دام برس:
الزعيم حقّاني .. يتزعم شبكة, تضم العديد من الحركات الإسلامية
المسلحة المرتبطة بتنظيم القاعدة, ويمكن وصفها – الشبكة الحقّانية – بالامتداد
الطبيعي لتنظيم القاعدة, على الساحة الأفغانية والباكستانية, ولجهة الساحة الهندية
أيضاً, حيث مخابرات الأخيرة – المخابرات الهندية - تتابع امتداداتها في
ساحتها, خاصةً وكما تشير معلومات المخابرات البريطانية الخارجية تحديداً, ارتباط كل
من جماعة عسكر طيبة, وعسكر الجبّار, وعسكر عمر, وسلاسل أخرى من العسكر والأسماء,
بشبكة الزعيم جلال الدين حقّاني.
وتشير تقارير ومعلومات أخرى, أنّ الرئيس حامد
كرازاي يشكل قوّة لا يستهان بها, وذلك بسبب ارتباطاته الداخلية والخارجية كرئيس,
وهو الذي يدعو باستمرار إلى فتح قنوات حوار واتصال, مع حركة طالبان وكوادرها وهو في
ذات الوقت, ينتمي للقبائل الباشتونية الداعمة لحركة طالبان, والارتباط العشائري
الأخير للرئيس كرازاي, هو بحد ذاته يشكل خط مساعد, لفتح قنوات اتصال مع طالبان
بنسختيها وأخواتهما.
وهناك المخابرات الباكستانية وأجنحتها المتعددة, لجهة
الداخل الباكستاني والأفغاني والخارج الباكستاني والأفغاني, ونفوذها أقوى من نفوذ
المخابرات الأميركية, وشبكات المخابرات الدولية والإقليمية الأخرى, والأخيرة دخلت
الساحة الأفغانية والباكستانية, عبر قنوات المخابرات الباكستانية نفسها وتحت بصرها,
وللمخابرات الباكستانية دور معقد بالمعنى الرأسي والعرضي تضطلع به, فهي توفر
الملاذات الآمنة للكثير من كوادر طالبان أفغانستان وطالبان باكستان, ولديها رؤية
إستراتيجية محددة حيال فرض, الوضع السياسي فيما بعد الحرب على أفغانستان, وبالتنسيق
مع إيران, حيث للأخيرة الدور النوعي والكمي على الساحة الأفغانية.
هذا وقد أعاقت
المخابرات الباكستانية, محاولات الرئيس كرازاي من الاتصال والتفاهم مع بعض كوادر
حركة طالبان أفغانستان, المختبئين في الأراضي الباكستانية, كون الرئيس كرازاي لم
ينسّق ولم يأخذ إذن الطرف الباكستاني, واعتبرت المخابرات الباكستانية ذلك, بمثابة
إقصاء لدورها لجهة المفاوضات والمحادثات السريّة, مع طالبان بنسخها وأخواتها, كما
رأت المخابرات الباكستانية في حركة كرازاي هذه, دوراً ونفساً مخابراتياً هندياً
خفياً, حيث هناك أدوار خفية للمخابرات الهندية على الساحة الأفغانية, مسنودة من
المخابرات البريطانية والأميركية والإسرائيلية, حيث ترى نيودلهي في أفغانستان, جزء
مهم من مجالها الحيوي في شبه القارة الهندية.
ولا ننسى دور المخابرات السعودية
على الساحة الأفغانية, وارتباطاتها بالساحة الباكستانية, وان كانت روابطها
الداخلية, على الساحتين الأفغانية والباكستانية قد ضعفت, كونها لم تعمل على إعادة
بناء شبكات روابطها من جديد, واكتفت فقط باعتمادها على علاقاتها السابقة, وقت
ارتباط زعماء القتال (الجهاد) الأفغاني, مع منظومات المنظمات الوهابية السلفية, وقت
الوجود السوفياتي في أفغانستان, وآخر نشاط لجهاز الاستخبارات السعودي الخارجي – كما
تقول تقارير المخابرات المعنية بالشأن الأفغاني -, استضافته لجلسة سرية كخطوة تأخرت
كثيراً, ضمّت العديد من زعماء القبائل, وأمراء الحرب, وقيادات من الوهابيين
السلفيين السعوديين, والقادة السياسيين الأفغان, من كلا طرفي النزاع, وبمشاركة
واضحة من المخابرات الأميركية, والبريطانية, ومخابرات دول حليفة أخرى قبل
سنتين.
كما توجد هناك الإدارة الديمقراطية الأميركية الحالية, كطرف مهم جداً على
الساحة الأفغانية, فهي ترغب بالخروج من أفغانستان, وبالتالي يرى الحزب الديمقراطي,
أنّ الخروج المبكر من أفغانستان, سوف يعزّز شعبيته لدى الرأي العام الأميركي, لذلك
ترمي الإدارة الديمقراطية من المفاوضات والمحادثات السريّة مع طالبان, إلى تأمين
مسار سياسي جاذب لمقاتلي طالبان وكوادرها, من المستويات المنخفضة في هرم قيادة
الحركة والتصالح مع رموزها, وقد يبدأ الانسحاب الأميركي ببعض مئات من الجنود,
لاحقاً وفي قادمات الأيام والأشهر من أفغانستان المحتلة, وفق الجدول الزمني الذي
وضعته واشنطن لنفسها إن صدقت, وقت إعلان إدارة (أوباما واحد) عن إستراتيجيته لجهة
كابول , للتوصل إلى اتفاق مع طالبان, وأطراف أخرى مؤثرة.
وتتحدث المعلومات
والمعطيات الجارية, عن مفاعيل وتفاعلات الدور الإيراني النوعي والكمي, على الساحة
الأفغانية والباكستانية, فطهران تستطيع أن تلعب دوراً كبيراً, في تسهيل عملية
التفاوض والتحادث السري الأميركي – الطالباني, ليس فقط مع زعماء حركة طالبان
بنسختيها الأفغانية والباكستانية وأخواتهما, بل ومع رموز تنظيم القاعدة وشبكة
الزعيم جلال الدين حقّاني, وذلك عبر استخدام وتوظيف وتوليف قدرات الزعيم قلب الدين
حكمتيار, حيث الأخير حليف طهران الرئيسي في المسرح الأفغاني, وحكمتيار له علاقات
وثيقة مع كافة أطراف لعبة المواجهات العسكرية, على الساحة الأفغانية والباكستانية,
وله علاقات وثيقة مع المخابرات الباكستانية أيضاً, وشبكات مخابرات دولية أخرى تعمل
في أفغانستان وباكستان, وكان لشبكة حكمتيار مسنودةً من شبكة حقاني, الدور البارز في
دعم إيران, بالمزيد من المعلومات الأستخباراتية التي أتاحت ومكّنت طهران, من ملاحقة
وتصفية شبكة تنظيم جماعة جند الله السنيّة البلوشستانية, وزعيمها عبد الملك
ريغي.
كل المؤشرات السياسية, والأمنية, والدبلوماسية, والإعلامية, بجانب
المعلومات والمعطيات الجارية, تشي بأنّ هذا الأوان الشرق الأوسطي الساخن, يشهد
صراعاً استخباراتياً عنيفاً وعميقاً, رأسياً وعرضياً يمارسه الجميع, وخاصة بين
شبكات المخابرات والاستخبارات, التابعة والمرتبطة بمحور واشنطن – تل أبيب, والتي
تستهدف بالدرجة الأولى الجمهورية الإسلامية الإيرانية وحلفائها في المنطقة,
والساحات السياسية العربية القويّة والضعيفة, على حد سواء من ناحية, وبين أجهزة
المخابرات والاستخبارات الإيرانية المختلفة, وشبكات حلفائها المخابراتية في المنطقة
والعالم.
وتؤكد المعلومات المرصودة, أنّ شبكات الاستخبار الخاصة, بمحور واشنطن –
تل أبيب, والتي تستهدف الجميع, وعلى رأسهم إيران, تنهج نهجاً مختلفاً, في خلق
واستخدام العملاء والجواسيس, من خلال ما يعرف بعلم الاستخبار, بالشبكات العنقودية,
لمزيد من السريّة المطلقة, وللحفاظ على العناصر البشرية المستخدمة, التي تم تأهيلها
كأدوات استخبارية ثمينة, بحيث لا يعرف أي عنصر في هذه الشبكات العنقودية, أي زميل (
جاسوس) آخر له في ذات الشبكة, وتكوينها البشري الأستخباري.
وتذهب ذات المعلومات,
أنّ جهاز المخابرات الإيراني, والذي يمتاز بالحس الأستخباري العالي التقني, استطاع
تفكيك إحدى الشبكات العنقودية الأستخبارية, العاملة في الداخل الإيراني, والتي تملك
قاعدة بيانات ومعلومات DATA, من شأنها التأثير على الأمن القومي الإيراني, وهذه
الشبكة العنقودية الأنف ذكرها, تابعة لمحور الخراب في المنطقة, المحور العبري –
الأمريكي, حيث تم كشف من يقف وراء اغتيال العلماء الإيرانيين المسلمين في
حينه.
كما تتحدث المعلومات, أنّ ما فعلته المخابرات الإيرانية, كان بمثابة
الصدمة التي لم تستوعبها, أجهزة المخابرات الأمريكية والإسرائيلية, حيث تم كشف إحدى
الشبكات الذهبية الأستخبارية العنقودية, العاملة في الداخل الإيراني, والتي يصعب
اكتشافها, مما قوّض عمل شبكات الاستخبار الأخرى - الساكنة - التي لم تكشف
بعد, لجهة الداخل الإيراني, ولجهة الخارج الإيراني, وتحديداً دول الجوار الإيراني
الإقليمي.
وتشير المعلومات, أنّ المخابرات الإيرانية, وعبر عمليات استخبارية
داخلية دقيقة, وخارجية تعاونية, ذات تنسيق أمني صادق وعميق, مع أجهزة المخابرات
التركية الفرع الخارجي- رغم التنافس بين طهران وانقرا- وجناح في جهاز مخابرات عربي
إقليمي, استطاعت كشفها - أي تلك الشبكة - وما تحوزه من معلومات وأجهزة تجسس, ذات
تقنيات عالية مربوطة, بالأقمار الصناعية التجسسية والتي تزخر بها سماء إيران,
والشرق الأوسط.
:المحامي محمد احمد الروسان*
*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية
الأردنية*
www.roussanlegal.0pi.com
mohd_ahamd2003@yahoo.com