الإبراهيمي و إنكار الواقع السوري – غالب قنديل

الإبراهيمي و إنكار الواقع السوري – غالب قنديل

يصر الموفد الأممي الأخضر الإبراهيمي على نشر معلوماته المزعومة و توجهاته المرسومة عبر صحيفة السفير التي تعتبر مسوقه الإعلامي الرئيسي منذ انتدابه إلى سورية خلفا لكوفي عنان و لغاية في نفس يعقوب فالصحيفة لا تبخل بالمانشيتات الإبراهيمية حتى عندما يكون الكلام فارغا من أي جديد و على طريقة التمني او التأمل او تكرار كلام الليل الذي يمحوه ...

أولا إن الانجازات العبقرية المنسوبة للإبراهيمي في اتفاق الطائف مسروقة من رصيد الرئيس الراحل حافظ الأسد الذي رعى تلك التسوية و حولها إلى واقع سياسي و دستوري و بالتالي فهي نتيجة لفعل و تأثير عامل كلي القدرة و الحضور في تلك المرحلة هو الدور السوري الذي يتنكر له اليوم سماسرة السياسة اللبنانية الذين باعوا و اشتروا و راكموا الثروات بفضل انتسابهم لنادي أصدقاء سورية و نظامها المقاوم الذي انقلبوا عليه بإشارة اميركية إسرائيلية منذ العام 2000 .

إن عودة تفصيلية لتلك المرحلة تظهر ان القوة الصانعة للتسوية كانت سورية و ان الجهة التي رسمت الأحجام و الأدوار الخاصة بأي من الوسطاء و الموفدين كانت سورية و في مقدمتهم الاخضر الإبراهيمي الذي استثمر الصدى المعنوي و السياسي الذي راكمه التعميد السوري لمهمته في التسوية اللبنانية فانتدبه الأميركيون بعدما استمالوه و استتبعوه فأوفدوه إلى كل من أفغانستان و العراق لترتيب واقع ما بعد الغزو الأميركي بلمسات تجميلية لواجهات الاحتلال تعطيها صبغة تمثيلية مزعومة للإرادة الشعبية ، و بهذه الصفة و الرتبة دخل الإبراهيمي حلقة كبار موظفي الأمم المتحدة فهو أقرب في دوره العالمي لمن يدعوهم مجرمو المافيا بمتعهدي تنظيف مسرح الجريمة و مبيضي الغرف الملطخة بالدماء .

ثانيا نقلت صحيفة السفير عن الابراهيمي قوله إن الرئيس بشار الأسد لا يعرف حقيقة الوضع الميداني و استطردت الصحيفة الموهوبة لتنورنا بأن المسؤولين في قصر الرئاسة السورية يسمعون القصف و ينكرونه ! و لشيء من التوازن المزعوم و الحيادية الخادعة قال الإبراهيمي على ذمة صجيفة السفير إن المعارضة السورية غير واقعية و تطرح شروطا تعجيزية .

في وجه الطرفين المزعومين ، الرسمي و المعارض ، و عدم الواقعية التي يتصف بها طرفا النزاع على زعم الابراهيمي فهو اهتدى إلى الترياق المتمثل بتفاهم روسي اميركي على تسوية يجري فرضها في سورية و صاح وجدتها ... يا ليت كلينتون تشفى بسرعة !

ثالثا لمن يدقق و يمحص قليلا يتبين ان الابراهيمي هو من يعيش في خطابه حالة إنكار و جهل بالواقع السوري فهو لم يتكبد عناء كلمة واحدة عن الدول المتورطة في الحرب على سورية و ما ترسله من أسلحة و اموال و إرهابيين لتخريب سورية و لتدمير دولتها الوطنية و حين ندرك ان كل ذلك يجري بتدبير أميركي و تقوده غرف عمليات اميركية متمركزة في تركيا يصبح صمت الموفد الأممي مشبوها فوقف العنف الذي يدعو إليه يقتضي التزامات واضحة تنطلق من واشنطن و تدابير أممية ( ما دام يحمل الصفة ) عقابية صارمة ضد الحكومات و الدول المسؤولة عن تصعيد العنف و عن تصدير الإرهاب و تغذيته بالمال و السلاح بينما الموفد العبقري لم يكلف خاطره بمتابعة ذلك كله .

رابعا المفارقة التي يطمسها الإبراهيمي واضحة فهو يحمل مشروعا لحكومة مختلطة بين الدولة الوطنية و فصائل المعارضة المختلفة و يوزع حصصا و نسبا رسمها ضابط الاستخبارات الألماني فولكر بريتس راعي ائتلاف الدوحة ، و هي واقعيا ترسم خرائط نفوذ اجنبي و إقليمي في توازنات السلطة السورية الجديدة ، و ينسى البلهاء في غرف التخطيط ان زمن التقاسم الاستعماري ولى و ان سورية بشعبها المقاوم لن تكون إلا سيدة حرة كما كانت على الدوام .

رد الرئيس بشار الأسد "غير الواقعي " بنظر الموفد الأممي هو ان الحوار غير المشروط يجب ان ينتج تفاهمات سياسية تعقبها انتخابات نيابية و من ثم تتشكل حكومة تعكس الأحجام و الأوزان الشعبية لسائر المكونات السياسية أي أنه ومتمسك بالاحتكام للإرادة الشعبية و للتصويت الانتخابي الديمقراطي المباشر ، فأين الواقعية الإبراهيمية التي بشرت بها صحيفة السفير و عليها سددت هجائها بحق الرئيس الأسد الذي يتحدى الغطرسة الاستعمارية و يقاوم عدوانا على بلاده من موقع قومي تحرري بل إنه يقاوم العدوان من موقع ديمقراطي حر بينما الغرب و عملاؤه المتورطون في الحرب على سورية يرفضون الديمقراطية و الاحتكام لصناديق الاقتراع و يريدون تنصيب ازلامهم و عملاءهم شركاء في سلطة يريدون منها الشراكة في حماية إسرائيل و التخلص من دور سورية القومي

» الغطرسة ولغة الواقع - غالب قنديل
» خطة بندر و حماقة الأمر الواقع – غالب قنديل
» الإبراهيمي الأحمق و المنحاز .. بقلم غالب قنديل
» لافروف و الانتصار السوري- غالب قنديل
» نصرالله و الرد السوري – غالب قنديل