حُيَّي بن أخطب في حطلة بقلم إيهاب زكي

ونحن في غمرة الإنتصار في القصير ، ونشوة الإنتظار لنصرٍ مؤزَّرٍ في حلب، وتلفح وجوهنا شمس الغد السورية، المكللة بالغار والمجللة بالنار، نارٌ تحرق كل يدٍ تمتد غيباً أو شهادة للعبث مرة أخرى بالعرين السوري، عاجلتنا (إسرائيل) الملتحية في حطلة، أهرقت الدم الحرام ودنست كل مقدس، أخرجت لنا لسانها لتنتزع منا بسمات الثقة بالله، ولكن قلوباً تهتز على هدير أقدام رجال الله، وبصائراً ترى بشائراً، لن تميد راسخةً ولن تحيد واثقةً، ومهما طالت لحية (إسرائيل) ، لن تدخل الإسلام حتى ينْفذ الجمل من سَم الخِياط ، ولو رفعت كل المصاحف ولو تغرغرت بكل الحديث، ولن تزيدنا دماء حطلة إلا ثقة بالنصر وإستعجالاً له.

سُأل ذات يوم أرائيل شارون عن مثله الأعلى، فكانت الإجابة صادمة لكنها كاشفة، صادمة لأنها تكشف سر العداء الذي تكتنفه صدورهم، وسر الحقد خلف سلوكهم، وأن ذاكرتهم حديدية مقارنة بذاكرتنا الخشبية، قال شارون إن مثله الأعلى هو حُيَّي بن أخطب،وحيي هذا حبربني النضير أحد قبائل يهود المدينة،وعند هجرة النبي للمدينة، ذهب حيى بن أخطب مع شقيقة أبو ياسر بن أخطب للقاء النبى، وطلبا منه النَظر بين كتفيه، بحثا عن “خاتم النبوة ” “وهى وحمة تشبه الزيتونة تكسوها ثلاث شعرات ،وتقع عند الفقرة الأولى من العمود الفقرى”،فنظروا ورأوا الخاتم، سألوه: متى تُوفّى والدك، أجابهم، سألوه: من الذي قام بتربيتك،وأسئلة كثيرة، فأجابهم. ورجع حُيَّى بن أخطب ، فسأله أخوه: أهو هو ” يقصد الموجود في التوراة” قال: هو هو ( أي هذا هو النّبي )، قال : فماذا تنوى؟ قال: عداوته ما بقيت.

هؤلاء هم أحفاد حُيَّي بن أخطب، وحيي مَثَلَهم الأعلى ،فلم ننس بعد عيون أبوفادي الذي سيهديها لشارون إن حارب في صفه بني قومه، وعند البحث عن مسوغاتٍ للقتل العبثي في الإسلام الذي يدَّعيه القتلة، لا تكاد تتعثر بمبررٍ يتيم، ولو بعين المُتجني، ولكنك تجد (إسرائيل) المتخفية وراء اللِّحى والمتلحفة بالتكبير،فيقول بن غوريون في قتل العرب (القتل هو الوسيلة المُثلى لتحرير الطاقة الكامنة لدى الجندي اليهودي) ويقول موشيه دايان مخاطباً جيله من اليهود ( القتل هو قدر جيلنا) أو كلمات مناحيم بيغين ورافائيل إيتان وغولدا مائير في إعتبار العرب مجرد (صراصير) وجب سحقهم، ولا تزال كلمات مائير كاهانا غضة طرية لا يدانيها رغم تطاول الزمان يباس، حينما قال ( لا يظهر المسيح إلا إذا تم قتل العرب) ، وحاخامهم عوفاديا يوسف، الذي قال (أن العرب أولاد أفاعي يجب سحقهم)، وهذه العقيدة كان من المتعذر تمريرها إن جاءتنا بها (إسرائيل) المرداء المتسولفة، فارتدت لحيتها واخترقتنا بالفتاوي الوهابية ، وتكفل شيوخ النفط باسدال دثار الإسلام على لحية (إسرائيل).

ولكن الأشد صدمة سيكون لـ (إسرائيل)، فالجبروت المتسرب فقط من بين أصابع رجال الله على الزناد، سيسحق أبناء حُيي بن أخطب في حلب، وأما الجبروت الناضح والفائض من عزمهم على زناد الصواريخ سيسحقهم في (تل أبيب) إن تماديتم، فمعركة حلب هي فرقان عصرنا القادم، هي بدرُنا الثانية، التي بعدها كل سؤدد، فخرائط الكون سترسمها حلب، وثروات الكون ستوزعها حلب، وأمجاد العرب ستُعيدها حلب، والسيف الدمشقي اللامع ستصقله حلب، والإمبراطوريات ستجثوا على الرُكب في حلب،في طابور طويل تطلب حصة في القرن الجديد،والله ينتظرنا في حلب، وليس رجال الله من يُخلفون لله وعداً، فهم وعد الله ووعيده.

إن هذه الأفعال التي تمارسها (إسرائيل) بلحيتها ،هي محاولات لجرِّنا عنوة نحو غرائز الإنتقام ودوامة الثأر الأبله، وتحقيقاً لنبوءة اليهودي المتصهين كيسينجر، بحرب المئة عام السُنية الشيعية، فلا سبيل لوقف زحف رجالٍ زنودهم جلاميد وقلوبهم ميامين ، ولا سبيل لتأجيل إنتصارهم إلا بمذهبة المعركة، فيقاتلون ثأراً وحمِيَّة قتال الجاهلية، ولأن من يعرف حُيي بن أخطب فهو يعرف القاعدة الذهبية ” مهزومٌ من قاتل قتال الجاهلية”، وإن نجح في ذلك فسنَخْلف موعدنا وعهدنا مع الله في حلب،فيا أحفاد حُيي مازالت فينا آثار نُبوة وما عجزت نساؤنا أن يلّدْن من جديد سعد بن معاذ