة.. نهايــــة اللعبـــــة
» السعوديـــة و صـــراع الأحـــلاف
» نصر الله.. ابحثــوا عــن السعوديـــة
» خطــــة السعوديـــة لسرقــــة لبنــــان
» مــاذا تريــد السعوديـــة مـن إيـــران؟