مجزرة حطلة نفذت بقرار استخباراتي عربي لمذهبة الصراع.. فهل يتراجع

[rtl]‏الجمعة‏، 14‏ حزيران‏، 2013[/rtl]






[rtl]
أوقات الشام[/rtl]






[rtl]ابراهيم ناصر الدين[/rtl]


[rtl]المشكلة لدى خصوم سوريا اللبنانيين والاقليميين على وجه الخصوص انه دائما يصلون متأخرين، وقدراتهم الذهنية غير قادرة على اللحاق بدينامية«المعسكر الاخر» الذي يديره عمليا على الارض حزب الله ويؤمن له الغطاء الايرانيين والروس، هذا ما يفسر خسائرهم المتلاحقة، ويفسر النحيب والبكاء على اطلال القصير، ويفسر صب جام الغضب على الولايات المتحدة واتهامها ببيع «اصدقائها وحلفائها» في «سوق النخاسة»، ولهذا لم يتمكن هؤلاء من تغيير الوقائع الميدانية، فنحيبهم لن يوقف الطرف الاخر الذي يعمل ضمن جدول اعمال واضح لتغيير موازين القوى على الارض، ولن توقف اندفاعته «حفلات الزجل» المتنقلة بين عواصم القرار وشاشات التلفزيون.[/rtl]


[rtl]لكن ثمة استراتيجية جديدة تصدرت جدول اعمال القوى الاقليمية المعادية لمحور المقاومة بهدف وقف اندفاعة حزب الله في الحرب السورية، تستحق قراءة متأنية في اسبابها ونتائجها المرتقبة، فتحت عنوان «مذهبة «الصراع تخوض هذه القوى حربا مفتوحة مع الحزب على امل ان تحقق ما فشلت في تحقيقه على مدى عامين من الازمة.فهل ستنجح هذه المرة وتعوض اخفاقاتها المريرة؟[/rtl]


[rtl]اوساط سياسية مطلعة تلفت الى ان الجديد في هذا الصراع هو عودة «الاصيل» الى الواجهة بعد ان كان يدير «اللعبة» من وراء الستار، والمقصود هنا المملكة العربية السعودية التي وجدت نفسها للمرة الاولى منذ بدء الاحداث السورية وحيدة في ساحة «القتال» بعد ان اصيب كل الحلفاء العرب والغربيين «بالفيروس» السوري القاتل، فقطر الدولة التي تصدرت المشهد كرأس حربة في الحرب لاسقاط النظام السوري انكفأت لترتيب البيت الداخلي، حيث يستعد امير البلاد لتجرع «الكأس المرة» التي تذوقها والده قبله، وها هو يوضب اغراضه ويحضر نفسه للبدء بمرحلة تقاعد «اجبارية». اما زميله الاخر رجب طيب اردوغان فقد غرق حتى اذنيه في ازمة داخلية هشمت صورته، وافقدته بريق «الدولة النموذج»، ومن ملء الدنيا صراخا ابان معركة «باب عمرو» ابتلع لسانه اليوم ولم يسمع منه احد تلميح او تصريح حول السقوط المدوي للقصير. هذا الامر اضطر السعودية الى الخروج من «الكواليس» الى «خشبة المسرح» لادارة دفة معركة كانت من اكثر المتحمسين والراغبين بحصولها بهدف اسقاط «المشروع» الايراني من البوابة السورية بعد الفشل في ربح معركة العراق ولبنان.فماذا تستطيع السعودية ان تفعل بعد «خديعة» جديدة تتهم بها الطرف الاخر؟[/rtl]


[rtl]الخيارات ضيقة تقول الاوساط، فالتدخل الخارجي معقد ودونه عقبات، ومناطق الحظر غير قابلة للتطبيق اما الضغط لتسليح المعارضة لم يعد مجديا باعتراف قيادة المسلحين في سوريا، وليس هو سبب الخلل، فالنظام كما المعارضة يعتمد على الخارج، وأثبتت الوقائع أن الدعم السعودي والقطري والتركي بالسلاح لم يتوقف في يوم من الايام، وقد استطاعت فصائل المعارضة تحقيق التوازن المطلوب على الارض عندما سيطرت على مساحات جغرافية واسعة في سوريا، واذا كان هذا الامر لم يؤد الى اسقاط النظام لكنه جعل من تلك الدول شريكا «مضاربا» للايرانيين في سوريا،وقد رضيت الرياض بهذه النتيجة «لأن الكحل افضل من العمى». لكن التحول الاستراتيجي او «الخديعة» جاءت من الطرف الاخر كما يقول السعوديون، فهم يقولون ان الطرف الاخر اوهمهم انه ركن لهذه النتائج وسلم بانه لم يعد وحده من يقرر في سوريا، وعند الجلوس على طاولة المفاوضات يتم الاتفاق على كيفية ادارة سوريا الجديدة، وفقا للنموذج اللبناني بعد الطائف، مع اختلاف «الماركة المسجلة» للرعاية من «سين سين» الى «الف سين».[/rtl]


[rtl]ومن هنا تأتي اهمية «واقعة القصير»، فقرار حزب الله الدخول علنا وبكامل عتاده وعديده، لم يكن عبثيا في المكان او الزمان فالرسالة كانت واضحة بان هذا المحور تخلى عن سياسة «لا غالب ولا مغلوب»، وكل الاوهام السابقة حول امكانية تقاسم النفوذ في سوريا لم تعد قائمة، وتبين ان كل الكلام الذي كان يقال عن عدم امكانية الحسم العسكري في سوريا، لم يكن سوى «ذر للرماد» في العيون ولتقطيع الوقت المطلوب للاعداد اللوجستي والعملاني للانطلاق بمعركة استعادة زمام المبادرة على الارض من «بوابة القصير الاستراتيجية»، وقد جسد دخول حزب الله في هذه الحرب «المصغرة» اول «الغيث» في معركة مضبوطة على توقيت محدد معروفة الاهداف، جرى التخطيط لها جيدا ووضعت لها مخططات اصلية واخرى بديلة في حال التعثر.[/rtl]


[rtl]ماذا يعني هذا الكلام؟ تقول الاوساط، هذا يعني ان ما غير قواعد اللعبة هو دخول حزب الله على خط المعركة وليس دخول اسلحة جديدة قادرة على تغيير موازين القوى، وما استخدمه الحزب يشبه الى حد بعيد ما تملكه «المرتزقة» التي قدمت الى سوريا للقتال ضد الجيش السوري، اي بمعنى اخر فان حزب الله هو من سبب في هذا الخلل على الارض، فهل من حلول لوقف اندفاعته في ظل تعذر استجلاب تدخل دولي مباشر في الحرب؟ هي اسئلة كانت في صلب جلسات طويلة عقدت خلف الابواب المغلقة في اكثر من عاصمة اقليمية، ويبدو ان الخيار قد وقع على اكثر الحلول خطورة اي العمل على ترسيخ «هزيمة القصير» في أذهان الرأي العام العربي والاسلامي بأنها هزيمة للسنة امام الحزب الشيعي.[/rtl]


[rtl]وتلفت تلك الاوساط الى ان الترجمة العملية المرعبة لم تكن بالحملة المنظمة داخل لبنان وخارجه «لشيطنة» حزب الله اعلاميا، بل بالمجزرة المدبرة في قرية حطلة في دير الزور، وجاء ابراز التهليل السلفي «بالمذبحة» بوقاحة دموية منقطعة النظير، ليضع حزب الله امام معادلة جديدة في الصراع، ووفقا لمعلومات الاولية المتوافرة فان الذي ادار العملية جهاز استخبارات عربي اختار بعناية الموقع والتوقيت واهتم بعملية اخراج الامر الى الاعلام، وقد كشفت هوية المتورطين بالعملية خيوطا كثيرة باتت بين ايدي الاجهزة الامنية السورية وباتت المعلومات شبه مكتملة عن الجهة المنظمة لهذه المجزرة والجهات المدبرة، اما الرسالة الى حزب الله فقد وصلت دون «قفازات» ومفادها ان ثمن تدخله في الحرب ستدفعه الاقلية الشيعية في المنطقة، اكان ذبحا بالسكاكين او عبر ضرب العصب الاقتصادي للمغتربين الشيعة في دول الخليج، وهذا اول الغيث والاتي اعظم اذا لم يخرج من المعادلة السورية اليوم قبل الغد.[/rtl]


[rtl]طبعا سيكون للامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله اجوبة واضحة عن استراتيجية الحزب المقبلة في سوريا ولبنان، بعد دخول هذه المعادلة على الساحة وسيكون لهذا «الاهتياج» المذهبي المفتعل مكانا في الخطاب، لكن المشكلة الرئيسية تبقى في ان الطرف الاخر ما يزال «يحسبها غلط» مع حزب الله، وهو لم يدرك بعد ان هذا الحزب عندما يبدأ الشق العملاني من خططه لا يتوقف الا بعد انجاز المهمة، مهما تكثر المصاعب او المطبات، «فما كتب قد كتب» ومن كان يظن ان الحزب سيقف عند حدود الانتصار في القصير سيكتشف انه واهم، فالعملية انطلقت ولا خطوط حمراء يمكن ان تعيق تقدمها، ومن فشل في استجداء الولايات المتحدة للتدخل، وفشل في رهانه على «العصابات المسلحة»، وفشل في توحيد «معارضات الفنادق»، وضاعت امواله هباء منثورا خلال عامين من عمر الازمة،لن يكون بمقدوره رسم معادلات جديدة عبر اللعب على الوتر المذهبي، او عبر ارتكاب المجازر في سوريا ولاحقا في لبنان.[/rtl]


[rtl]وتلفت تلك الاوساط الى ان استراتيجية «المجازر» المذهبية هي اخر«خرطوشة» لدى تلك القوى، لكنها رغم قساوتها لن تبدل في موقف حزب الله الاستراتيجي في سوريا بعد ان اكدت فظاعة الصور صوابية تدخله في الحرب هناك، ومن كان مترددا في صوابية قراره اقتنع الان بضرورة تلك الحرب الاستباقية، وهذه الصور المشينة عقدت مرة جديدة دعوات بعض من في الغرب لتسليح المعارضة، اما الولايات المتحدة فانها الان اكثر من اي وقت مضى لن تتدخل مباشرة في صراع قد يستمر لمئة عام بين «اعدائها»، اما الدول الخليجية المتورطة فهي لعبت «بعش دبابير»لن يفلت احد من لسعاته، فهي بهذه السياسة الخرقاء تشرع للأقليات في المنطقة الاستماتة للدفاع عن نفسها، وهي تشرع ابواب دولها لصراع مذهبي داخلي تتحمل هي مسؤولية افتعاله ولكنها لا تعرف كيف سينتهي، وامام هذا الواقع تبدو الرياض امام خيارين لا ثالث لهما، اما القبول بالهزيمة ونتائجها، او تحمل وزر معركة مفتوحة على كافة الاحتمالات.[/rtl]




[rtl]الديار[/rtl]