الخطيب ولافوازية وجبهة النصرة سعد الله الخليل

الخطيب ولافوازية وجبهة النصرة سعد الله الخليل

منذ أن بايعت جبهة النصرة أيمن الظواهري على السمع والطاعة إماماً لها وقائد لمسيرتها الجهادية لنصرة الأمة الإسلامية ولإقامة خلافتهم على أرض الشام ،لم نسمع من جوقة الهرج والمرج الداعمة لجبهة النصرة أي تعليق باستثناء تعليق يتيم وغث لمعاذ الخطيب ،اقتصر على الإدعاء بأن الفكر المتطرف "لا يناسب" المعارضة السورية ، فيما صمت أركان الائتلاف القطري والمجلس الاسطنبولي ،وكان القضية لا تعنيهم وهو ما يثير أكثر من تساؤل ،ويقبل التأويل باحتمالات عدة خاصة وأن الخطيب نفسه اعترف بشرعية الجبهة كمكون رئيس في المعارضة، بل ذهب أبعد من ذلك بالتوسل لأميركا لعدم وضعها على قائمة الإرهاب، فهل فكر الجبهة بنظر الخطيب ليس بمتطرف ،وأن إقامة الخلافة الإسلامية الراشدة ضمن استراتيجيات الائتلاف الذي يسوق رئيسه كداعية وسطي يرتدي قميص وجاكيت ويهندس لحيته، وإما لم يأت الإعلان بأي جديد للائتلاف ولم يفاجئ صقوره وحمائمه، كما لم يفاجئ الإعلان أي من السوريين المراقبين لسلوك الجبهة المتطابق مع فكر القاعدة، وبالعودة لتصريح الخطيب اليتيم هل تقنع عبارة عابرة بالهواء على صفحة الفيس بوك ،أي متابع أن الائتلاف لا يعير الجبهة أي اهتمام ،وهل تلغي هذه العبارة بنوة الائتلاف للجبهة أو وضع الائتلاف كواجهة سياسية أو بوق إعلامي للجبهة ،فالعلاقة الغامضة بينهما تعيدنا لجدلية البيضة والدجاجة.
ولأن التاريخ يعيد نفسه تماماً كما المادة التي وفق قانون لافوازيه لا تفنى ولا تخلق من العدم ،عاد الإخوان المسلمين لماضيهم بما يذكر ببيانهم اليتيم عقب مجرزة كلية المدفعية التي نفذتها الطليعة المقاتلة للإخوان المسلمون، والذي قال أن فصيل منشق عن الجماعة نفذ المجزرة في محاولة لتبرئة ذمتهم من الجريمة، فهل سيكون كلام الخطيب محاولة تبرئة الائتلاف من الجبهة كما فعل أسلافه الإخوان. في عز الحقبة الإخوانية حاول التنظيم بناء إمارته بسورية وفشل لعوامل عدة أحد هذه العوامل غياب الحامل الشعبي والفكري في المجتمع السوري ،ولكنه ليس العامل الوحيد ومحاولة تسويقه كسبب وحيد ،وبأن المجتمع السوري محصن ضد الفكر التكفيري كافية لمنع سيطرة الإخوان على المشهد الحالي بأساليبهم المعروفة والبعيدة عن الأخلاق ،فيها من الخبث ما يكفي لاتهام مروجي هكذا فكر بالعمالة للإخوان والتغطية على موبقاتهم لأنه كلام حق يراد منه باطل ،وكشفت الأزمة السورية حقيقة كلامهم وأفكارهم فعلى مدى سنوات قلل فريق من مفكري أمة جامعة العرب من عزمي بشارة إلى فيصل القاسم إلى غيرهم ،من خطورة الحركات الإسلامية وتولوا تلميع حركات الإخوان المسلمين ،وإلباسها ثوب الحضارة والحداثة بما يتوافق مع توجهات صاحب المزرعة التي يجتران فيها فكر الحداثة والإسلام السياسي.
عزمي بشارة صاحب نظرية عدم جواز تعميم مقولة أن الدين صالح لكل زمان ومكان كبرنامج سياسي قابل للتطبيق ،فالصلاحية لكل زمان ومكان بحسب بشارة لا تعني صلاحية العلاقة بين الدين والسياسة ،لم نجده يعبر عن أفكاره ويعترض على سلوك جبهة النصرة والأب الروحي لها تنظيم القاعدة قبل إعلان البنوة التنظيمية، بل ما يزال بشارة ومنذ التسعينات يروج ويبدي إعجابه بتجربة راشد الغنوشي ويصفها مفكر قطر "بأرقى محاولات الإسلام السياسي التي قبلت الديمقراطية سياسيا ،أو تكتيكيا للوصول إلى السلطة لتبديد المخاوف من سيطرة الحركة الإسلامية على السلطة"، فالغنوشي بحسب فتوى بشارة يحاول تأكيد قبوله فلسفيا لتأخذ الشورى معنى الديمقراطية، وهو في قرارة ذاته يدرك أن شورى الإخوان ليست سوى فتاوى حسب الطلب ،وبعيدة كل البعد عن أي مفهوم ديمقراطي كلامه. طبل الإخوان الثاني فيصل القاسم شرطي الاتجاه المعاكس يقول بأحد مقالاته "كل من يصدق خرافة أن المتطرفين سيحكمون سوريا فيما لو سقط النظام الحالي إما مغفل أو ابن ستين ألف مغفل. فلا مكان للتطرف في سوريا، لأن تركيبتها الاجتماعية والقومية والحضارية لا تسمح للمتطرفين بأن يحكموها"، كلامك صحيح يا ابن ستين ألف .... لو كان النسيج الاجتماعي السوري صاحب القرار بأن يقبل أو لا يقبل، فهل ستقنع أحد ممن يستمعون لمسرحياتك الهزلية أن جبهة النصرة وغيرها من المرتزقة المرسلة من ولي نعمتك تطلب الإذن من المجتمع السوري للقبول أو عدمه ،وتسعى لإقناعه بالحسنى كي يرفضها السوريين عندما تأتي بفكر غريب لا يدغدغ عواطفهم ،وسلوك بعيد عن ما أعتاد عليه، فالقضية ليست صراع إيديولوجيا كما تحاول بكل سذاجة تصويرها ،ولو كانت كذلك للفظها المجتمع السوري كما لفظك أنت وأصحاب ماخورك الفكري ،ولكنك تعلم أن عشر مسلحين ممن يواجههم المجتمع السوري بفضل دعم ولي نعمتك قادرين على إغلاق دوحتك الغناء ،عندها كيف ستقنع جزيرتك هؤلاء بالعقل والمنطق وطيب الأخلاق، وكيف سيقاوم المنطق فكر السلاح ،وهنا يستوقفني ما قاله المفكر السوري الطيب تيزيني "بأن صوت العقل يغيب تحت أزيز الرصاص"، وخير مثال ما تشهده مدينة حلب من تخريب حين هاجمها رعاع فيصل القاسم الذي قال عنها ذات يوم "لا يمكن في أي حال من الأحوال، أن تكون مدينة متطرفة ولن تقبل بأن يحكمها المتطرفون"، ومعه حق فلو رضيت بحكم المتطرفين لما دفعت ضريبة موقفها ما تشهده اليوم من قتل لأبنائها وتدمير لمعالمها الحضارية.
وسأختم بما أعلنته ميليشيات "الجيش الحر" التي طالبت الإخواني الأميركي غسان هيتو بالاستقالة ،وأكد أن لن تؤمن له الحماية عند دخوله الأرضي السورية تحت حماية ميليشيات "الإخوان المسلمين"،فبهذا الإعلان صورة عما يشهده الشعب السوري من موبقات الإخوان وفصائلها.

» معارضات و مؤتمرين ...سعد الله الخليل
» أوباما... تعا ولا تجي بقلم :سعد الله الخليل
» تصدع التحالف التركي وجبهة النصرة
» بالمختصر ... اليسارية إعداد : سعد الله الخليل
» قطر فقاعة ... انتبهوا سعد الله الخليل